} يبدأ البرلمان الجزائري اليوم مناقشة تعديلات جديدة على قانون العقوبات تهدد بمقاضاة كل من يدلي بتصريحات تمس بأي هيئة عمومية. ويتخوف بعضهم من أن تؤدي هذه الخطوة التي تلقى إجماع الرئاسة وقادة الجيش، إلى مراجعة الخيارات السياسية التي أقرها الحكم مع إعلان الرئيس السابق الشاذلي بن جديد، سنة 1989، التوجه نحو الديموقراطية والتعددية في البلاد. وتتوقع أوساط قريبة من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إمكان تعيين مدير ديوانه الجنرال المتقاعد العربي بلخير وزيراً للدفاع الوطني. يبدأ البرلمان الجزائري اليوم درس التعديلات التي أقرها مجلس الوزراء على قانون العقوبات وتهدد بملاحقة كل من يدلي بتصريحات تمس برئيس الجمهورية أو الجيش أو أي هيئة عامة. وتفرض - في حال المصادقة عليها كما هو مرجح - على كل الجزائريين، خصوصاً رؤساء الأحزاب والمسؤولين عن التنظيمات النقابية ومختلف المسؤولين والصحافيين، عدم الإدلاء بأي نوع من التصريحات التي يعتبرها القضاء "قذفاً" ضد الرئيس أو الجيش أو أي مؤسسة عامة أياً كانت صفتها. وفي باب "الإهانة والتعدي على الموظفين ومؤسسات الدولة" تنص المادة 144 من القانون الجديد على أنه سيتم فرض أشد العقوبات السجن ثلاث سنوات أو فرض غرامات مالية تصل إلى ما يعادل 500 ألف فرنك فرنسي على كل من "يسيئ الى رئيس الجمهورية بعبارات تتضمن إهانة أو سباً أو قذفاً، سواء عن طريق الكتابة أو الرسم أو التصريح أو بأية آلة لبث الصوت أو الصورة أو أية وسيلة الكترونية أو معلوماتية أو إعلامية أخرى". وتشير المادة التالية إلى أن أحكام هذا القانون تطبق أيضاً على كل تعرض ب"الإهانة أو السب أو القذف الموجه بواسطة الوسائل المذكورة للبرلمان أو إحدى غرفتيه، أو للمحاكم أو المجالس القضائية أو الجيش الوطني الشعبي أو أية مؤسسة عامة أو هيئة نظامية أخرى". وأكد مصدر مطلع ل"الحياة" أن أحكام هذا القانون بصيغته الجديدة تحظى بتأييد قادة الجيش ودعمهم، إذ كانوا أبدوا انزعاجهم من بعض الكتابات الصحافية التي استهدفت ما يعتبرونه "حياة خاصة". ولم يتردد الفريق العماري، رئيس أركان الجيش، في كلمة إلى الجنود قبل شهر وردت في "الأمر اليومي"، في وصف بعض الكتابات والرسوم الصادرة في الجزائر ب"السخيفة"، مثل تناول مواضيع تتعلق بالتجارة التي يمارسها بعض كبار الضباط، إلى حد التشهير بهم بوصفهم "أصحاب الحاويات" أو "جسر الجنرالات" الذي يربط بين ميناء الجزائر وشارع الاستقلال! وتخوفت مصادر برلمانية من أن يؤدي تطبيق هذا القانون إلى الحد من حرية الأحزاب السياسية ومقاضاة كل من يعارض توجه الحكومة أو إحدى المؤسسات الرسمية. ورأى الأمين العام ل"جبهة القوى الاشتراكية" علي قربوعة ان هذا القانون يمثل "خطوة كبيرة لغلق المجال السياسي وخنفه". وعبر النائب مصطفى بوقرة عن خشيته من تأثير هذا القانون في النشاط السياسي. إلا ان معظم النواب يؤيد مواد القانون الجديد على رغم "خطورة آثاره". ويثير مسؤولون بارزون في أحزاب الائتلاف الحكومي، من حين لآخر، بعض التحفظات عن سياسة الرئيس بوتفليقة في عدد من القطاعات، مثل إصلاح النظام التربوي والتعريب والوئام المدني. وطالب بعضهم، مثل الشيخ محفوظ نحناح زعيم "حركة مجتمع السلم" الرئيس ب"حسم خلافه مع الجيش أو الرحيل". ويسود اعتقاد لدى أوساط قانونية أن أحكام القانون ستطبق ب"صرامة" على رجال الإعلام والسياسة والنقابيين الذين سيلتزمون، قبل غيرهم، مراعاة الكثير من الضوابط قبل الإدلاء بأي تصريح يعتبره القضاء "قذفاً". ويذكر ان الحكومة عمدت إلى تفادي تحديد مضمون عبارة "قذف"، ومنحت القضاء سلطة التقدير وفرض العقوبات المناسبة حسب الجهة المستهدفة ودرجة الضرر. وكان الأستاذ الجامعي علي بن ساعد، أحد كوادر التيار اليساري، أخضعه الجنرال محمد بتشين الذي كان يشغل منصب مستشار للشؤون الأمنية، للتحقيق سنة 1996 بتهمة "القذف" ضده، في تصريح أدلى به في تجمع انتخابي بولاية قسنطينة 450 كلم شرق العاصمة. كما مثل أمام القضاء في ولاية البليدة 50 كلم جنوب العاصمة قبل سنة النائب محمد ميراوي من التجمع الوطني الديمقراطي بسبب توجيهه انتقادات شديدة إلى المرشح بوتفليقة في تجمع انتخابي في مدينة الأربعاء خلال حملة الانتخابات الرئاسية الأخيرة. ويعتقد الرئيس الجزائري بأن فشل محاولاته في تصحيح صورة الجزائر في الخارج يعود إلى وجود أطراف داخلية تعمل على "تشويه الصورة" من خلال تصريحات سياسية وأخبار أمنية تشير إلى استمرار تدهور الأوضاع في البلاد. لكن أوساطاً سياسية تتخوف من أن تشكل هذه القيود "خطوة للعودة إلى حكم الحزب الواحد"، خصوصاً مع عودة كثير من وجوهه مثل الأمين العام السابق للحزب الحاكم السيد محمد الشريف مساعدية وفريق آخر من قدامى المناضلين الذين عينوا في الغرفة الثانية للبرلمان. على صعيد آخر، أفادت مصادر مطلعة أن الرئيس بوتفليقة سيعقد اجتماعاً وطنياً يضم أركان الدولة، نهاية الأسبوع الجاري، في المنتجع الأمني لنادي الصنوبر لمناسبة الذكرى الثانية لتنصيبه رئيساً للجمهورية. وتتوقع أوساط قريبة من الرئيس إمكان تعيين مدير ديوانه الجنرال المتقاعد العربي بلخير وزيراً للدفاع الوطني. وكانت صحيفة "الوطن" أشارت إلى خلافات شديدة بين بلخير والشقيق الأصغر لبوتفليقة الذي يشغل منصب السكرتير الخاص لرئيس الجمهورية. وتوقعت مصادر إعلامية قريبة من الرئاسة تغييراً وشيكاً في الحكومة يتم بموجبه تعيين عدد من التكنوقراطي القريبين من الرئيس.