اعتبرت مصادر سياسية اسرائيلية رفيعة المستوى المقترحات الواردة في المبادرة المصرية - الأردنية لاستئناف العملية السلمية "مقترحات فلسطينية مغلفة بأسلوب مختلف ولا يمكن قبولها". ونقلت الاذاعة العبرية الرسمية انه على رغم ان اسرائيل لم تتلق مسودة عن المبادرة إلا ان وزير الخارجية شمعون بيريز انتقد مضمونها في جلسة الحكومة الأخيرة وعارضها بشدة، فيما يرى فيها رئيس الحكومة ارييل شارون "محاولة لجر اسرائيل للمفاوضات من دون وقف اعمال العنف". وقالت الاذاعة ان وزير الخارجية المصري عمرو موسى ابلغ النائب العمالي يوسي بيلين خلال لقائهما في واشنطن أول من امس ان المبادرة ستعرض رسمياً على شارون خلال الأيام المقبلة وانه تم تمرير مضمونها الى اسرائيل عبر قنوات سرية. واقترح الوزير داني نافيه، في سياق حديث مع الاذاعة العبرية على المصريين عدم عرض المبادرة لأن اسرائيل سترفضها فوراً، وزاد ان حكومة شارون تسعى أولاً الى ضمان الأمن للمواطنين الاسرائيليين وما زالت تنتظر ان يصدر الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وقادة السلطة الوطنية الفلسطينية تعليماتهم الى اجهزة الأمن الخاضعة لهم "لوقف اعمال العنف والارهاب". ورد نافيه على انتقادات وجهها زميله في ليكود يوفال شطاينتس لسياسة شارون في مواجهة ما سماه "الارهاب الفلسطيني" وان هذه السياسة هي ذاتها التي انتهجها رئيس الحكومة السابق ايهود باراك، وقال ان شارون، بعكس باراك، يرفض العودة الى طاولة المفاوضات طالما تواصلت اعمال العنف، واضاف ان لا حلول سحرية متوافرة لوقف فوري لهذه الاعمال "لكن اسرائيل ستواصل مكافحة الارهاب بلا هوادة". من ناحيته زعم رئيس اركان الجيش الجنرال شاؤول موفاز ان الفلسطينيين "اختاروا العنف والارهاب طريقاً لتحقيق أهدافهم الوطنية، ونحن نقول لهم اننا على استعداد للجلوس معهم فوراً حول طاولة المفاوضات للتباحث في كيفية العيش معاً وتحقيق السلام على هذه الأرض، لكن ولأسفي الشديد لسنا قادرين على فعل ذلك طالما لم نوفر الأمن للدولة وللمواطنين". وقال موفاز في سياق محاضرة ألقاها أمس في القدس ان "اسرائيل تخوض معركة ضد الارهاب وان جنودها يعيشون أجواء حرب حقيقية تهدف الى ضربنا بينما أيدينا ممتدة للسلام". وحذر زعيم حركة ميرتس يوسي سريد من مخاطر التصعيد الحاصل في المواجهات الاسرائيلية - الفلسطينية وقال: "اننا نعيش واقعاً خطيراً وأخشى ان الاسوأ بانتظارنا". واضاف ان من الخطأ القول ان المسؤولية كلها تقع على كاهل الرئيس الفلسطيني، وكأن شارون وبيريز منزهان عن كل خطأ". ورداً على الاصوات التي تحاول وصف الرئيس الفلسطيني ب"الارهابي" وتقول ان على اسرائيل البحث عن شريك آخر، قال سريد: "إن البديل لعرفات سيكون نشوء كتائب عسكرية وعصابات وفوضى عارمة على رغم انتقادي لعرفات وتصرفاته". من ناحيتها، قالت صحيفة "معاريف" امس ان اتصالات تجري منذ ايام، بعيداً عن الأنظار بين مسؤولين اسرائيليين وفلسطينيين في محاولة لخفض وتيرة العنف واعادة تفعيل التنسيق الأمني بين الطرفين. واضافت ان هناك مساعي لعقد لقاء بين وزير الخارجية بيريز وأحد قادة السلطة الوطنية الفلسطينية. وحسب الصحيفة، فإن وزير الدفاع بنيامين بن اليعيزر انتدب مطلع الاسبوع الضابط السابق يوسي غينوسار للقاء الرئيس الفلسطيني في مسعى لتهدئة الأوضاع. ورأى المعلق العسكري في صحيفة "يديعوت احرونوت" اليكس فيشمان ان التصعيد الذي حصل في الايام الأخيرة ليس سوى بداية تنبئ بإعصار سيزرع دماراً في الطرفين. وتابع ان الجيش الاسرائيلي بدأ، الاسبوع الماضي بتطبيق سياسة جديدة رسمها له المستوى السياسي تقضي بعدم الاكتفاء بخفض مستوى العنف، انما العمل على وقفه تماماً. واختتم بأن الحرب الدائرة حالياً هي اختبار قوة للمجتمعين الاسرائيلي والفلسطيني وان أهمية هذا الاختبار ستقلّ حين يتوصل أحد الطرفين الى نتيجة مفادها انه حان الوقت للنزول عن السلّم.