القصيم تحقق توطين 80% من وظائف قطاع تقنية المعلومات    إجراء قرعة بطولات الفئات السنية للدرجة الثانية    «خليجي 26»: رأسية أيمن حسين تمنح العراق النقاط ال 3 أمام اليمن    الأخضر يتعثر أمام البحرين    المنتخب العراقي يتغلّب على اليمن في كأس الخليج 26    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية "أرويا"    رحلة تفاعلية    المدينة المنورة: وجهة استثمارية رائدة تشهد نمواً متسارعاً    الشرع : بناء سوريا سيكون بعيدا عن الطائفية والثأر    للمرة الثانية أوكرانيا تستهدف مستودع وقود روسيا    القمر يطل على سكان الكرة الأرضية بظاهرة "التربيع الأخير"    صلاح يعيد ليفربول للانتصارات بالدوري الإنجليزي    مشاهدة المباريات ضمن فعاليات شتاء طنطورة    وزير الداخلية يبحث تعزيز التعاون الأمني ومكافحة تهريب المخدرات مع نظيره الكويتي    سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    شرطة العاصمة المقدسة تقبض على 8 وافدين لمخالفتهم نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص    39955 طالبًا وطالبة يؤدون اختبار مسابقة "بيبراس موهبة 2024"    الأمير فيصل بن سلمان يوجه بإطلاق اسم «عبد الله النعيم» على القاعة الثقافية بمكتبة الملك فهد    المشاهير وجمع التبرعات بين استغلال الثقة وتعزيز الشفافية    مقتل 17 فلسطينياً.. كارثة في مستشفى «كمال عدوان»    اتفاقية لتوفير بيئة آمنة للاستثمار الرياضي    السعودية تستضيف غداً الاجتماع الأول لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب    نائب أمير منطقة مكة يستقبل سفير جمهورية الصين لدى المملكة    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    السعودية واليمن تتفقان على تأسيس 3 شركات للطاقة والاتصالات والمعارض    نائب أمير الشرقية يفتتح المبنى الجديد لبلدية القطيف ويقيم مأدبة غداء لأهالي المحافظة    جمعية المودة تُطلق استراتيجية 2030 وخطة تنفيذية تُبرز تجربة الأسرة السعودية    ولادة المها العربي الخامس عشر بمحمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    ولادة المها العربي ال15 في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    نجاح عملية جراحية دقيقة لطفل يعاني من ورم عظمي    شركة آل عثمان للمحاماة تحصد 10 جوائز عالمية في عام 2024    اليوم العالمي للغة العربية يؤكد أهمية اللغة العربية في تشكيل الهوية والثقافة العربية    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    "الوعلان للتجارة" تفتتح في الرياض مركز "رينو" المتكامل لخدمات الصيانة العصرية    فتيات الشباب يتربعن على قمة التايكوندو    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    تنفيذ حكم القتل بحق مواطنيْن بتهم الخيانة والانضمام لكيانات إرهابية    أسمنت المنطقة الجنوبية توقع شراكة مع الهيئة الملكية وصلب ستيل لتعزيز التكامل الصناعي في جازان    طقس بارد إلى شديد البرودة على معظم مناطق المملكة    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    «كنوز السعودية».. رحلة ثقافية تعيد تعريف الهوية الإعلامية للمملكة    ضبط 20,159 وافداً مخالفاً وترحيل 9,461    ولي العهد يطمئن على صحة ملك المغرب    «العالم الإسلامي»: ندين عملية الدهس في ألمانيا.. ونتضامن مع ذوي الضحايا    إصابة 14 شخصاً في تل أبيب جراء صاروخ أطلق من اليمن    «عكاظ» تنشر توصيات اجتماع النواب العموم العرب في نيوم    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    «يوتيوب» تكافح العناوين المضللة لمقاطع الفيديو    لمحات من حروب الإسلام    معرض وزارة الداخلية (واحة الأمن).. مسيرة أمن وازدهار وجودة حياة لكل الوطن    رحلة إبداعية    «موسم الدرعية».. احتفاء بالتاريخ والثقافة والفنون    السعودية أيقونة العطاء والتضامن الإنساني في العالم    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    وصول طلائع الدفعة الثانية من ضيوف الملك للمدينة المنورة    الأمر بالمعروف في جازان تفعِّل المعرض التوعوي "ولاء" بالكلية التقنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد التهديد بطرد العرب ما هو مستقبل فلسطينيي 1948؟ . سبعة خيارات "اسرائيلية" تتراوح بين الطرد والدولة ... وأوفرها حظاً الوضع الراهن
نشر في الحياة يوم 09 - 12 - 2001

} بعد رفع الحصانة عن النائب العربي عزمي بشارة وقيام مجموعة من تكتل الليكود برفع شكوى ضد النواب العرب بات وضع الأقلية العربية مليون نسمة في فلسطين 1948 أكثر صعوبة من السابق.
والسؤال: ما هي خيارات حكومة شارون وخصوصاً بعد تصاعد العنف وقصف مقر الرئاسة، وضرب البنية التحتية للسلطة الفلسطينية، وتهديد اسرائيل بطرد العرب؟
مع توقيع اتفاقات "أوسلو" بين اسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، ازداد الوضع السياسي لفلسطينيي 1948 تعقيداً، وباتت عملية "الأسرلة" تجد مسوغات لها، بعد أن فصمت الاتفاقات عرى الترابط بين أبناء الشعب الفلسطيني. في المقابل لُوحظ ان الاهتمام الأكاديمي والسياسي بوضع العرب الفلسطينيين في الكيان الاسرائيلي، ازداد في شكل ملحوظ، وطرح الكثير من الأفكار القديمة/ الجديدة، بهدف تنظيم وضعهم في اطار اتفاق دائم مع السلطة الفلسطينية. ولعل أهم ما يلاحظ ان مراكز البحث الاسرائيلية التي صاغت الكثير من السيناريوهات، حاولت ان ترسم التأثير الحاسم الذي سيكون لعملية السلام وللتسوية الدائمة بين الفلسطينيين واسرائيل على مكانة فلسطينيي 1948، وعلى المطالبة بتغيير الوضع القائم.
ففي الدراسة الصادرة عن معهد أبحاث السلام "جفعات حفيفا" تبرز سبعة خيارات نظرية حول وضع فلسطينيي 1948، ويمكننا ان نتفحص الخيارات المطروحة من جوانب عدة: وصف الخيار، المعارضون والمؤيدون له، وأخيراً الاحتمالات المستقبلية لكل خيار.
الخيار الأول، خيار الوضع القائم:
ينطلق هذا الخيار من التسليم بأن اسرائيل هي "دولة يهودية ديموقراطية"، وهنا يحافظ الوضع القائم على حاله، ما يعني، انه على رغم تمتّع "مواطني" اسرائيل بالحقوق، فإن الغالبية اليهودية ستحتل مكانة أفضل. فالدولة تكون لليهود وليست لجميع مواطنيها، والدولة تعترف بالعرب مواطنين، لكن عدم انتمائهم الى "الأمة اليهودية" يجعل حقوقهم منقوصة، وبخاصة في ما يتعلق بقوانين تملك الأراضي.
المعارضون والمؤيدون لخيار الوضع القائم: في الجانب اليهودي، يقبل اليهود المنتمون الى جميع التيارات الصهيونية بالوضع القائم، لكن التيار "اليميني" يطمح الى تقوية الجانب اليهودي فيه، فيما يطمح الجانب "اليساري" الى تقوية الجانب "الديموقراطي". أما اليهود خارج اسرائيل فتقضي مصلحتهم المحافظة على الوضع القائم الذي يمنحهم الأفضلية، ومن المحتمل أن يدعموا مستقبلاً تفضيلاً ليهودية الدولة على اسرائيليتها.
أما فلسطينيو 1948 فيرفضون عموماً الوضع القائم، ويهدفون الى تحويل اسرائيل الى "دولة جميع مواطنيها"، لكن التيار المندمج بالأحزاب الصهيونية يقبل بصمت طابع الدولة، اعتقاداً منه بإمكان تقوية الجانب الديموقراطي.
