طوت تونس وسورية أمس صفحة البرود في العلاقات التي استمرت طيلة التسعينات، وفتحتا آفاقاً جديدة للتعاون على صعيد تكثيف العلاقات الاقتصادية وتطوير المشاورات السياسية في القضايا العربية والدولية. وترافقت الزيارة التي قام بها الرئيس بشار الأسد لتونس في اليومين الماضيين مع توقع انتقال العلاقات بين البلدين إلى مرحلة جديدة. تونس - "الحياة" -أنهى الرئيس السوري بشار الأسد وعقيلته السيدة أسماء الأخرس أمس زيارة رسمية لتونس استمرت أربعاً وعشرين ساعة، هي الأولى من نوعها، وأجرى الأسد مع نظيره التونسي زين العابدين بن علي محادثات تركزت على مأزق التسوية السلمية للصراع العربي - الإسرائيلي وآفاق تنشيط التعاون. وأفاد مصدر رسمي تونسي ان الرئيسين عرضا في الجولة الأولى مسار العلاقات الثنائية وآفاق تكثيفها وتوسعتها في ضوء "النتائج الجيدة للدورة الأخيرة للجنة العليا المشتركة والتي عززت الإطار القانوني للتعاون". وكانت اللجنة عقدت دورتها الأخيرة في تونس الشهر الماضي برئاسة رئيسي الوزراء السوري محمد مصطفى ميرو والتونسي محمد الغنوشي، بعد انقطاع استمر سنوات. وأفاد المصدر أن الرئيسين "شددا على أهمية إقامة منطقة للتجارة الحرة بين البلدين والإسراع بإعداد الاتفاق الخاص بهذا المشروع وحض رجال الأعمال على القيام بدور أكبر في استثمار فرص التعاون وترفيع حجم المبادلات واعطاء دفعة لحركة الاستثمار". كذلك عرض الأسد وبن علي آفاق العمل العربي المشترك في ضوء نتائج القمة العربية الأخيرة في عمّان، وما أولته من اهتمام بتكريس التكامل الاقتصادي العربي وسبل تفعيله لإقامة منطقة التجارة الحرة العربية وصولاً إلى انشاء سوق عربية مشتركة. واستأثر مأزق التسوية السلمية في الشرق الأوسط بنصيب مهم من المحادثات. وأفيد أن بن علي جدد دعم تونس حق سورية باستعادة الجولان المحتل، وكذلك التزامها عملية السلام بوصفها "خياراً استراتيجياً"، وتمسكها بما أكدته القمة العربية في شأن تلازم المسارين السوري واللبناني وترابطهما مع المسار الفلسطيني. وعرض الجانبان الأوضاع في المنطقة، خصوصاً "التطورات الخطرة في المناطق الفلسطينية في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي وتصاعد حدة التوتر". وحضا "الأطراف الدولية، بما فيها الاتحاد الأوروبي، على تحمل مسؤولياتها أكثر فأكثر من أجل تسوية سلمية لقضايا المنطقة على أساس حل شامل وعادل يستجيب لقرارات الشرعية الدولية ويمكّن الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة، خصوصاً حقه في إقامة دولته وعاصمتها القدس الشريف ويعيد لسورية ولبنان كامل أراضيهما المحتلة". وزار الأسد أمس مقر مجلس النواب التونسي في ضاحية باردو. وأجرى محادثات مع رئيس المجلس فؤاد المبزع ركزاها على مستقبل تطوير التعاون الثنائي، خصوصاً في المجال البرلماني وضرورة تكثيف التنسيق بين مجلس الشعب السوري ومجلس النواب التونسي. ولوحظ أن زيارة الرئيس السوري تزامنت مع تعليقات ايجابية في وسائل الإعلام الرسمية، توقعت انتقال العلاقات الثنائية من حال إلى حال، واعتبرت جريدة "الصحافة" الحكومية ان الزيارة ستكون لها أثر جيد في "تهيئة الظروف المناسبة لتعبئة الطاقات والامكانات لتكريس نقلة نوعية في العلاقات مع جسامة التحديات الناتجة من التحولات على الساحة الدولية والتي لم تعد تترك مجالاً للانعزال والانطواء على الذات". وحضت على تطوير المشاورات السورية - التونسية ل"مزيد من التنسيق في شأن تنقية الأجواء العربية من جميع الشوائب ودعم صمود الشعب الفلسطيني". وكان الرئيس السوري وصل إلى تونس من المغرب حيث أجرى محادثات مع الملك محمد السادس تناولت العلاقات الثنائية والأوضاع العربية. وأفاد بيان مشترك في نهاية الزيارة أن الأسد وجه دعوة إلى العاهل المغربي لزيارة سورية، وأن الأخير سيلبي الدعوة قريباً.