من هم اصحاب الوجوه المكبلة ممن تظهر صورهم وهم يقفون امام عناصر تحالف الشمال، أولئك الذين يطلق عليهم اسم "الأفغان العرب"... وهل تكفي هذه التسمية لندرك انهم اولئك المقاتلون المجهولون الغفل المنتمون الى تنظيم "القاعدة"؟ لهؤلاء المقاتلين اهل ومجتمعات خرجوا منها ودول تطالب باستلامهم وأخرى لا تطالب. ولهم ايضاً أقارب ظلوا صامتين طوال غيابهم، إذ شعروا بأن "هجرة" أبنائهم قد تدينهم، أو قد تثير تساؤلات هم في غنى عنها. ولكنهم اليوم يشعرون بأضعاف ما شعروا به في السابق. فالعالم كله متكتل ضد ابنائهم. الآن وبعد ارتكابهم "معصيتهم" وخروجهم مكبلين من كهوفهم، يحسن بنا استئناف التفكير بهم كضحايا. فذلك الرجل بين يدي المقاتل الأفغاني هو الآن تماماً في وضع الضحية. يخبئ وجهه بين يديه فيما المقاتل الأفغاني يحاول رفع وجهه بالقوة حتى تلتقطه الكاميرا. وذلك الجريح المتكئ على عكازه، والذي قيدت يداه الى الخلف ابن من يكون ومن اي دولة جاء ومن اي مجتمع خرج؟ والأسرى القليلون من تنظيم "القاعدة" الذين ظهرت وجوههم، لا يشكلون 10 في المئة شمن الأسرى العرب في افغانستان الموزعين بين تحالف الشمال والقوات الأميركية وميليشيا القبائل الأفغانية الأخرى. في قلعة "غانجي" جاءت اخبار عن مقتل مئات منهم ولكن هذه الاخبار خلت من الاسماء والوجوه. وبالأمس قالت الشرطة الباكستانية ان عدداً من الافغان العرب الاسرى لديها قاموا بتمرد وسرقوا اسلحة حراسهم ووقعت اشتباكات ادت الى مقتل عدد منهم. ولكن من هم هؤلاء القتلى؟ ومن سعى لمعرفة جنسياتهم؟ "الحياة" حاولت في هذا الملف التقصي عن مصائر هؤلاء الشبان عبر اهلهم وحكوماتهم في كل من مصر والكويت واليمن والأردن فحصلت على حكايات كثيرة، ولكنها ايضاً استشعرت هواجس الأهالي والحكومات ايضاً، التي تفاوتت بين الخوف على مصائر الأبناء والخوف مما سيجره هؤلاء من عقوبات تسعى الحكومات الى تفاديها عبر تجاهلها مصائر مواطنين. بمقدار ما فرضت الحملة التي تقودها أميركا ضد الأصوليين الراديكاليين في العالم وسعيها بالتعاون مع دول أخرى إلى تفكيك الشبكات السرية وتجفيف منابع تمويل التنظيمات الاسلامية المتشددة والقبض على رموز وعناصر "نجوم المرحلة" ممن صارت أسماؤهم تحتل واجهة الصورة في المسرح السياسي العالمي، فإن الحملة نفسها والنتائج التي افضت اليها حتى الآن طرحت اسئلة كثيرة، ليس فقط عن مصير "الافغان العرب"، ولكن ايضاً عما اذا كانت هناك رغبة حقيقية لدى دولهم في استعادتهم، او تركهم يموتون في الارض التي اختاروها مسرحاً لنشاطهم لسنوات، وماذا عن عائلاتهم وأسرهم في مصر وكيف تتابع اخبارهم، وكذلك ما يتعلق بطرق الاتصال بين الرجال الذين خرجوا ل"الجهاد" ضد الاميركيين والقبائل والتحالف الشمالي وبين زوجاتهم واطفالهم الذين تاهوا في الجبال والدروب الصحراوية. يعيد التاريخ نفسه مع تعديل في ملامح الصورة لتناسب الأوضاع الجديدة التي فرضتها الهجمات على نيويورك وواشنطن يوم 11 أيلول سبتمبر الماضي. وبدلاً من أن "يُزرع" "الأفغان العرب" برعاية أميركا ودول أخرى عدة كما حدث عقب الغزو السوفياتي لأفغانستان العام 1979، فإن هؤلاء العرب اختاروا هذه المرة أن يموتوا في الأرض نفسها التي "زُرعوا" فيها بدلاً من أن يجدوا أنفسهم ينقلون في صناديق وأكياس إلى بلادهم حيث مصيرهم المحتوم بلا ثمن. ومنذ تفجير سفارتي أميركا في نيروبي ودار السلام في آب اغسطس 1998 بدا أن أعداداً من "الأفغان العرب"، وغالبيتهم من المصريين، استشعروا الخطر بعدما قرأوا أنباء تسليم زملاء لهم كانوا يقيمون في البوسنة وأذربيجان ودول أخرى إلى السلطات المصرية فاعتقدوا بأن الدور سيأتي عليهم فحملوا أغراضهم البسيطة وبدأوا رحلة العودة إلى أرض "الجهاد" في افغانستان. أما المقيمون في دول أوروبية ممن حصلوا على لجوء سياسي أو قدموا طلبات لنيل ذلك الحق ينتظرون البت فيها، فإنهم جميعاً اختاروا الصمت سبيلاً للنجاة، بعدما تحولوا إلى أوراق مكشوفة للجميع وبات أي حديث يصدر عنهم أو اتصالات يجرونها مع زملائهم أو حتى أهاليهم محسوبة عليهم. ويستبعد هؤلاء إقدام السلطات في الدول التي يقيمون فيها على تسليمهم إلى مصر على أساس أن القوانين الأوروبية تحظر تسليم طالبي اللجوء أو المقيمين فيها إلى دول تطبق عقوبة الإعدام. لكن هؤلاء، وبعضهم صدرت ضده أحكام غيابية في قضايا العنف الديني، يخشون أن يؤدي تطور الأحداث إلى القبض عليهم واتهامهم في قضايا أمام محاكم الدول التي يقيمون فيها أو طردهم، وهم لا يعتقدون أن دولة واحدة في العالم تقبل استقبالهم بعدما سقطت أفغانستان. وفي الوقت الذي كان "الأفغان المصريون" مع زملائهم من أبناء الجنسيات العربية الأخرى يصارعون رجال قبائل الافغان والمارينز الأميركيين حاول زملاء لهم الفرار الى دول متاخمة فوقعوا في الأسر. ووفقاً لمصدر أصولي فإن عشرات من الأصوليين العرب اعتقلوا في الأسابيع الماضية اثناء محاولتهم المرور عبر جمهوريات تابعة لروسيا وأخرى من دول الاتحاد السوفياتي السابق. وأجريت تحقيقات مع هؤلاء برعاية أميركية لمحاولة الوصول الى معلومات وتفاصيل عن نشاطات تنظيم "القاعدة" وأسامة بن لادن. وكان هناك آلاف من "الافغان العرب" أقاموا لسنوات طويلة داخل الاراضي الافغانية وفضلوا الاقامة في افغانستان بعد انتهاء حرب المجاهدين ضد الاحتلال السوفياتي وصاروا جزءاً من البيئة المحيطة بهم بعدما تزوجوا من افغانيات دون ان يرتبطوا بتنظيم "القاعدة" أو غيره من التنظيمات التي اتخذت من الاراضي الافغانية مسرحاً لنشاطها مثل جماعة "الجهاد" المصرية. وأشار المصدر الى أن عشرات من هؤلاء استشعروا الخطر بعد الهجمات على نيويورك وواشنطن في أيلول سبتمبر الماضي، وحاولوا الرحيل من المدن التي كانوا يقيمون فيها إلا أنهم خشوا أن تفسر حركة "طالبان" التصرف على أنه خيانة فبقوا في منازلهم الا انهم بدأوا في الرحيل بعدما تخلت عناصر "طالبان" عن تلك المدن واحدة تلو الأخرى، وأوضح المصدر ان كثيراً من هؤلاء وقعوا في الأسر عند نقاط حدودية كما تم توقيف آخرين