أما السلطة الفلسطينية، فهي لا تتدخل في الجدل الدائر حول طابع الدولة، وتعتبر الموضوع برمّته مسألة اسرائيلية داخلية، لا تشملها المفاوضات الجارية بين الطرفين.
ويمنح المجتمع الدولي الشرعية الكاملة للوضع القائم، ويعتبر وضع العرب في اسرائيل قضية اسرائيلية محض داخلية.
الاحتمالات المستقبلية لخيار الوضع القائم: المؤشرات تدلّ الى ان الظروف التاريخية التي أدّت الى خلق الوضع القائم هي الكفيلة باستمراره، خصوصاً ان حجم التأييد له على غير صعيد، يطغى على الأصوات القليلة المعارضة له. لكنَّ ثمة سيناريو سلبياً يطرح نفسه وبإلحاح، وهو أن تتراجع ما يسميها الاسرائيليون ب"الديموقراطية المرنة" لحساب "ديموقراطية عرقية مغلقة"، ما يعني توفير الأرضية المناسبة لصراع محموم بين الأقلية العربية والأكثرية اليهودية حول طابع الدولة.
الخيار الثاني، خيار التحسين الأقصى في اطار الصهيونية:
ينطلق هذا الخيار من امكان الاستجابة لكثير من المطالب الجماعية للأقلية العربية، وتحسين وضعها، لكن هذا الخيار لا يتضمن تغييراً جذرياً في ماهية الدولة، باعتبارها دولة "يهودية ديموقراطية". إذ لن يكون هناك مساس بطابع دولة اسرائيل. بل يدعو هذا الخيار الى تحسين الحد الأقصى في أوضاع العرب، ويشمل تعزيز المساواة المدنية على المستوى الفردي واعطاء تمثيل أكبر في المؤسسات الاجتماعية العامة، وحكم ذاتي ثقافي واقامة مؤسسات تمثيلية واعتراف الدولة بهذه المؤسسات والتباحث معها.
المعارضون والمؤيدون لخيار التحسين: في الجانب اليهودي، يجد قبولاً له في حال التوصل الى حل دائم مع الفلسطينيين، لكن من غير أن يؤدي ذلك الى تصدّع مفهوم الدولة "اليهودية الديموقراطية". في حين يقف اليهود خارج اسرائيل موقفاً مؤيداً لهذا الخيار، ذلك أنه يقرّب اسرائيل من الديموقراطيات الغربية.
ويلقى هذا الخيار قبولاً واسعاً لدى فلسطينيي 1948 على أمل تعزيز الطابع "الديموقراطي" لإسرائيل.
وبالنسبة الى السلطة الفلسطينية فسوف تدعم هذا الخيار، طالما حققت كيانها السياسي، عبر بناء أقل من دولة وأكثر من حكم ذاتي. ومن غير المتوقع ان يمارس المجتمع الدولي، ضغطاً على اسرائيل لتطبيق هذا الخيار، لكنه من المرجح أن يشجعه من الناحية المبدئية لتحسين وضع الأقلية العربية، لأن من شأن ذلك تخفيف وطأة التمييز الواقع عليها.
الاحتمالات المستقبلية لخيار التحسين الأقصى: في حال وضع نهاية للصراع الفلسطيني - الاسرائيلي، فإن ذلك سينعكس ايجاباً على وضع العرب في اسرائيل، ما سيؤول مستقبلاً الى اشراك الأحزاب العربية في الحكومات الائتلافية.
الخيار الثالث، خيار التشدد:
يفترض هذا الخيار تشديد القيود المفروضة على المواطنين العرب، وتعاظم "اليهودية" على حساب "الديموقراطية".
