} بدأت بلغراد تنفض عن كاهلها غبار الحروب، وما رافقها من معاناة داخلية وعزلة اقليمية ودولية. وأبدى المسؤولون الجدد الذين يقودون يوغوسلافيا ارتياحاً كبيراً للسرعة التي عاد بها التواصل بين بلادهم وجيرانها، في وقت فتحت أوروبا ذراعيها لاحتضان يوغوسلافيا الجديدة، واخذت دول العالم تبدي رغبتها في دعم التحولات الديموقراطية مادياً ومعنوياً. وصف القيادي في الحركة الديموقراطية الصربية ملادان دينكيتش الوضع الراهن في يوغوسلافيا بأنه "يتسم باتضاح الأمور للشعب"، مؤكداً ان نظام الرئيس السابق سلوبودان ميلوشيفيتش كان السبب في عزلة بلاده. واعتبر في حديث الى "الحياة" ان ما كانت تروجه وسائل الاعلام الحكومية عن القوى الاجنبية المناهضة لهذا النظام باعتبارها "عدوة للشعب الصربي" هو "احد جوانب التضليل الذي استمر سنوات عدة لخداع هذا الشعب وحجب الحقيقة عنه". وأضاف ان كل مسؤولي الدول الأوروبية والولايات المتحدة الذين زاروا بلغراد أو التقاهم الرئيس فويسلاف كوشتونيتسا في فرنسا اثناء قمة دول الاتحاد الأوروبي الاسبوع الماضي، "أكدوا دعم بلدانهم ليوغوسلافيا في استعادة مكانتها المرموقة في المجتمع الدولي، وتقديم المساعدات والقروض المالية اليها لتمكينها من تجاوز مشاكلها الاقتصادية الملحة مع بداية العام المقبل". وتوقع دينكيتش ان يخرج مؤتمر رؤساء دول وحكومات منطقة البلقان الذي يعقد في العاصمة المقدونية الأربعاء المقبل ويشارك فيه الرئيس كوشتونيتسا، بمقررات مهمة لترسيخ تعاون جديد وواسع المجالات بين دول المنطقة. وقال ان "هذا المؤتمر سيكون البداية للقاءات بلقانية دورية على أعلى مستويات قد يكون المقبل منها في بلغراد، لوضع أسس علاقات تعيد الثقة بين قادة دول البلقان، والشروع في تعاون سياسي واقتصادي واجتماعي يضع المنطقة على عتبة عهد راسخ من الاستقرار والتوجه نحو السلام الدائم". وجاء كلامه في وقت دعت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا يوغوسلافيا للعودة اليها بعد تعليق عضويتها فيها عام 1992، بسبب المشاكل والحروب التي أثارها نظام ميلوشيفيتش اثر انهيار يوغوسلافيا السابقة. ووجهت وزيرة الخارجية النمسوية بنيتا فيريرو فالدنر التي ترأس بلادها الدورة الحالية لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، دعوة رسمية الى كوشتونيتسا، اعربت فيها عن "الامل في عودة بلغراد الى المنظمة خلال اجتماع وزراء خارجيتها في فيينا في 27 تشرين الثاني نوفمبر المقبل". وأضافت ان "التغيير الديموقراطي الذي وقع في جمهورية يوغوسلافيا الاتحادية وظهر في انتخاب قيادة جديدة، يوفر الامكانية التي طال انتظارها لاقامة علاقة جديدة بين المنظمة الأوروبية وجمهورية يوغوسلافيا الاتحادية". ومعلوم ان منظمة الأمن والتعاون في أوروبا تضم 54 دولة في عضويتها، ويوغوسلافيا هي الدولة الوحيدة التي تم تعليق عضويتها فيها منذ تأسيس المنظمة قبل 25 عاماً. وفي الوقت نفسه، أعلن مسؤول في حلف شمال الاطلسي أمس، ان الحلف يرغب في ان تصبح يوغوسلافيا عضواً في "برنامج الشراكة من اجل السلام" الذي يوفر التعاون بين الاطلسي والدول التي ليست عضوة فيه. وقال المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه في تصريح في مقر الحلف في بروكسيل: "نريد ان تصبح يوغوسلافيا عضواً في الشراكة من اجل السلام، لكننا لا نتوقع حدوث ذلك على الفور"، موضحاً ان ليست هناك محادثات حالياً بين الطرفين حول هذا الموضوع. ويذكر ان كرواتيا التي كانت احدى جمهوريات الاتحاد اليوغوسلافي السابق، اصبحت رسمياً في ايار مايو الماضي، بعد وصول الرئيس ستيبي ميسيتش الى السلطة في انتخابات ديموقراطية، العضو ال46 في "الشراكة من اجل السلام". وكان الأمين العام للحلف جورج روبرتسون أعرب في حينه عن أمله في انضمام كل الدول الأوروبية الى برنامج التعاون هذا، الذي لم تنضم اليه حتى الآن البوسنة - الهرسك بسبب مشاكلها ويوغوسلافيا الاتحادية في ظل نظام ميلوشيفيتش.