تدافع كتّاب وأدباء وصحافيون عراقيون بالمناكب كي ينشروا مقالات تمجد رواية "زبيبة والملك" خلال الشهرين الماضيين. وأضاف هؤلاء هالات "العبقرية" على كاتبها "الذي لم يشأ ان يضع اسمه تواضعاً وتكرماً على الرواية". وأمكن إحصاء نحو 40 مقالة ومراجعة نشرتها صحف ومجلات عراقية عكست انتظاماً جماعياً لكتّاب وشعراء ونقاد وأكاديميين من أجيال عدة في أدب المديح. وقد تجنب بعضها الاشارة المباشرة الى ان الرواية كتبها الرئيس صدام حسين الذي كان التقى عدداً من كتاب الرواية والقصة في العراق في شباط فبراير 2000 وأكد خلال اللقاء انه في صدد كتابة رواية لتربية الأجيال على القيم العالية. وفي حمى مديح رواية "زبيبة والملك" لم يفوّت أدباء عراقيون من خارج دائرة مدّاحي الرئيس، الفرصة لنيل المكافأة المادية والمعنوية المضمونة. فوصف أبرز الروائيين داخل العراق عبدالخالق الركابي، الرواية بأنها "انطوت على بعد فلسفي وفكري عميق" مؤكداً انها ستكون "نموذجاً متقدماً لما سيكتب في المستقبل". وقال الروائي والقاص خضير عبدالأمير ان رواية "زبيبة والملك": "رواية فلسفية بحتة وانها تجمع في بنائها بين الكلاسيك والمعاصرة". فيما قال الروائي والقاص أمجد توفيق ان الرواية "ذات رسالة كبيرة، لم يكن هم كاتبها ان يحصد مجداً أدبياً لنفسه وانما أراد أن يوصل افكاره الى قارئه". وأوردت القاصة إلهام عبدالكريم ان الرواية "اجتمعت على خصائص نادرة من فكر وفلسفة وموروث حضاري وانها روايات في رواية واحدة". ولم يكن الشعراء المدّاحون وحدهم في ساحة تمجيد رواية الرئيس التي انتهت مثلما تنتهي خطاباته: "المجد للشهداء/ المجد لزبيبة/ عاشت زبيبة/ عاش الشعب/ عاش الشعب". بل انضم اليهم "شعراء الحداثة" العراقيون ومن بينهم الشاعر عبد الزهرة زكي الذي كتب في صحيفة "الجمهورية" البغدادية: "تأتي رواية "زبيبة والملك" لتقدم نموذجاً من الفن الروائي الهادف يتميز عن سواه من الأعمال الصادرة في هذا المستوى بطريقة تناوله الفني من جهة وبالصيغة التي يتداخل فيها السياسي مع الأدبي من جهة أخرى". ووافق الشاعر منذر عبد الحر زميله زكي في أن الرواية "سفر أدبي خالد". ورأى الشاعر عبدالمطلب محمود الأمين العام لاتحاد الادباء والكتّاب في العراق ان "زبيبة والملك" كانت الحدث الثقافي الأبرز في العام الماضي، فيما زاد الشاعر عادل الشرقي على ذلك مؤكداً ان الرواية "اتخذت لها حضوراً أكيداً لا ينازعها فيه أي انجاز آخر". وخصّ الشاعر محمد راضي جعفر الرواية بقصيدة من جزءين. وكتب الصحافي كامل الشرقي فيها قصيدة يمتدحها ويضفي على كاتبها امارات المجد والعبقرية. نقاد وباحثون أكاديميون مضوا الى "فحص" الرواية من دون أن يفقدوا هاجس المديح وتأكيد اشارات عبقرية كاتبها. فيكتب الناقد والباحث الأكاديمي سلمان داود الواسطي في صحيفة "الرأي" الاسبوعية الصادرة في بغداد عن الرواية بوصفها "نمطاً حديثاً متقدماً للرواية التاريخية كما وضع قواعدها الروائي والشاعر الاسكتلندي وولتر سكوت"، وانها "لا تكتفي بتوافر كل شروط الرواية التاريخية فحسب، بل تحمل في بنائها الفني بمهارة وذكاء نادرين، اشكالات الزمن الروائي". ويتوقف الناقد الواسطي عند "البناء السردي" للرواية مشيراً الى انه يتكون من