المعارضون والمؤيدون لخيار التشدد: في الجانب اليهودي، من المرجح أن يؤيد "اليمين" المتطرف وأوساط دينية وأصولية هذا الخيار بحماسة كبيرة. في حين من الممكن ان تؤيد قطاعات من "الوسط" و"اليسار" تطبيق هذا الخيار بدرجات متفاوتة، وذلك في حال التوصل الى تسوية دائمة مع الفلسطينيين وإقامة الدولة الفلسطينية، لكن هذه القطاعات لن تؤيد الخطوات القمعية تجاه الأقلية لأنها تشكّل خطراً على استقرار النظام. في حين يعتبر اليهود خارج اسرائيل ان مثل هذه السياسة ستخلق حالاً من النفور لدى قطاعات واسعة من يهود الشتات تجاه اسرائيل، إذ من المتوقع ان تتحول قضية العرب في اسرائيل في ظل هذا الخيار الى قضية دولية، من الممكن أن تلقي بظلالها السلبية على مكانة اسرائيل.
أما فلسطينيو 1948، فلن يقبل معظمهم هذا الخيار، لأنه سيصعّد من حال الصدام، وصولاً الى انتفاضة شعبية، ومن ثم الى المطالبة بالحكم الذاتي، التي قد تصل الى حد المطالبة بالانفصال عن جسد اسرائيل.
أما الموقف المفترض للسلطة الفلسطينية، فمن الطبيعي أن تتأثر علاقاتها مع اسرائيل سلباً، وصولاً الى قطع العلاقات الديبلوماسية، وهناك احتمال آخر، هو القيام بعمليات عنيفة فردية أو منظمة ضد اسرائيل. ومن المرجح ان تتوثق العلاقات بين فلسطينيين 1948 والسلطة الى درجة التعاون ضد اسرائيل.
ومن المرجح أن خياراً كهذا سيؤدي الى تدهور كبير في مكانة اسرائيل في المجتمع الدولي، ما سينعكس على حجم المساعدات التي تتلقاها اسرائيل على غير صعيد.
الاحتمالات المستقبلية لخيار التشدّد: من المرجح أن هذا الخيار يمكن ان يتحول الى حقيقة دامغة في الحالات الآتية: وصول قوى يمينية راديكالية الى الحكم في اسرائيل، انهيار العملية السلمية والدخول في حال حرب مع الفلسطينيين، انجاز اتفاق سلام شامل مع الفلسطينيين ومطالبة صارمة من الأقلية العربية بتغيير الطابع اليهودي للدولة.
الخيار الرابع، خيار الانفصال و/أو الترانسفير:
يمكن ان يتخذ خيار الانفصال أحد الأشكال الثلاثة الآتية: فصل جغرافي، أو بناء كيان سياسي مستقل في المناطق التي تشكّل فيها الأقلية غالبية سكانية، أو فصل الزامي أو متفق عليه يتم بموجبه تبادل سكاني "ترانسفير".
المعارضون والمؤيدون لخيار الانفصال: في الجانب اليهودي، تؤيد أقلية هامشية من اليهود تنفيذ الترانسفير موليدت وسيلة لتحقيق الفصل العرقي، ويفضّل قسم آخر تشجيع هجرة العرب الإرادية. وتعارضه غالبية القوى السياسية، ذلك أن فكرة الترانسفير ستؤجج "العنف" الى أقصى حد. أما بالنسبة الى خيار الفصل الجغرافي، فسوف تعارضه جميع القوى السياسية في شكل صارم، إذ أنه يعني تقليص مساحة الدولة. بيد ان ثمة قلّة توافق على تعديلات حدودية طفيفة، خصوصاً في مناطق الضفة الغربية. أما اليهود خارج الكيان، فمن المرجح انهم سيعارضون خيار الترانسفير، في حين أنه من الممكن أن يؤيد قسم منهم هذا الخيار، وهم من يدعون الى ضم الضفة الغربية وقطاع غزة، أما خيار الانفصال الجغرافي فلا يجد تأييداً له.
