شهدت قاعات مجلس الشورى الايراني البرلمان في الأسبوع الماضي عراكاً بين نواب الجناح الاصلاحي والجناح المحافظ، وجاءت المعركة على خلفية رفض أو قبول الرسالة التي وجهها مرشد الجمهورية الاسلامية السيد علي خامنئي وطلب فيها سحب مشروع تعديل قانون الصحافة من جدول أعمال المجلس. إذ ان "ولاية الفقيه" في الدستور الايراني تمنح المرشد صلاحيات مطلقة وتعطيه حق التدخل في مؤسسات البلاد واداراتها. ورأى الجناح الاصلاحي ان موقع البرلمان واستقلاليته أصبحا في موقف حرج قد يصل الى الغاء دوره مستقبلاً، فيما اعتبر الجناح المحافظ ان تدخل المرشد اصبح ضرورة في ظل تراجعه المستمر داخل المؤسسات والادارات. لكن هذا التدخل أجج بالصراع السياسي ودفعه الى نقطة متقدمة تشجع الجناح المحافظ على توجيه مزيد من الضربات للجناح الاصلاحي مستفيداً من موقع المرشد أو مورطاً اياه في ذلك الصراع. ويبدو ان رئيس المجلس مهدي كروبي آثر الانحناء أمام تدخل خامنئي في عمل المجلس على خلفية قبوله بالولاية المطلقة له. فكروبي يعتبر "ولاية القائد المرشد خارجة عن مجال الانتقاد او المعارضة"، وشكل موقفه ضربة للجناح الاصلاحي الذي حمله الى النيابة ثم الى رئاسة المجلس. في حديث مع "الحياة" أجرته قبل التطورات الأخيرة، راجع ص8، وهو الأول لصحيفة داخلية او خارجية، أشار كروبي الى "قبوله برأي القيادة انطلاقاً من مبدأ التبعية والولاية، بعيداً عن القانون الذي يحترمه ويعمل في اطاره". ففضلاً عن عدم الدخول في نقاش مدى ما قد يتركه هذا الأمر من آثار سلبية على العملية الديموقراطية التي تميز الحياة السياسية الايرانية. وعن القوانين التي أقرها المجلس السابق ومن ضمنها قانون الصحافة يقول كروبي "ان هذه القوانين متسرعة ومتعجلة وعيوبها ونواقصها ظاهرة"، مشيراً في الوقت نفسه الى ان هذا المجلس لم يشكل حجر عثرة أمام عمل رئيس الجمهورية محمد خاتمي "بل أبدى تعاوناً، خصوصاً في موضوع الموازنة"، مؤكداً من جهة اخرى "ان على المجلس الجديد ضرورة اعادة النظر في قانون الصحافة وهيئة الرقابة اصلاحاً او تعديلاً، ومسألة الاستثناء في القوانين". ويعتبر كروبي "ان هذا المجلس لن يستطيع النهوض ببعض الآمال المعقودة عليه"، قائلاً "إن الجناح الاصلاحي أطلق شعارات لا يستطيع التزامها"، ومشيراً الى ان "كل طرف يسعى الى مركز السلطة بأي ثمن من طريق ايجاد أجواء مسمومة داخل المجتمع".