طهران - أ ف ب - كما في 23 أيار مايو 1997، قال الايرانيون بأكثرية ساحقة نعم للرئيس محمد خاتمي، ومنحوه تفويضاً جديداً واسعاً للمضي في برنامجه الاصلاحي. لكن فوزه الكاسح قد لا يكون عاملاً مهماً خارج توافق فعلي مع المحافظين، يشارك فيه ويباركه مرشد الجمهورية آية الله علي خامنئي. والإيرانيون الذين احتكموا الى صناديق الاقتراع 22 مرة خلال عقدين فقط هما عمر الثورة، قالوا نعم لخاتمي قبل أربع سنوات ثم لأنصاره الذين احتلوا المجالس البلدية في شباط فبراير 1999 ثم مجلس الشورى البرلمان في شباط 2000. وإذا كان المحافظون فقدوا غالبيتهم المريحة في المجلس التي كانت تسمح لهم باقتراح القوانين وتمريرها، فإنهم في المقابل لم يفقدوا قدرتهم الهائلة على التعطيل. ويدرك الإيرانيون أن الاصلاحات الموعودة لم تتحقق خلال الولاية الأولى لخاتمي، لا لأن الرئيس عاد عنها بل، لأنه كان مكبل اليدين. فالدستور الذي فصِّل قبل عشرين سنة بمفاهيم الخميني يعطي الرئيس صلاحيات محدودة جداً، فيما الصلاحيات الحقيقية في كل مجال تبقى للمرشد والمؤسسات التي لها الكلمة الفصل، كمجلس صيانة الدستور "المصفاة" الكبيرة للمرشحين والقوانين، ومجلس تشخيص مصلحة النظام، أعلى هيئة للتحكيم في النظام الإيراني ويخضع كل هذه المؤسسات لسيطرة المحافظين. والحكومة المقبلة، التي أكد الاصلاحيون أنها ستكون "حازمة" ليست دستورياً هي التي تقر او تقرر الخطوط الكبرى للسياسات الاستراتيجية للبلد، سواء في الاقتصاد أو الدفاع أو العلاقات الخارجية. والدستور واضح تماماً في مادته العاشرة بعد المئة، التي توكل الى "الولي الفقيه" صلاحيات مطلقة فيما ولايته مستمرة مدى الحياة. فالمرشد هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو الذي يصادق على انتخاب رئيس الجمهورية ويعزله، وهو الحَكَم والمرجع الأخير بين السلطات الثلاث. ويقول استاذ العلوم السياسية السابق في جامعة طهران محمد حيدري: "سيكون على خاتمي الذي يمكنه ان يقول على رؤوس الاشهاد انه أتى بقوة الشعب، ان يحل مشكلة صلاحياته... بتعديل الدستور من دون أن يبدو كأنه خلع جبة رجل الدين ومن دون ان يتجاوز بولايته الخارجة من صناديق الاقتراع، ولاية الفقيه".