في تطور بارز طرأ على قضية الفضائح المالية المتعلقة بشركة النفط الفرنسية "الف أكيتان"، أعلن أمس، عن اعتقال أبرز ابطال هذه القضية الفريد سيرفن، الذي كان فر من العدالة الفرنسية منذ ثلاث سنوات ولجأ الى الفيليبين. وكان شبح سيرفن الفار، طغى على وقائع محاكمة المتورطين في هذه القضية ومن بينهم وزير الخارجية الفرنسي السابق لوران دوما وعشيقته السابقة كريستين دوفييه - جونكور والرئيس السابق لشركة "الف" التي اندمجت حالياً بمجموعة "توتال فينا الف"، لوبيك لوفلوك بريجان. ووفقاً للمثل الفرنسي القائل ان "الغائبين دائماً على خطأ"، فإن غياب سيرفن عن قاعة المحكمة، سهل وضعية المتهمين المختلفين، الذين على رغم التنافر القائم بينهم، القوا تباعاً على سيرفن مسؤولية الرشاوى والوظائف الوهمية والتبذير. ومن المرتقب الآن أن تأخذ المحاكمة التي كانت بدأت قبل حوالى عشرة أيام، منحىً جديداً، أكثر صدقاً وواقعية، يحول دون غسل المتهمين لايديهم من أي خطأ والقائه على سيرفن. وكان سيرفن 74 عاماً شغل منصب الرجل الثاني في شركة "الف" وتمكن من الانتقال الى الفيليبين في أيلول سبتمبر 1997، بفضل جواز سفر مزور، وبمعاونة عشيقته وخادمته السابقة الفيليبينية فيلما اغيلاندوميدينا. وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية، تمكن سيرفن من الأفلات من ملاحقة الشرطة الفيليبينية له، بفضل شبكة العلاقات الخاصة بعشيقته وبفضل جزء من ثروته التي تمكن من نقلها الى الفيليبين وتقدر بنحو 2.27 مليون دولار. ومنذ تشرين الأول اكتوبر الماضي، انتقلت مجموعة قوامها أربعة من رجال الشرطة الفرنسيين الى مانيلا حيث عملت على مواكبة الشرطة المحلية في تعقبها لسيرفن، ما أدى اخيراً الى اعتقاله. ونقل عن سيرفن قوله لدى وصوله مقيد اليدين الى مقر دائرة الشرطة في مانيلا، ان الفيليبين "بلد رائع" وانه سيغادرها "على مضض"، مؤكداً انه لم يرتكب أي جرم. ويواجه سيرفن المرتقب انتقاله الى باريس على متن طائرة خاصة قد ترسلها السلطات الفرنسية الى مانيلا، تهمة اختلاس عشرات الملايين من الدولارات من حسابات شركة "الف". وصدرت بحقه في هذا الاطار اربع مذكرات اعتقال دولية. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية فرانسوا ريفاسو انه ليست هناك معاهدة تسليم واسترداد للمعتقلين بين فرنسا والفيليبين، لكن هذا لا يحول دون "تعاون" الأخيرة مع السلطات الفرنسية. ووسط الارتياح الذي اثاره اعتقاله لدى السلطات الفرنسية، صرح المحامي فرانسيس شوراكي، المكلف بالدفاع عن المسؤول الاداري السابق لشركة "الف" جان كلود فوشيز، ان نبأ اعتقال سيرفن "قد لا يكون ساراً للجميع". وأضاف شوراكي ان سيرفن قد يدلي بأقوال مزعجة للكثير من المتطورين في هذه القضية، وانه قد يكشف عن معلومات جديدة وعن اسماء لأشخاص غير متهمين ولكنهم متورطون. ورأى ان اعتقال سيرفن "ينقذ حياته، لأن هناك من يتمنى عدم عودته الى فرنسا". ورفضت دوفييه - جونكور التعليق على نباء الاعتقال وقالت محاميتها صوفي بوتيي انها تحتفظ بأقوالها للقضاء. ويذكر ان دوفييه - جونكور تولت شخصياً الزج باسم دوما في اطار هذه القضية، فأبلغت المحققين انها كلفت من قبل "الف اكيتان" باغرائه عندما كان لا يزال وزيراً للخارجية، وحمله على تغيير موقفه الرافض لبيع فرقاطات عسكرية فرنسية لتايوان. كما أبلغت المحققين بمجموعة الهدايا الثمينة التي قدمتها لدوما من أموال "الف"، ومن بينها مجموعة تماثيل أثرية، بقيمة 200 الف فرنك وحذاء بقيمة 11 الف فرنك، اضافة الى شقة اشترتها بقيمة 7.1 مليون فرنك واستخدمتها لمقابلة عشيقها. ولم تخف دوفييه - جونكور انها فعلت ذلك لأنها جرحت، من تجاهل دوما لها تماماً، لدى قضائها ستة أشهر في السجن، لتورطها في اطار فضائح "الف".