} سيبقى الثاني عشر من شباط فبراير من العام 2001 محفوراً في ذاكرة الرياضة الشرق - اوسطية، لأنه شهد انطلاقة اول بطولة نسائية لمحترفات كرة المضرب من الدوحة. وسيظل الثامن عشر من الشهر ذاته خالداً في سجلات السويسرية مارتينا هينغيس المصنفة أولى عالمياً، لأنه شهد فوزها بأول لقب نسائي على أرض عربية. أهم ما في دورة قطر الدولية المفتوحة للسيدات التي اختتمت امس في الدوحة، ان الدولة تحدت الخوف والتردد وتصدت لحدث عملاق كان الى زمن قريب حلماً صعب المنال. ولقد كان العنوان الرئيسي للدورة قبل الافتتاح: "نجاح التنظيم مضمون"، ويبقى أن إقبال الجماهير هو الهاجس الأكبر... والواقع ان الجماهير كانت "النجم الأول" لهذا الحدث الفريد. حظيت بطولة "قطر توتال فينا إلف" للسيدات في كرة المضرب، باكورة بطولات اللاعبات المحترفات في منطقة الشرق الأوسط باهتمام رسمي وإعلامي وشعبي فاق الحدود. وعاشت المتنافسات اياماً حلوة ستبقى عالقة في أذهانهم طويلاً، لكن لن تمحى أبداً من ذاكرة السويسرية مارتينا هينغيس المصنفة أولى عالمياً لأنها فازت بلقب أول بطولة نسائية في المنطقة ونالت تاجاً من الذهب الخالص المرصّع بأحجار كريمة، فضلاً عن حبّ الجماهير وعشقها. وتخلصت هينغيس من منافستها الفرنسية ساندرين تيستو في ساعة واحدة فقط، وتغلبت عليها 6-3 و6-2. وحسمت السويسرية الشوط الأول في دقيقة واحدة. بيد ان الفرنسية ردت عليها سريعاً وفازت بثلاثة أشواط متتالية، بعد "انتفاضة" أثارت إعجاب نحو خمسة آلاف متفرج في مقدمهم رئيس جمهورية بيلاروسيا الكسندر لوكاشنكو والشيخ تميم بن حمد آل ثاني رئيس اللجنة الأولمبية القطرية. لكن "الانتفاضة" لم تستمر طويلاً، إذ استيقظت هينغيس من غفوتها وفازت بأربعة أشواط متتالية لتحسم المجموعة الأولى في مصلحتها 6-3 في 32 دقيقة. وفي المجموعة الثانية، ظهر الإجهاد واضحاً على تيستو، في حين ارتفع أداء هينغيس فنياً وبدنياً وبسطت يدها على مجريات اللعب وتقدمت 2-صفر قبل ان تحرز الخاسرة أول شوط لها في هذه المجموعة. وتوالت الألعاب الفنية البديعة والمتقنة من اللاعبة السويسرية وتقدمت 5-1 حين حصلت الفرنسية على شوطها الثاني ثم أنهت هينغيس المجموعة والمباراة في مصلحتها 6-2 في ساعة واحدة بالتمام والكمال. وعقب المباراة، شهدت حفلة الختام عرضاً فنياً تراثياً شاركت فيه الخيول العربية الأصيلة وفرقة للغناء والرقص الشعبي بالسيوف العربية. ودخلت فتاتان قطريتان بالزي الشعبي تحملان وروداً الى الملعب، وألقيت كلمات إشادة من ممثل شركة توتال فينا الف للبترول بالتنظيم ومستوى البطولة الفني، وأكد رعاية شركته لبطولات السيدات في قطر لمدة 3 سنوات مقبلة ثم دخلت تيستو مرتدية الزي الشعبي القطري المعروف ب"النشل". وتسلمت جائزة ذهبية تمثل حيوان المها القطري الذي يعد رمزاً مهماً. وبعدها دخلت هينغيس الى أرض الملعب ممتطية جواداً عربياً أشقر أهداه إليها الاتحاد القطري للفروسية، وكانت ترتدي أيضاً "النشل"، وسلمها الشيخ تميم بن حمد كأساً ذهبية على شكل طائر الشاهين وتاجاً قطرياً توج رأس اللاعبة المصنفة أولى عالمياً. واستمتعت الجماهير حقاً بالحفلة الختامية كما استمتعت بمباراة القمة التنسية. وبعد مراسم التسليم قالت تيستو إن "مارتينا استحقت الفوز لأنها كانت أفضل مني بكثير. وما أود أن أقوله إنني لن أفوّت أي بطولة تقام في قطر طالما لا أزال أزاول اللعبة"، وشكرت الجماهير والمنظمين على كل ما قدموه لإنجاح هذه الدورة. اما البطلة فقالت: "شعرت وكأنني أميرة حقيقية على صهوة حصان". وتوجهت بالشكر الى أمير البلاد والجماهير والمنظمين. "أما عن المباراة فلم تكن سهلة كما يبدو من نتيجتها، لأن تيستو كانت أكثر من ند لي في الكثير من النقاط، وأؤكد انني سأعود الى قطر وسأشارك في كل بطولاتها المقبلة". استطلاع وأجرت "الحياة" مسحاً لأجواء البطولة، واستطلعت آراء قطاعات عدة من متابعيها لمعرفة انطباعاتهم حول تنظيم اول بطولة نسائية في المنطقة. وقال الأمين العام للجنة الاولمبية القطرية العميد دحلان الحمد ان البطولة ولدت عملاقة ولتبقى، وهي اكدت ان الرياضة القطرية تسير على النهج الصحيح. وأوضح ان هذه ليست المرة الاولى التي تشارك فيها بطلات عالميات في منافسات رسمية في الدوحة، مشيراً الى سباقات الجائزة الكبرى لألعاب القوى التي دأبت الدوحة على استضافة احدى جولاتها سنوياً وتوجت المناسبة في العام الماضي اذ استضافت نهائي هذه البطولة العالمية... وأيضاً بطولة قطر الدولية لكرة الطاولة وغيرهما. وتطرق الامين العام للاتحاد القطري لكرة المضرب محمد اسماعيل الى اهمية هذه البطولة في تحبيب الناشئات في قطر للعبة والعمل على مزاولتها ما يساعد في اعداد منتخب جيد للمشاركة في اسياد 2006 المقرر في الدوحة. وأضاف: "تنظيم هذه البطولة سيبقى محفوراً بأحرف من ذهب في سجلات الرياضة القطرية. وكما كان الاتحاد القطري سباقاً لتنظيم بطولات للرجال، ها هو وبعد جهد كبير استمر نحو 3 سنوات، نجح في استضافة اول بطولة للسيدات اكسبت البلاد سمعة عطرة اعلامياً ورياضياً". وأضاف: "ولعل ارتداء اللاعبات المحترفات العباءة القطرية في حفل الافتتاح زاد من بهجة المناسبة واكسبها اهمية عالمية اكبر خصوصاً بعدما وصلت هينغيس وارتدت هي الاخرى العباءة". وحول المردود الاجتماعي للبطولة، قال اسماعيل "قطر مقبلة على تنظيم اسياد 2006، ومن الضروري تهيئة الأجواء لاستقبال هذا الحدث الكبير الذي تشارك فيه المرأة في اللعبات كلها. وفي رأيي ان المجتمع تقبل البطولة برحابة صدر لأنه اقبل على متابعتها، والحضور النسائي المكثف للمباريات خير دليل" وأضاف "المرأة القطرية وجدت الفرصة للمشاركة في الاعداد والتنظيم وادارة جوانب كثيرة من خلال العمل التطوعي، ورغبة الكثيرات في المساهمة في هذا العمل دلالة واضحة على ان مردود تنظيم البطولة على المجتمع كان ايجابياً". وقال رئىس قسم الرياضة في جريدة "الراية" القطرية عبدالحميد اللنجاوي