ثبت مرشد الجمهورية الاسلامية آية الله علي خامنئي ثلاثة من كبار رجال الدين المعروفين بولائهم لليمين المحافظ في عضوية "مجلس أمناء الدستور" الذي يعد أعلى هيئة للرقابة الدستورية في النظام الايراني. وأعلن خامنئي، في بيان رسمي، التجديد لآيات الله أحمد جنتي وغلامرضا رضواني وأبو القاسم فزعلي في عضوية المجلس، مؤكداً "وجوب" أن يعمل مجلس أمناء الدستور على مراقبة القوانين التي يشرعها مجلس الشورى البرلمان ومراجعتها و"الحرص على أن لا تتعارض مع أحكام الاسلام ومبادئ الدستور". والفقهاء الثلاثة كانوا أعضاء في المجلس الدستوري طيلة السنوات الماضية، وانتهت مدة عضويتهم أخيراً، وجدد لهم خامنئي لدورة مقبلة. ويحدد الدستور مهمتين لهذا المجلس هما "صيانة الدستور وتفسيره وتطبيقه" و"الاشراف على الانتخابات والاستفتاءات". ويتألف المجلس من 12 عضواً، ستة فقهاء يعينهم المرشد، وستة رجال قانون يختارهم البرلمان من بين لائحة أسماء تقترحها السلطة القضائية. وعلى رغم انه يفترض أن تكون هذه المؤسسة الدستورية العليا بعيدة عن التجاذبات السياسية والاعلامية كونها هيئة رقابة دستورية على القوانين والتشريعات، فانها باتت مادة سجال وانتقادات لاذعة خلال السنتين الأخيرتين، خصوصاً انه منح نفسه صلاحية "الرقابة الاستصوابية" في أي انتخابات شعبية تجرى في البلاد، أي النظر في "أهلية" المرشحين للانتخابات أو منعهم من المشاركة. ويقول "الراديكاليون" و"المعتدلون" ان المحافظين يهيمنون على هذا المجلس هيمنة شبه مطلقة، اذ ان 11 عضواً فيه معروفون بولائهم لليمين المحافظ، عدا النائب الأول للرئيس الايراني حسن حبيبي، ويشددون على أن المحافظين يتخذون من "مجلس أمناء الدستور" "مقصلة" لاقصاء منافسيهم عن المنافسة بصورة مبكرة. وقد يكون تجديد المرشد الايراني للفقهاء الثلاثة في عضوية المجلس الدستوري "طبيعياً" أو خالياً من خلفيات سياسية خصوصاً وأن خامنئي طرح أخيراً أنه ينظر الى كل التيارات والمسؤولين "كأبناء في أسرة واحدة"، مشدداً على "الوحدة الداخلية" ومؤكداً "وجود تضامن وطني" ونافياً وجود "أجنحة في النظام". لكن توقيت قراره تثبيت رجال الدين المحافظين الثلاثة في عضوية المجلس يكتسب أهمية بالغة، خصوصاً جنتي الذي يعد من الرموز البارزة لليمين المحافظ، والذي لا يخفي "الاصلاحيون" الملتفون حول الرئيس سيد محمد خاتمي انتقاداتهم له، ويقولون انه أحد "أركان التشدد" ومن كبار معارضي التوجهات والسياسات الاصلاحية للحكومة، وربما كان الاصلاحيون يتوقعون ان يحدث خامنئي توازناً ولو نسبياً بين جناحي النظام الرئيسيين في المجلس الدستوري تفادياً لأي تأويلات بتفضيل المرشد طرفاً على آخر، ويعيّن فقهاء محسوبين على التيار الاصلاحي أو مستقلين. وستشهد ايران أحد أهم الاستحقاقات الانتخابية في المرحلة المقبلة، وهو انتخابات مجلس خبراء القيادة الذي يتمتع بصلاحية انتخاب "ولي الفقيه" المرشد وعزله. وستجري الانتخابات بعد 3 أشهر، ولا يخفى أن أطراف الحكم والنظام الاساسيين يعولون على هذا الاستحقاق لتثبيت حضورهم ونفوذهم السياسي خصوصاً ان انتخاب نحو ثمانين رجل دين سيتم بالاقتراع الشعبي العام.