ثلاث دوائر وان كاتبها ينتقل بين دوائر السرد في "انسيابية هي أنموذج رائع لما يسميه البلاغيون "براعة التخلص" أو حسن التخلص". ويكتب الأكاديمي عباس محمد رضا في صحيفة "الثورة" عن الرواية متناولاً السرد فيها: "الراوي الكاتب انما روى عن راوية حكيمة وكونها حكيمة يعني أن لروايتها مغزى نافعاً خالصاً. فالراوي أسس بذلك اطاراً حكائياً ليروي من خلاله عن هذه الحكيمة ابتداء من كان يا مكان الى عاش الشعب... عاش الجيش". ويؤكد ان الكاتب "فتح اذهان المتلقي على اللامتوقع المشوق الذي يجذبه الى اعماق الأحداث بتواصل حي واع". يكتب عبدالقادر جبار في "الجمهورية: "بنى الكاتب الكريم حكايته على الصراع الشمولي بين الخير والشر، وضمنه صراعات أخرى تصب في الصراع الأساس. فالسلطة التي لا تحمي الشعب وتنهض بقيمه وأهدافه النبيلة، هي قوة شريرة تعمد الى سلب ارادة الجماهير وتصادر حريتها وتمنعها من النهوض الى الذرى. أما قوة الخير فممثلة بطليعة الجماهير وضميرها الذي يمثل قيم الفروسية والشجاعة، والكرم، والصدق". ويرى الناقد رزاق ابراهيم حسن ان الرواية "استطاعت ان تتناول خصائص الرمز في علاقتها بذاتها وعلاقتها بالأحداث والشخصيات الأخرى. وكانت الحوارات فيها مشدودة بقوة الى الجانب الرمزي". ويفصح القاص عبد الرضا الحميد عن حماسة في تبجيل صاحب "زبيبة والملك" فيكتب في "القادسية" انه "كاتب ماجد نجيب غيور"، ويكتب من ثم في موقع آخر من مقالته "السيد النجيب الغيور الماجد" وأيضاً "الأستاذ الروائي" و"الروائي الكريم" و"السيد الروائي النجيب". ويعتبر الأكاديمي مليح كريم الركابي "زبيبة والملك": "ابداعاً عراقياً جديداً يتوج هامة القرن العشرين بهذه الملحمة الجميلة التي حكت قصة التحدي العراقي"، مؤكداً انها "استوعبت التجارب الانسانية وأعادت صوغ الأحداث باستبصار عال" ليصل في آخر مقالته في "القادسية" الى ان الرواية: "رواية تربوية فيها الدروس والعبر وقد أنجبتها قريحة عراقي شهم عرف طريق الحياة والخير لبلده وأمته المجيدة. انها النظرة الشاملة العميقة وجمال النسيج في بناء الرواية وتناغم أحداثها بإتقان". وزاد الكاتب شكيب كاظم سعودي في صحيفة "العراق" على ان الرواية حركت الجو الثقافي في العراق وان لكاتبها "مهارة روائية وحذقاً" وستظل تقارن بأعمال روائية ك"البؤساء" و"أحدب نوتردام" و"الحرب والسلام"، فهي من "روايات الأفكار والمبادئ". وعلى نسق ما كتبه حاكم الحداد في "القادسية" عن الرواية وعن كونها "ذات المدلول الايحائي المتميز في السرد المحكم والمؤثر والتي استنبطت مفاهيمها وقيمها من خلال عصارة التاريخ العراقي في جميع ادواره التاريخية المشرقة. ما كان لها ان ترى النور، لولا يراع الكاتب الكريم وهو يستخدم أدوات القص المعروفة بتلقائية مموسقة". كتب كثيرون مقالات مديح وثناء في أدب الرئيس صدام حسين على رغم انهم تجنبوا الاعلان عن اسمه مباشرة. الا انهم اجمعوا على منحه صفات العبقرية والمجد والتفخيم بما يثير سؤالاً عن المآل الذي سيكون عليه الأدب العراقي المكتوب داخل الوطن وعن هذا النشيد الجماعي لكتاب يتدافعون من أجل الوقوف على باب القصر الرئاسي والفوز بكيس من الدراهم يقذف اليهم في استعادة لمشهد يذكر بأزمنة الأدب العربي القديمة.