} نجح الرئيس الإيراني محمد خاتمي في انتزاع البرلمان من قبضة المحافظين، إذ وصل حوالى مئتين من أنصاره إلى موقع تشريع القوانين، ولم تختلف طبيعة نتائج الدورة الثانية للانتخابات البرلمانية عن نتائج الدورة الأولى، لكن الظروف كانت مختلفة، إذ تعرض الاصلاحيون لأعنف حملة عشية انتخابات الجمعة الماضي، واعتمدوا نهج التهدئة في مواجهة اقفال عدد كبير من صحفهم، وإثارة الرأي العام ضدهم على خلفية ما يصفه المحافظون ب"فضيحة مؤتمر برلين". أقر المحافظون بالخسارة في الانتخابات، وتحدثت مصادرهم عن الفوز بعشرة مقاعد من أصل 66 كانت محور المنافسة في الدورة الثانية، فيما حصد المستقلون 9 مقاعد. لكن فوز الاصلاحيين ينتظر مصادقة مجلس صيانة الدستور ذي الغالبية المحافظة على نتائج الدورة الثانية ونتائج طهران المعلقة منذ الدورة الأولى، وسط دعوات من المحافظين إلى إلغاء انتخابات طهران، اثر إعلان المجلس مخالفات تصل نسبتها إلى 20 في المئة. وسارع أنصار خاتمي إلى استبعاد هذا الخيار، مؤكدين ان النتائج ستكون ذاتها إذا اعيدت الانتخابات، فيما جدد حزب "جبهة المشاركة" القريب من الرئيس تأييده المرشد آية الله علي خامنئي، مشدداً على ان البرلمان الجديد سيتحرك ضمن "الأسس الثورية" ونظام الجمهورية الإسلامية، مما يعتبر تحركاً لسحب البساط من تحت المحافظين الذين يخوضون حملتهم تحت عنوان "حماية القيم الثورية وولاية الفقيه". وحصدت اللوائح الائتلافية الاصلاحية في الانتخابات التي أجريت دورتها الأولى في شباط فبراير الماضي، أكثر من 80 في المئة من مقاعد البرلمان 290 مقعداً وفق "جبهة المشاركة". وفاز هذا التيار ب29 مقعداً من أصل 30 هي عدد مقاعد العاصمة. واستمر السجال حول فوز الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني بالمقعد الثلاثين. وفتح المجلس الدستوري باب المفاجآت في شأن نتائج طهران، إذ جدد تأكيده حصول مخالفات واسعة أدت إلى تباين واسع بين النتائج المعلنة عن وزارة الداخلية وتلك التي أظهرتها إعادة الفرز في بعض الصناديق. ومع نفي الأمين العام للمجلس احتمال إلغاء نتائج الاقتراع في طهران، حرص الاصلاحيون على الدفع باتجاه عدم الإلغاء، إذ أكد الناطق باسم ائتلافهم بهزاد نبوي عدم اطلاعه على نية أي مؤسسة رسمية إلغاء النتائج. لكنه حذر من أن النتيجة ستكون وبالاً على المحافظين ولن تتغير إذا اعيدت الانتخابات. وكان يرد على تصريحات للنائب المحافظ محمد جوار لاريجاني الذي دعا إلى إلغاء نتائج طهران بسبب "المخالفات الكبيرة". وتحدث آية الله يزدي، إحدى أبرز الشخصيات المحافظة، عن اختلاف في النتائج يصل إلى عشرين في المئة. ولا بد أن يصادق مجلس صيانة الدستور على مطابقة القوانين مع الشريعة الإسلامية والدستور، ويرجح ان تزداد الخلافات بين البرلمان والمجلس في شأن القوانين، مما سيؤدي إلى احالتها على مجمع تشخيص مصلحة النظام الذي يرأسه هاشمي رفسنجاني. وما زالت نتائج الاقتراع في طهران التي حُسمت منذ الدورة الأولى في 18 شباط، محاطة بهالة من الغموض. وينتظر بتها في شكل نهائي الأربعاء. ودعا أنصار خاتمي منافسيهم المحافظين إلى قبول الخسارة والانصراف إلى مراجعة مواقفهم وأساليب عملهم، واعتبر حزب "جبهة المشاركة" ان "لا رجعة عن طريق الاصلاحات على رغم كل الضغوط". ورأى ان "الفوز الساحق للاصلاحيين حمل رسالة واضحة موجهة إلى الذين حاولوا الاستفادة من الأساليب غير القانونية، او الاجراءات شبه القانونية، لإحباط حركة الاصلاح". وكان الحزب يرد على الحملة التي تعرض لها التيار الاصلاحي من قبل المحافظين على خلفية "مؤتمر برلين"، إضافة إلى تعطيل القضاء موقتاً 16 مطبوعة اصلاحية. ومعروف ان المؤتمر عقد تحت عنوان "إيران ما بعد الانتخابات"، واعتبره المحافظون "محاكمة للجمهورية الإسلامية". إلى ذلك أ ف ب، نفت الخارجية الإيرانية أمس ان تكون شاركت في المؤتمر، وأكدت في بيان وزعته كان "عملية لا علاقة لها بالدولة"، ولم تشارك فيها الوزارة أو سفارة إيران في برلين. ويلاحق القضاء ثمانية أشخاص في إطار هذه القضية.