سجل زعيما الحزبين الكبيرين في السودان السيدان الصادق المهدي ومحمد عثمان الميرغني مفاجأة باصدارهما اعلاناً مشتركاً باسم "نداء السودان" امس، أكدا فيه وقوفهما الكامل وراء مشروع ينتظر ان تطرحه مصر وليبيا على الأحزاب السودانية لتحقيق تسوية سياسية. لكن الاعلان الذي مثل انعطافاً في مسيرة حزبي "الامة" و"الاتحادي الديموقراطي" ووقوفهما في معسكرات متناقضة أخيراً عكسا القلق الذي اثاره تطوران مهمان: اتفاق الزعيم الاسلامي الدكتور حسن الترابي مع زعيم التمرد في الجنوب العقيد جون قرنق ، وصدور دعوة اميركية الى رعاية دولية لمفاوضات السلام السودانية على أساس صيغة "نظامان في دولة واحدة". في غضون ذلك، أكد مسؤولون في حزب "المؤتمر الشعبي" ان السلطات بدأت التحقيق مع الترابي، المعتقل منذ تسعة ايام، وأن المحققين وجهوا اليه والى خمسة آخرين من قادة حزبه اتهامات تحت المادة ال50 من القانون الجنائي تشمل "العمل على تقويض الدستور وإعلان الحرب ضد الدولة" التي تراوح عقوبتها بين الإعدام والسجن المؤبد. راجع ص5 ومثلت الوثيقة التي وقعها المهدي والميرغني في خطوة نادرة اعلاناً لبرنامج مشترك للحزبين الكبيرين في السودان. ويعرف اللقاء بين زعيمي بيتي المهدي والميرغني تاريخياً بصفة "لقاء السيدين" وكثيراً ما يعبر عن وجهة جديدة للعمل السياسي في البلاد. وثبت "نداء السودان" مواقف عامة يتفق عليها كثيرون، لكن تقديمها بصورة نداء من الزعيمين يمنحها اهمية خاصة. وقرر الحزبان اللذان شهدت علاقاتهما توترا شديداً أخيراً تشكيل لجنة تنسيق مهمتها تنفيذ اتفاقهما. وشدد النداء على قضايا شملت انهاء الحرب وتحقيق السلام العادل الذي يكفل "وحدة طوعية" للبلاد، وتحقيق تحول ديموقراطي ينجز من خلال اجراء انتخابات عامة حرة، واطلاق المعتقلين السياسيين. لكن البندين السابع والثامن في النداء مثلا تطوراً مهماً، إذ عالج الأول مسألة تفعيل المبادرة المصرية - الليبية وتناول الثاني عودة التنسيق بين الحزبين، بعد انقطاع نتيجة افتراق مواقفهما ازاء الحكومة والعمل المعارض. وبدا ان مسألة المبادرة باتت على ابواب تطور بارز. إذ أشار "نداء السودان" الى اتفاق الحزبين على "التعامل الايجابي مع مذكرة المبادرة عند استلامها في 1 آذار مارس - أمس وتذليل العقبات من أجل انجاحها". وعلمت "الحياة" أن المشروع الجديد الذي لم يعلن رسمياً بعد. وكشفه النداء يشمل توجيه دعوات الى اجتماع عام للقوى السودانية، يعقد على مرحلتين في القاهرة وطرابلس تعقبه جولات تعقد في الخرطوم لتحقيق المصالحة. وعلم ان المذكرة المتوقعة ستعالج ايضا ضمن بنود التفاوض التي ستقترحها على الاحزاب أهم عقبة اعترضت المبادرة، وهي التحفظ الجوهري الذي ابدته حركة قرنق في شأن عدم ورود تقرير المصير للجنوب في نص المبادرة.