حاول الرئيس اليوغوسلافي السابق سلوبودان ميلوشيفيتش الالتفاف على تهم الفساد الموجهة إليه، بالقول إنه انفق الأموال التي اختلسها على مساعدة الصرب خارج يوغوسلافيا، أي في كرواتيا والبوسنة، "انطلاقاً من الالتزامات القومية والمصالح العليا والمصيرية للصرب". واعتبر ان ذلك يصنف في خانة "أسرار الدولة". واعلن خلفه فويسلاف كوشتونيتسا رفضه المساعدات الاميركية اذا كانت مشروطة باعتقال ميلوشيفيتش، منتقداً ملابسات محاولة الاعتقال التي تمت السبت الماضي. وأكد ان الاخير لن يسلم الى لاهاي لأنها ليست محكمة حقاً بل تتحرك لاغراض سياسية. راجع ص7 وابلغت مصادر مطلعة في بلغراد "الحياة" أمس، أن ميلوشيفيتش أفاد في توفير الذرائع لارتكاباته، من الخبرة الطويلة لمحاميه توما فيلا، خصوصاً ان الأخير تولى الدفاع عن كل الصرب الذين مثلوا أمام محكمة الجزاء الدولية في لاهاي. علماً ان التبرير الذي قدمه الرئيس السابق لاختلاساته يفيد المحكمة الدولية في ادانته بالاشراف شخصياً على الحروب البلقانية. وحمّل ميلوشيفيتش الذي يخضع للتحقيق في السجن المركزي في بلغراد، "المتعاونين" الصرب مع الدول الغربية مسؤولية ترتيب اعتقاله. وأشار في الاستئناف الذي قدمه معترضاً على قرار ابقائه في السجن 30 يوماً، الى أن ما يحدث له "يجري بتعليمات من واشنطن لأنه قاوم هيمنتها على الصرب". وأفادت معلومات أولية في بلغراد، أن عملية استيلاء ميلوشيفيتش على أموال الدولة، تمت "بدهاء"، سواء لجهة مصدرها، كونها أُخذت من واردات الجمارك، وبالتالي لا يمكن تحديد حجمها لصعوبة السيطرة على تلك الواردات التي كانت موكلة الى ميخائيل كيرتس الخبير في الاستخبارات، أو لجهة انفاقها على "الأغراض القومية الخارجية"، بحسب أساليب الاجهزة الأمنية غير الخاضعة للرقابة. وإضافة الى ذلك، أُنفق جزء من هذه الأموال في شراء الأسلحة في السوق السوداء التي لا تخضع لصفقات التعامل بين الدول والدفع عبر التحويل المصرفي العادي. وعلى رغم ان المبلغ الذي أحصي حتى الآن هو بحدود 27 مليون دولار، فإن حاكم المصرف المركزي اليوغوسلافي ملادن دينكيتش، أكد ان المبلغ الحقيقي هو أكثر بكثير، ويشمل حتى سبائك الذهب المملوكة للدولة والتي يجري البحث عنها. وكشف دينكيتش أنه سافر الى اليونان وقبرص، وأرسل خبراء ماليين الى مختلف الدول التي يُعتقد ان الرئيس السابق تعامل مع مصارفها ومؤسساتها المالية و"أُحصيت مبالغ كبيرة تخص ميلوشيفيتش وأعوانه، ستقدم معلومات عنها الى الجهات القضائية التي تتولى التحقيق في ممارسات النظام السابق". وإزاء الانفاق الكبير على الحروب في كرواتيا والبوسنة وكوسوفو، بلغ التضخم المالي في يوغوسلافيا أكثر من عشرة آلاف في المئة، مما أدى الى انخفاض متواصل في قيمة العملة المحلية دينارا وانتشار السوق السوداء وعمليات غسل الأموال التي افادت منها عناصر النظام السابق. الى ذلك، اشار الرئيس كوشتونيتسا في مؤتمر صحافي أمس، الى ان الغارات الجوية التي شنها حلف شمال الاطلسي على بلاده ألحقت بها أضراراً تقدر بثلاثين بليون دولار.