بوسطن، باريس - ا ب، رويترز، أ ف ب، واس - أفاد شهود والسلطات ان مسافراً على متن طائرة متوجهة من باريس الى ميامي حاول إشعال "متفجرات مُعدّة بطريقة مرتجلة" في حذائه، لكن مضيفي الطائرة وركابها تمكّنوا من السيطرة عليه فوق المحيط الأطلسي. ورافقت مقاتلات حربية أميركية طائرة "بوينغ - 767" تابعة لشركة "اميركان ايرلاينز" حتى هبوطها بسلام في بوسطن. وقال مسؤولون ان المسافر الذي وُضع في عهدة مكتب التحقيقات الفيديرالي أف. بي. آي.، ستوجه اليه تهمة عرقلة عمل طاقم الطائرة في رحلتها مساء السبت. وسيمثل أمام قاض فيديرالي الأربعاء، نظراً الى عطلات عيد الميلاد. وقالت مصادر في الشرطة الفرنسية ان المحققين الأميركيين يفحصون مسحوقاً أبيض عُثر عليه مع المسافر. وفي حين تحقق السلطات في ما اذا كان المسافر استخدم جواز سفر بريطانياً مزوراً باسم "ريتشارد ريد"، قال مسؤولون في ال"اف. بي. آي." ان الرجل ليس من أصل شرق أوسطي، على عكس تكهنات سابقة. وأفادت مصادر في الشرطة الفرنسية ان الرجل قال للمحققين انه سريلانكي مسلم ويدعى عبد الرحيم. ويفيد جواز السفر البريطاني الذي كان في حوزته ان اسمه ريتشارد كولفين ريد وانه ولد العام 1973. وقال مسؤولو الهجرة والجنسية الاميركيون ان جواز سفر الرجل والذي صدر قبل ثلاثة اسابيع في بلجيكا باسم ريتشارد ريد مزور. وأعلنت وزارة الخارجية البريطانية انها تسعى الى الاتصال بالرجل، بحسب ما تقتضي الأصول عندما يُعتقل رجل يحمل الجنسية البريطانية. وقالت السلطات ان الرجل الذي حاول إشعال فتيل في حذائه، قاوم إحدى المضيفات وعضّها بعدما تدخلت لوقفه عما يفعل. وأضافت ان ركاباً آخرين استطاعوا السيطرة عليه وربطوه بأحزمة الأمان في مقعده. واستخدم طبيبان كانا على الطائرة مواداً طبية كانت على متنها لتهدئته، وتم نزع حذائه منه. وقال توماس كينتون، المدير التنفيذي في سلطات مطار ماساتشوستس التي تدير مطار بوسطن: "عندما حالوا تهدئته قال انه مطوّق بأسلاك". وقال المسافر اريك دبري 42 عاماً، من باريس انه قفز من فوق مقعده وسحب ذراعي "ريد" الى الوراء، في حين تدخل راكبان آخران وطوّقا قدميه. وقال تييري دوجون 36 عاماً، من باريس ان خمسة ركاب أو ستة تولّوا تهدئة الرجل الطويل القائمة 93،1 متر. وقال الراكب الآخر فيليب آكاس 39 عاماً ان بعض الركاب عثروا معه على شريطين سمعيين سُلّما الى قائد الطائرة. وجاء الحادث مع بدء زحمة السفر عشية عطلة عيد الميلاد ليزيد قلق المسافرين بالطائرات، وكثير منهم يمتنع عن السفر منذ عمليات الخطف الانتحارية في 11 أيلول سبتمبر الماضي. وأخذت السلطات الحكومية وشركات الطيران خطوات عديدة لتعزيز أمن الرحلات، بينها منع حمل السكاكين والشفرات وزيادة عدد الحقائب التي تُفتّش. وأصدرت إدارة الطيران الفيديرالية في 11 كانون الاول ديسمبر تحذيراً الى شركات الطيران من احتمال حصول عمليات خطف لطائرات في الولاياتالمتحدة وأوروبا خلال عطلات نهاية السنة، ولفتت الانتباه الى ان الخاطفين يمكن ان يخفوا أسلحة في أخذيتهم. ورفضت المصادر التي كشفت ذلك تحديد المعلومات الاستخباراتية التي دعت الى إصدار مثل هذا التحذير. وكانت الطائرة الاميركية القادمة من باريس حطّت الساعة 50،12 دقيقة بعد ظهر السبت بتوقيت شرق أميركا في مطار لوغان في بوسطن حيث كان في انتظارها رجال الشرطة والاسعاف وفرق التفتيش عن القنابل. ونزل بسلام منها ركابها وعددهم 185 وأفراد طاقمها وعددهم 12. ورافقت مقاتلتان من نوع "أف - 15" الطائرة حتى هبوطها في المطار. وابلغ مسؤولون في مطار لوغان مؤتمرا صحافياً ان رجلاً يبدو "من أصل شرق اوسطي" كان مسافراً بجواز سفر بريطاني مزيف اعتقل. وقال توم كينتون، مدير الطيران في المطار، ان طاقم الطائرة والركاب الاخرين "أمسكوا" بالرجل. واضاف: "بوضوح هناك اعمال اتخذت على متن تلك الطائرة منعت حدوث شيء خطير جداً ... اعتقد بانه عندما بذلت محاولات لتهدئته قال انه مطوق باسلاك. قال كلمات بهذا المعنى". وزاد ان مضيفاً اقترب من الرجل عندما اشعل ثقاباً اثناء تحليق الطائرة. وقال: "رائحة الكبريت نبهت مضيفي الرحلة ... وعلى الفور تحركوا عندما شاهدوا ما يحاول هذا الرجل ان يفعله. ومن دون مبالغة امسكوا بهذا الشخص ودخلوا في مباراة مصارعة في محاولة لمنعه من الحركة. واصيب المضيفون الجويون خلال هذا وطلبوا المساعدة من الركاب الآخرين على متن الطائرة وتلقوا مساعدة منهم". وقال كينتون ان الرجل كان يحمل "متفجرات مصنوعة في شكل مرتجل تكفي لاحداث اضرار"، وان حذاءه فُحص بالاشعة السينية و"ظهر وجود اسلاك واشياء اخرى فيه". وقالت شبكة تلفزيون "سي. ان. ان." ان الرجل عضّ مضيفة خلال الاشتباك. وأضافت ان الركاب الآخرين استخدموا احزمتهم لتقييد الرجل، في حين أعطاه اطباء مهدئات ثلاث مرات. وقالت الناطقة باسم السلطات الملاحية في ماساتشوستس، لورا وايت، ان المادة "لدنة من نوع سي 4" وهي مادة شديدة التفجير تستخدمها شركات الهدم والعسكريون. واستُخدمت هذه المادة في عملية تفجير المدمرة "يو. أس. أس. كول" في ميناء عدن في تشرين الأول اكتوبر 2000، وهو الحادث الذي أدى الى مقتل 17 من مشاة البحرية الأميركية المارينرز. وتتهم الولاياتالمتحدة تنظيم "القاعدة" الذي يقوده أسامة بن لادن بالوقوف وراء الاعتداء. وقال سكوت مكليلان، الناطق باسم البيت الابيض، ان الرئيس جورج بوش أُطلع على الحادث و"البيت الابيض يراقب الموقف منذ ساعة مبكرة"، وان مكتب التحقيقات الفيديرالي يقود التحقيق. وقالت الخبيرة في الشؤون الامنية ماري شيافو، المحققة السابقة في وزارة النقل، ان الرجل اعد خطته بعناية حيث ان البوابات الامنية في المطارات لا يمكن ان تكشف المتفجرات. وقالت ان الكلاب البوليسية المدربة وحدها قادرة على الكشف عن مادة "سي 4" المتفجرة. لكنها قالت ان عدم وجود امتعة مع الراكب لرحلة طويلة كان ينبغي ان تنبه موظف الشركة لدى تقدمه للتسجيل. واضافت ان الشرطة ليس لديها وسيلة لمعرفة ان الراكب بدون امتعة ان لم يتم ابلاغها. واثار الحادث تساؤلات في شأن ما اذا كان حادثاً معزولاً ام هو جزء من خطة ارهابية. وقال خبير عسكري "إن لم يكن حادثا معزولا ارتكبه مجنون، فربما يكون مثالاً على ما ستكون عليه الموجة الارهابية الجديدة التي ربما تخطط لها شبكة "القاعدة" منذ فترة طويلة، او ردا على الاحداث في افغانستان". وفي باريس، أعلنت قيادة الشرطة وشرطة الحدود والاجواء الفرنسية المتخصصة بأمن المطارات والطيران فوق الاراضي الفرنسية أنها فتحت تحقيقاً حول ملابسات وصول رجل يحمل مواد متفجرة الى الطائرة المتوجهة الى ميامي. وقالت مصادر في الشرطة الفرنسية أن التدابير الامنية كانت ممتازة وأن الرجل يحمل جواز سفر بريطانياً ولا شيء يدل على أنه مزور، موضحة أنه كالركاب الآخرين خضع لتفتيش دقيق عبر أجهزة الليزر والاجهزة المغناطيسية لكن هذه الاجهزة لا تكشف كل أنواع المتفجرات مثلها مثل الاجهزة المستعملة في بقية المطارات الدولية. واضافت أنها تنتظر معلومات من السلطات الامنية الاميركية لمعرفة نوعية المواد التي كان يحملها الرجل.