وثمة معارضة شديدة لخيار الترانسفير عند فلسطينيي 1948، وبالنسبة الى خيار الانفصال الجغرافي، فهناك شبه اجماع على عدم جدوى هذا الخيار، وهناك أقلية هامشية تؤيد الأوتونوميا الحكم الذاتي، ولا يوجد أي تأييد لفكرة اقامة كيان مستقل ومنفصل، وتؤيد الغالبية العظمى من العرب تحقيق المساواة المدنية في اسرائيل، في اطار الاعتراف بهم أقلية قومية في اطار الدولة. ويعتقد العرب في اسرائيل ان خيار الانفصال الجغرافي والانضمام الى الدولة الفلسطينية العتيدة، سيؤديان الى تدهور حالهم الاقتصادية ومكانتهم السياسية، كما سيتطلبان منهم تأقلماً جديداً مع ظروف ليسوا معتادين عليها.
ومن المؤكد ان تعارض السلطة الفلسطينية خيار الترانسفير، لكنها لا تعارض بالشدة نفسها خيار الانفصال الجغرافي، بل سترى فيه تطبيقاً لفكرة "البرنامج المرحلي".
أما بالنسبة الى المجتمع الدولي، فمن المرجح أن تعارض الولايات المتحدة والمجموعة الأوروبية خياري الترانسفير والانفصال الجغرافي.
الاحتمالات المستقبلية للخيار الرابع: عبر التمعّن بالامكانات المستقبلية لخيار الانفصال، تتوضح الحقائق الآتية: نتيجة لعمليات مصادرة الأراضي واقامة المستوطنات اليهودية في الأماكن المأهولة بالسكان العرب، فإن 4.5 في المئة من مساحة اسرائيل هي ضمن ملكية العرب، ويقع 2.5 في المئة منها فقط في مناطق نفوذ السلطات المحلية العربية، وفي هذه المساحات الكثير من المستوطنات اليهودية. ونشأ هذا الوضع نتيجة لسياسة متواصلة، تقضي بمنع تواصل جيو - إثني بين المواطنين العرب. من هنا يتضح أنه لا يوجد للعرب قاعدة جغرافية متجانسة في مساحة تسمح لهم بالمطالبة بخيار الانفصال الجغرافي. في حين تعتبر منطقة المثلث المتاخم للحدود مع السلطة الفلسطينية، المكان الوحيد ذا الامكان الانفصالي، ويطرح من حين الى آخر امكان مبادلته بكتل استيطانية في الضفة الغربية. أما ما يخص خيار الترانسفير، فإنه سيؤدي الى فصل العرب عن وطنهم وتحويلهم الى لاجئين فيه، كما سيؤدي الى تدهور أوضاعهم الاقتصادية.
الخيار الخامس، خيار الدولة الاسرائيلية:
يسعى هذا الخيار الى فحص دلالات تحويل اسرائيل الى دولة "قومية" مدنية. وهناك صيغتان لتحقيق هذا الخيار في الواقع الاسرائيلي، الأولى: هيي دولة اسرائيلية عبرية، والثانية، هي دولة اسرائيلية متعددة الثقافات. وستكون للدولة في الحالين ميزات ليبرالية، وستلتزم مشاركة جميع المواطنين في الثقافة القومية بغض النظر عن دينهم أو قوميتهم. وبحسب هذا الخيار ستتبنى "الدولة" مبدأ المواطنة المشتركة لمواطنيها العرب واليهود، وستفرض الخدمة العسكرية على جميع مواطني الدولة، وستنفصل رسمياً عن هوية أفرادها القومية، العرقية، الثقافية والدينية، وستعلن الدولة "جمهورية اسرائيلية علمانية"، وسيتم الفصل بين مؤسسات الدولة والمؤسسات الدينية ويتم تغيير قانون العودة، وستصان حرية المساواة والعقيدة في خيار الدولة الإسرائيلية.
المعارضون والمؤيدون لخيار الدولة الاسرائيلية: في الجانب اليهودي هناك معارضة شديدة لهذا الخيار قد تصل الى درجة المقاومة العنيفة، وخصوصاً من قطاعين في الجمهور اليهودي: التيار اليهودي الأرثوذكسي الذي يرفض التصور العلماني الداعم للفصل بين الدين والقومية، والتيار الآخر الذي يرفض هذا الخيار، هو الجمهور التقليدي الفقير الذي يعيش في مدن التطوير وفي الأحياء الفقيرة، هذا الجمهور بحاجة الى الدعم المادي والمعنوي الذي تكفله الدولة بفضل هويتها اليهودية، وسيتعامل مع المس بالعلاقة بين اليهودية والدولة على أنه تفضيل للعرب عليه.
