تتواتر اجتهادات عدد من الرؤساء السابقين والحاليين في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية في تسويق أفكار عنصرية لمواجهة ما يسمونه "الخطر الديموغرافي" الفلسطيني على الطابع اليهودي - الصهيوني لإسرائيل، ويتسابقون في ما بينهم لطرح حلول ترتكز أساساً إلى تنفيذ سياسة الترحيل الترانسفير، خصوصاً ضد فلسطينيي عام 1948. وتتساوق هذه الأفكار مع الأجواء اليمينية المعبأة. وكشفت نتائج استطلاع للرأي اجراه "مركز أبحاث الأمن القومي" في جامعة حيفا في أوساط المواطنين اليهود تبني هؤلاء مواقف عنصرية ضد العرب وتأييدهم كبت حرياتهم. وحسب معدي الاستطلاع المحاضرين الجامعيين عامي فدهتسور وبادي حسيسي، فإن الهدف الرئيسي للاستطلاع تمثل في استبطان مواقف المواطنين اليهود للقيم الديموقراطية المتعارف عليها في موازاة رغبتهم بالحفاظ على الأمن الداخلي. وجاء الاستطلاع الذي كشفت مضمونه صحيفة "الاتحاد" الحيفاوية بالنتائج التالية: - 40 في المئة من اليهود يعارضون مساواة كاملة في الحقوق للمواطنين العرب، مقابل 57 في المئة يؤيدونها. - 25 في المئة يؤيدون حكومة غير ديموقراطية، يتفقون معها على حكومة ديموقراطية لا يتفقون معها. - 68 في المئة قالوا إن حال الطوارئ وأنظمة الطوارئ ضرورية وحيوية للحفاظ على الأمن القومي لإسرائيل، بينما عارض 32 في المئة هذا الموقف. - 68 في المئة يرون في الاعتقال الإداري أداة شرعية لغرض "الدفاع عن الدولة". - 52 في المئة قالوا إن تدخل المحكمة العليا في المسائل الأمنية يشكل خطراً على أمن الدولة. ورداً على سؤال عن ماهية الهيئات التي ينبغي تخويلها معالجة "ظواهر التطرف السياسي"، أيد 59 في المئة تخويل جهاز الأمن العام "الشاباك" الذي لا تسري عليه أحكام القوانين العامة صلاحية الرد على الجنح الايديولوجية من جانب المواطنين العرب. وأيد 61 في المئة من اليهود اللجوء إلى وسائل عسكرية وليس إلى وسائل بوليسية من أجل تحقيق نتائج ناجعة في معالجة أعمال عنف ضد المواطنين العرب "على خلفية قومية". وكان مؤتمر استراتيجي عقد أخيراً في منطقة تل أبيب تقدم إلى رئيس الدولة موشيه كتساف بوثيقة أوصت باتخاذ اجراءات لمواجهة التهديد الديموغرافي الفلسطيني، منها تحديد النسل واعتماد سياسة "الترانسفير" ضد المواطنين العرب. ولفتت صحيفة "الاتحاد" إلى تواتر المقالات في الصحف بأقلام رؤساء أجهزة الأمن والتي تحمل في طياتها مقترحات لخطوات يتعين أن يتخذها كل من هو على استعداد لمواجهة "الخطر الديموغرافي". وحسب الخبير العسكري الجنرال في الاحتياط شلومو غزيت، فإنه ينبغي بداية الاعتراف بوجود الخطر وبالحاجة الحيوية والملحة في رؤيته خطراً وجودياً وطرحه حتماً كأفضلية عليا لانتهاج سياسة طوارى أمنية. كما ينبغي اتخاذ خطوات تحول دون إضافة عرب إلى الدولة، ومعنى ذلك رفض مطلق للمطلب الفلسطيني بالعودة وإقرار حدود للدولة لا تضيف عرباً من الخارج إلى تخومها". ويضيف غزيت: "لا أرى أن جهاز الحكم في إسرائيل، ذلك الجهاز المطوق بأصول اللعبة الناجمة عن ضعف الحكومة وضعف الكنيست، قادر على أداء المهمة من غير مناخ طوارئ ومن غير خطوات طوارئ حتى يتحقق خلاصنا". ويرى رئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلية الخارجية موساد افرايم هليفي ان المعركة بين إسرائيل وجاراتها، وبين إسرائيل والفلسطينيين، ليست معركة جغرافية في جوهرها، إنما "معركة تاريخية - وجودية". ويجعل هليفي الربط بين "روح الصهيونية" وبين "أمن إسرائيل" بمثابة "الدواء السحري للشعب اليهودي اينما وجد، لأن أمن إسرائيل لا يتوقف عند حدودها، إنما يتعداها إلى كل أقطار العالم".