أعلن الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان أمس ان العراق أبلغه عزمه على اجراء المحادثات معه في موعدها المحدد الاثنين المقبل، بغض النظر عن التطورات، وأن الادارة الأميركية أوضحت له أن "الاجراء" ضد بغداد الجمعة الماضي لا يشكل "تغييراً نوعياً" في نشاطاتها في المنطقة. وفيما صرح ناطق عسكري في بغداد بأن الجيش أطلق أمس صواريخ أرض - جو على مقاتلات بريطانية وأميركية كانت تحلق فوق الجنوب، أعلن مسؤول في وزارة الدفاع الاميركية البنتاغون ان اسباب الغارات الجوية على مراكز رادارات قرب بغداد الجمعة الماضي تعود جزئياً الى تركيب الصينيين شبكة الياف بصرية تحت الارض قد تكون عززت قدرات المضادات الارضية العراقية تعزيزاً كبيراً. لكن بكين نفت تأكيدات اميركية ان صينيين استخدموا للعمل في تركيب كابلات من الالياف البصرية لربط مواقع المضادات الارضية العراقية بالقرب من بغداد. واعلنت لندن انها تدرس بالتعاون مع واشنطن إمكان فرض عقوبات "أكثر فاعلية".، وتحدثت الصحف البريطانية عن "عقوبات ذكية"، لكن موسكو اجرت اتصالات مكثفة مع باريسوبكين لمناقشة الملف العراقي ولمحتا الى امكان النظر في رفع العقوبات. راجع ص 2 وأعلن وزير الخارجية السوري فاروق الشرع لدى استقباله نظيره السعودي الأمير سعود الفيصل أمس في دمشق انه "كان هناك بعض التفاؤل في الادارة الأميركية الجديدة وكنا نأمل في أن يستمر هذا التفاؤل لكن الأيام الأخيرة أطاحت به بسبب ما جرى في العراق". وقال انان امس في أول تعليق له منذ العملية الأميركية "لم أستشر ولم يتم اعلامي مسبقاً". وتابع: "ان السلطات الأميركية اتصلت بي مباشرة بعد الحادث لتشرح لي انه اجراء روتيني وليس تصعيداً وأنه لا يشكل تغييراً نوعياً في نشاطاتها في العراق". ووصف انان "التوقيت" بأنه "مربك ومحرج قليلاً للمحادثات التي سأجريها في 26 الجاري" مع الوفد العراقي الذي يترأسه وزير الخارجية محمد سعيد الصحاف. وقال ان "العراقيين أكدوا لي انهم سيحضرون الى نيويورك كي نتمكن من متابعة محاولاتنا كسر الجمود القائم". وحذر انان من توقع "معجزة اختراق" نوعي في جولة المحادثات بين العراقوالأممالمتحدة وقال: "قد يستغرق الأمر بعض الوقت ولا اعتقد ان معجزة اختراق ستحدث". وبعث وزير خارجية العراق برسالة الى الأمين العام قال فيها "يأتي هذا العدوان الأميركي - البريطاني الغادر والتصعيد الخطير في الوقت الذي نستعد فيه لاجراء حوار شامل معكم نطرح فيه أمامكم، ومن خلالكم أمام المجتمع الدولي، جوانب الظلم والجور والتعسف التي تعرض لها العراق منذ 1990، مما يحملكم مسؤولية اضافية في ادانة هذا العدوان والتصعيد الخطيرين واتخاذ خطوات عاجلة وملموسة لمنع تكراره، ولتهيئة الاجواء المناسبة للحوار معكم". وفي رسالة أخرى الى رئيس مجلس الأمن للشهر الجاري، سفير تونس سعيد بن مصطفى، طلبت الحكومة العراقية "ان يتحمل مجلس الأمن مسؤولياته" وان يتصرف على أساس ان العمليات الأميركية - البريطانية تشكل خرقاً للقرارات الدولية. وبحث مجلس الأمن في جلسة مغلقة أمس العملية الأميركية - البريطانية فاستمع الى انتقادات لاذعة من روسياوالصين وفرنسا ودول أخرى ليست دائمة العضوية. وصرح السفير الروسي سيرغي لافروف في أعقاب الجلسة المغلقة ان القصف "اجراء جاد" وان الحظر الجوي الذي تفرضه الولاياتالمتحدة وبريطانيا على شمال العراق وجنوبه "غير شرعي". وقال ان العملية "تقوّض قرارات مجلس الأمن كما انها تعرض الحوار بين الأممالمتحدةوالعراق للخطر". وحسب مصادر المجلس انتقد سفير الصين الاجراء الأميركي - البريطاني وأعرب عن "ادانة" الصين له وعن قلقها من "احتمال عرقلته عملية الحوار بين الأمين العام والعراق". ونقلت المصادر عن السفير الفرنسي قوله في المجلس إن على الولاياتالمتحدة أن تختار بين عودة المفتشين إلى العراق أو القصف. وبين أعضاء مجلس الأمن الذين تحدثوا بانتقاد للولايات المتحدة وبريطانيا، ايرلنداوتونس وأوكرانيا وسنغافورة. ودافعت الولاياتالمتحدة وبريطانيا عن القصف باعتباره دفاعاً عن النفس. ومنعتا مجلس الأمن من اصدار أي بيان. وفي موسكو، أجرى الرئيس فلاديمير بوتين اتصالاً هاتفياً مع نظيره الفرنسي جاك شيراك أعلن اثره "تقارب" مواقف البلدين من الغارات الأميركية والبريطانية التي "تؤدي إلى مردود عكسي". وتعهد الرئيسان بذل جهود لتفعيل الحوار بين بغدادوالأممالمتحدة. واتصل وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف بنظيره الصيني تان تزياسيوان وأعلن أنهما "ينسقان الاستراتيجيات حيال العراق"، ما اعتبر تلميحاً إلى احتمال فتح ملف الانسحاب من نظام العقوبات أو تخفيفه. وطالب الوزيران باحترام سيادة العراق ووحدة أراضيه وبمعالجة المشكلة العراقية في إطار مجلس الأمن الدولي حصراً. وكان مسؤول في وزارة الدفاع الاميركية، رفض كشف هويته اكد لوكالة "فرانس برس" ان بين المنشآت التي استهدفها القصف مراكز قيادة ومراقبة كانت تستخدم كابلات من الالياف البصرية قام تقنيون صينيون بتركيبها". واضاف: "ليس المهم من كان يقوم بتركيبها، المهم هو ان ذلك كان يمكن تعزيز قدرات مراقبة العراقيين بشكل كبير في مجال تحويل معلومات لمراكز اطلاق نيران المضادات. ويشكل هذا بالتاكيد احد الاسباب التي دفعتنا الى استهداف هذه المنشآت" وفي وقت سابق اعلن مسؤول في البنتاغون ان الغارات حصلت في يوم العطلة الاسبوعية في العراق "خصوصا لتفادي احتمال وقوع ضحايا في صفوف الصينيين ... لقد خشينا بعض الشيء من ان يكون صينيون يعملون على الالياف البصرية"، مشيراً مع ذلك الى ان عوامل اخرى اخذت في الاعتبار في اختيار الوقت المناسب لشن اولى الغارات الجوية على مواقع بالقرب من بغداد منذ اكثر من سنتين.