كما سيرفض اليهود غير المتدينين هذا الخيار بسبب التزامهم الصهيونية وطابع الدولة اليهودي وغير الديني. في حين يؤيد العلمانيون الدمج الكامل للعرب، لكن هذا لا يدفعهم نحو تأييد التغيير الجذري في طابع الدولة اليهودي. أما في ما يخص اليهود خارج اسرائيل، فمن المرجح أن فصل الدين عن الدولة سيضعف علاقة اليهود الأرثوذوكسيين مع اسرائيل، ولهذا سيقفون في وجه هذا الخيار، في حين ستلقى صيغة التعددية الثقافية الترحاب من اليهود الاصلاحيين والعلمانيين.
أما فلسطينيو 1948، فمن المتوقع أن يؤيدوا هذا الخيار. ومن ناحية أخرى ستعارض أوساط دينية عربية، وحتى أصحاب الهوية الفلسطينية منهم خيار الدولة الاسرائيلية.
ومن المرجح ان تقابل السلطة الفلسطينية هذا الخيار بالرفض والتحفظ، ذلك أنه سيلغي أي امكان للتدخل في شؤون العرب في اسرائيل.
أما المجتمع الدولي، فمن المرجح ان خيار "الدولة الاسرائيلية" سيحسن من مكانة اسرائيل لديه، وسيضعف من صورتها كدولة عرقية تعامل اقلياتها بطريقة غير مقبولة في الغرب.
الاحتمالات المستقبلية لخيار "الدولة الاسرائيلية": من المستبعد جداً ان يلقى هذا الخيار أي نصيب من النجاح، لرفض غالبية اليهود وأوساط واسعة لدى العرب له، لذا فإن احتمالات تحققه ضئيلة جداً.
الخيار السادس، خيار الدولة الثنائية القومية داخل "الخط الأخضر":
ينطلق هذا الخيار من حقيقة أن واقعاً ثنائي القومية قائم، على رغم الهيمنة اليهودية في جميع المجالات. ويتوقع هذا الخيار أن يتحول طابع اسرائيل من دولة يهودية الى ثنائية القومية، ومن أجل أن تتحول الى ذلك، ينبغي منح العرب الحقوق باعتبارهم جماعة قومية.
المعارضون والمؤيدون لخيار الدولة الثنائية القومية في اسرائيل: في الجانب اليهودي، ليس ثمة أي دعم لهذا الخيار لا في "اليمين" ولا في "اليسار"، ومن المرجح ان التسوية الدائمة مع السلطة الفلسطينية ستزيد من شدة الرفض الاسرائيلي لهذا الخيار. في حين نجد أقصى ما يمكن ان يصدر عن يهود "الشتات" انهم يدعمون توجهاً لدعم مطالب العرب عبر الطرق القانونية، في حال تمّ عقد اتفاق دائم مع الفلسطينيين.
أما بالنسبة الى فلسطينيي 1948، فيلاحظ انه لم يضع أي حزب سياسي حتى الآن قضية الدولة الثنائية القومية هدفاً سياسياً له، لكن غالبية الأحزاب تطالب بضرورة التعاطي مع العرب على أنهم أقلية قومية، وأن تتحول الدولة الى جميع مواطنيها، ومن المرجح أن تطبيق هذين المطلبين سيشكّل المقدمة الضرورية لخيار الدولة الثنائية القومية.
ويتوقف دعم السلطة الفلسطينية، لهذا الخيار على مصير المفاوضات، فإذا آلت الى الفشل، فإنه من المتوقع أن يتركز الدعم على خيار الدولة الثنائية القومية داخل اسرائيل.
ولا يتوقع ان يلقى هذا الخيار أي معارضة دولية، بخاصة اذا ما تم الاتفاق في شأنه بين العرب واليهود.