ان الاتحاد القطري للرماية وضع اللبنة الاولى للرياضة النسائية في قطر، اذ انطلقت الخطوة الاولى على طريق الألف ميل بطلقة نسائية في ميدان الرماية بالدحيل. واوضح ان الخطوة كانت جريئة ومدروسة عندما سمح الاتحاد وبمباركة اللجنة الاولمبية بمشاركة العنصر النسائي القطري في انشطته وشكل اول منتخب للسيدات شارك بنجاح في بطولة الخليج التي استضافتها الدوحة اخيراً. وأشار اللنجاوي الى ان المشاركة النسائية في بطولات خليجية وعربية ودولية تعني لبلاده الكثير، ولأنها تعني عودة نصف المجتمع الى مزاولة الرياضة والعمل في مجالات اخرى كثيرة. وشدد على الا تنسى المرأة الشرقية عاداتها وتقاليدها والتزامها بآداب مجتمعها وان تتبع المقولة العظيمة "العقل السليم في الجسم السليم". واعتبرت نشوى بابكر عيسى المذيعة ومقدمة البرامج الرياضية في الفضائية القطرية وتلفزيون قطر ان البطولة الحالية تجسد ريادة قطر في المجال الرياضي كونها البطولة الاولى خليجياً وعربياً واقليمياً. وقالت ان نجاح هذه الدورة هو بمثابة قلادة ذهبية في عنق الرياضة القطرية لأنها أفسحت في المجال امام المرأة القطرية لمتابعة اللاعبات العالميات عن كثب مما قد يدفع بالصغيرات منهن الى الاقدام على مزاولة اللعبة وبالتالي تشكيل قاعدة اساسية مهمة ينتقي منها منتخب يمثل البلاد في الاسياد عام 2006. وأضافت "ومثل ما اتيحت الفرصة للمرأة القطرية لاخذ دورها في الانتخابات البلدية ما احدث انعكاسات كبيرة على الصعيد الخليجي، فإن مشوار المرأة القطرية في مضمار الرياضة التي بدأته بالمشاركة في بطولة الخليج للرماية هو الخطوة الاولى لمشاركة المرأة الخليجية في مختلف الرياضات الاخرى". وقالت المتطوعة ن ب التي فضلت عدم ذكر اسمها بالكامل انها سعيدة بمشاركتها في هذا الحدث، مؤكدة "ان عمل المرأة في مجال الرياضة ليس عيباً طالما انها تحترم عادات وتقاليد بلادها، المرأة الآن تقود الطائرات في الامارات وعمان ودول عربية اخرى". وترى ن ب ان مشاركة المرأة في المجالات كلها لا غنى عنه، مشيدة باختيار الدكتورة انيسة الهتمي لتصبح اول امرأة تنضم الى عضوية مجلس ادارة اللجنة الاولمبية في التاريخ. بطولة دبي وفي دبي، تنطلق اليوم بطولة "سوق دبي الحرة" المفتوحة للسيدات، ثاني الدورات النسائية في المنطقة، والبالغة قيمة جوائزها المالية 565 ألف دولار. وتشارك في البطولة هينغيس، والفرنسيات ماري بيرس وناتالي توزيا، والاسبانية ارنتشا سانشيز، والفرنسية ساندرين تيستو، والنمسوية باربارا شيت، والتايلاندية تامارين تاناسوغارن، والسلوفاكية هنريتا ناغيوفا. وتلعب العربيتان التونسية سليمة صفار والمغربية وبهية محتسن في الدور الرئىسي اذ صنفتا في المركزين 23 و24 في البطولة. وأعرب البريطاني كولم ماكلوفين عن سعادته باقامة بطولة السيدات الى جانب بطولة الرجال في دبي، وان ذلك "كان حلماً طالما تمنيناه في السنوات الماضية الى ان اصبح واقعاً بعد جهود كبيرة بذلناها".