بيروت - "الحياة" - قال البطريرك الماروني نصر الله صفير أمس "إننا نريد العيش في طمأنينة وأمان وسلام، بعضنا مع بعض في لبنان، على اختلاف الانتماءات الدينية والمذهبية، وفي أمان وسلام وتعاون وتنسيق مع جيراننا الذين تجمعنا بهم أمور كثيرة منها التاريخ والجغرافيا". وأضاف "ان الجار الأول هو سورية، وهذا شيء مفروغ منه، إنما في الوقت نفسه، نقول إن احترام الجيرة يقضي ان يتدبر كل جار شؤونه الداخلية بذاته، أما الشؤون غير الداخلية فهناك مجال للحوار والتنسيق في شأنها". وأمل "أن يعي جميع اللبنانيين واجباتهم، وأن يعي المسيحيون أنهم ليسوا بطارئين على هذا البلد، فهم في أساسه". وكان صفير يتحدث امام وفد من محامي "القوات اللبنانية" المحظورة الذي سلمه مذكرة تضمنت موقفاً لقائدها الدكتور سمير جعجع يشير الى أنه "من زنزانته يصلي ويدعو الى الوحدة المسيحية كدعامة أساسية لوحدة الوطن بجميع عائلاته، ويعتبر ان المدخل الصحيح الى ذلك لا يكون إلا بطي صفحات الحرب الأليمة بكل تشعباتها بالتعاون الصادق بين الجميع". وأشارت المذكرة الى أن مشاركة "القوات" في "لقاء قرنة شهوان" هي "أفضل تعبير عن توجهنا الحواري الوفاقي ووقوفنا على أرض بكركي الصلبة". وأكدت أن "إطلاق جعجع وعودة العماد ميشال عون هما المدخل الصحيح لتحقيق التوازن والوفاق الوطني الحقيقي". وقال صفير: "إننا ننادي بالعيش المشترك، ولا يمكن التنكر له، لذلك نأمل أن يلتف جميع اللبنانيين حول لبنان. يقال إن بعضاً من اللبنانيين خائف، وبعضاً مغبون. لكن الخوف والغبن لا يبنيان وطناً والتخويف كذلك، ويجب ان تكون هناك ثقة متبادلة. فالمسلمون والمسيحيون في لبنان لهم وطن واحد وتاريخ واحد ومستقبل واحد ويجب ان يعملوا معاً على هذا الأساس. وإذا لم تكن هناك مصالحة، يبقى الأمل ضعيفاً بأن ينهض الوطن، ويشعر جميع اللبنانيين أنهم يعيشون في ظله وكنفه". والتقى صفير النائب نعمة الله ابي نصر الذي لفت الى"أن وثيقة قرنة شهوان أكدت المسلمات الوطنية وكرست بكركي مرجعية وطنية، مطالباً بتنفيذ اتفاق الطائف. وأكد انه لن يذهب الى سورية لاستقبال البابا يوحنا بولس الثاني لأن "غبطته لن يذهب". الى ذلك، باشر المشاركون في لقاء قرنة شهوان تحركهم. فزار وفد منهم مطرانية بيروت للروم الأرثوذكس واجتمع مع المطران الياس عودة. ودعا النائب بطرس حرب بعد اللقاء، الى التعاطي مع الورقة "من منطلق عقلاني ووطني"، مناشداً الجميع "إعادة تلاوة مضمونها بموضوعية مجردة، وعدم إطلاق النار عليها، لأن ليس القصد منها إحداث جو من الجدل السياسي، ولا تصويرها موجهة من فريق الى فريق، فهي أطلقت بنية التعاون بين كل القوى السياسية حول مضمونها وتقديم اقتراحات، علّنا من خلال التفاعل الإيجابي نستطيع ان نتفق على طريقة لتحسينها". واستغرب الانتقادات التي وجهها حزب "البعث" الى الوثيقة، نافياً اي اتجاه لدى واضعيها الى تشكيل جبهة سياسية. وبحث المطران عودة في مضمون الوثيقة مع النائب فارس بويز الذي وصف المبادئ التي وردت فيها ب"الوطنية العامة". لكنه انتقد التكتيك الذي مورس في تطبيقها. وتحفظ عن ورود عبارة أن "لا رجوع عن الإصلاحات الدستورية"، معتبراً أن "الدساتير والمواثيق وضعت لتكون في خدمة الناس وتعبر عن توجهاتهم". ورأى النائب جورج ديب نعمة "أن لبنان يحتاج الى مناخ حوار وطني شامل، لا محرمات فيه ولا شروط ولا ممنوعات كي يتمكن فعلاً من النهوض السياسي والاقتصادي وسلوك طريق الاستقرار والبناء"، مشيداً بوثيقة قرنة شهوان، وداعياً من تَسَرَّعَ في إعلان موقف منها الى التروي. وأكد حزب الوطنيين الأحرار التزامه الوثيقة، ودعا إلى "إيلائها اكبر مقدار من الاهتمام والتعاطي معها بإيجابية مطلقة". وأسف "لردود الفعل المتشنجة التي تفضح مقاصد اصحابها ونياتهم". وأمل بأن تسهم هذه الردود في "إسقاط ورقة التين عنهم ليدرك الرأي العام في لبنان وخارجه هزالة انتمائهم الوطني ويفضح مدى ارتباط مصالحهم بالأمر الواقع المرفوض واستماتتهم في العمل لاستمراره".