الاحتمالات المستقبلية لخيار الدولة الثنائية القومية داخل "الخط الأخضر": من المحتمل ان يكون لهذا الخيار احتمالات التحقق في حال زاد تعداد العرب الفلسطينيين في اسرائيل. لكن هذا الأمر وحده غير كفيل بنجاح الخيار، فثمة ضرورة لأن تتبنى النخب السياسية العربية في اسرائيل، استراتيجية ايجابية وبعيدة المدى لتحويل اسرائيل الى دولة ثنائية القومية. لكن في الطرف الآخر لا تشير المعطيات الى استعداد اليهود للتنازل عن الامتيازات التي يحصلون عليها في دولة معرّفة كيهودية.
الخيار السابع، خيار الدولة الثنائية القومية على كامل مساحة اسرائيل/ فلسطين:
ينطلق هذا الخيار من أن الفصل بين اسرائيل والضفة الغربية وقطاع غزة أمر غير ممكن. كما ان اقامة دولة ليبرالية ليست ممكنة، ما يعني ان خياراً وحيداً يبقى متاحاً لتسوية العلاقات بين اليهود والفلسطينيين هو اقامة دولة ثنائية القومية في جميع أراضي اسرائيل/ فلسطين.
المعارضون والمؤيدون للخيار: في الجانب اليهودي، تشير المعطيات الى معارضة واسعة لهذا الخيار. فاليمين يعارضون التقسيم، ويؤيد قسم منه ضم الضفة الغربية وقطاع غزة، لكن ليس على أساس منح الفلسطينيين المواطنة المتساوية معهم.
أما اليسار فيؤيد الفصل بين الطرفين، ويعد أحد الاعتبارات الرئيسة في تأييد الانفصال، هو التخوّف من أن تتحول اسرائيل الى دولة ثنائية القومية. وبالنسبة الى يهود الشتات، فلا يوجد أي دعم منهم لهذا الخيار، ذلك أنه سيؤدي الى الغاء الطابع اليهودي للدولة.
أما بالنسبة الى فلسطينيي 1948، فإن اقامة دولة ثنائية القومية على كامل مساحة فلسطين الانتدابية، تشكل الحل الأمثل لمسألة الهوية والمواطنة، إلا أنه لا توجد قوى سياسية تؤيد هذا الخيار وتدعو اليه. بل ثمة اجماع على التقسيم واقامة الدولة الفلسطينية الى جانب دولة اسرائيل، مع بقاء العرب مواطنين في اسرائيل. وما زالت السلطة الفلسطينية ترى ان الحل الأمثل يتجسد في اقامة الدولة الفلسطينية.
ولا يتوقع أن يحظى خيار الدولة الثنائية القومية بتأييد المجتمع الدولي، ذلك أن هناك اعترافاً دولياً واسع النطاق بدولة اسرائيل، ومن المستبعد ان يضغط المجتمع الدولي على اسرائيل من أجل تغيير طابعها في شكل بنيوي.
الاحتمالات المستقبلية لخيار الدولة الثنائية القومية: ثمة محددات سياسية تساهم الى حد كبير في دفع هذا الخيار نحو طريق التحقّق، أهمها وجود مجالات مشتركة عدة بين اسرائيل والدولة الفلسطينية المزمع اقامتها، يستحيل الفصل في شأنها، أو ايجاد حل لها، وأهمها توزيع المياه واستغلالها، والمستوطنات واللاجئون والقدس.
وإذا ما استمرت السياسة الاسرائيلية في وضع العراقيل أمام اقامة الدولة الفلسطينية، فقد يجد الفلسطينيون أنفسهم أمام خيار لا ثاني له، وهو المطالبة بدولة ثنائية القومية على كامل مساحة فلسطين/ اسرائيل، وبالتالي ايجاد حل لوضع الأقلية العربية في اسرائيل.
هذه خيارات سبعة مطروحة حاولت استشراف مستقبل وضع فلسطينيي 1948، على ضوء اتفاق سلام اسرائيلي - فلسطيني دائم يضع حداً للصراع، فأي من الخيارات مرجح له أن يرسم لوضع العرب الفلسطينيين في اسرائيل؟
* باحث فلسطيني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.