داخل بعض المدن ونقل الجميع الى مراكز الأمن حيث يخضعون للتحقيق. وكان القيادي البارز في جماعة "الجهاد" احمد سلامة مبروك الذي سلمته اذربيجان الى مصر وحوكم العام 1999 في قضية "العائدون من البانيا" كشف ان زعيم التنظيم الدكتور ايمن الظواهري اعتقل العام 1996 مع ثلاثة من مساعديه اثناء محاولته المرور عبر نقطة حدودية من داغستان، مشيراً الى أن الظواهري كان في طريقه من افغانستان الى اذربيجان براً للقاء قادة وعناصر من "الجماعة" كانوا يقيمون هناك الا أنه أوقف عند نقطة حدودية في داغستان بسبب استخدامه جواز سفر مزوراً، واشار مبروك الى أن الظواهري بقي مع الثلاثة الاخرين نحو ستة اشهر داخل السجن من دون أن تعلم السلطات المصرية بالأمر حتى علم أسامة بن لادن بالأمر فتدخل ونجح في إطلاقهم. وتبين أن المسؤولين في داغستان لم يعلموا أن من يحتجزونه هو زعيم جماعة "الجهاد". ووفقاً للمصدر فإن "افغاناً عرب" سلكوا دروباً صحراوية وجبلية في شمال افغانستان والقي القبض على بعضهم في اوزبكستان وتركمانستان. لكن آخرين تمكنوا من المرور عبر الحدود ومروا الى كازاخستان ومنها الى داغتسان وسقط بعضهم اسرى هناك في حين سقط آخرون في كلميكيا وداغستان وانغوشيا واوسيتيا الشمالية واذربيجان. وتؤكد أوساط الأصوليين المصريين أن اذربيجان سلمت مصر خلال الشهرين الاخيرين اكثر من خمسة اسلاميين كانوا يقيمون على اراضيها، وان دولاً أخرى في منطقة البلقان عرضت على الاميركيين نتائج تحقيقات أجريت مع "افغان عرب" فروا من افغانستان وتنتظر رأي الاميركيين في كيفية التصرف مع الموقوفين. وامتدت معاناة "الافغان العرب" لتشمل عائلاتهم التي وجدت نفسها مجبرة على بذل مساعٍ لاستلام جثث أبنائها ممن قتلوا على الأراضي الأفغانية سواء جراء القصف الاميركي للمدن هناك او اثناء القتال ضد قوات التحالف الشمالي أو بفعل العمليات الانتقامية التي نفذت ضد العرب بعد القبض عليهم أو استسلامهم. والتقت "الحياة" في القاهرة السيد طارق نصر وهو شقيق الاصولي المصري البارز نصر فهمي نصر، الذي ورد اسمه في لائحة اصدرتها اميركا بعد الهجوم في نيويورك وواشنطن من بين ستة مصريين اعتبرتهم ضالعين في الهجمات، والذي قتل الشهر الماضي مع افراد اسرته في مدينة خوست بعد ما تعرض المنزل الذي كانوا موجودين فيه لقصف اميركي. وقال انه حاول السير في اجراءات لاستلام جثة شقيقه والوقوف على ما جرى مع عائلته في خوست لكنه لم ينجح مشيراً إلى أن كل الجهات الرسمية أبلغته أن الأوضاع في أفغانستان لا تسمح حالياً بمراجعة اسماء القتلى أو التعرف على جثثهم أو حتى النظر في أمر من بقوا على قيد الحياة من النساء والأطفال. ويعد الاصولي نصر واحداً من ابرز قادة "جماعة الجهاد" ويعتقد بأنه عمل مباشرة مع اسامة بن لادن بعد تأسيس "الجبهة الاسلامية العالمية لجهاد اليهود والصليبيين" في شباط فبراير العام 1992 التي ضمت بن لادن وزعيم جماعة "الجهاد" الدكتور ايمن الظواهري وجماعتين من باكستان واخرى من بنغلاديش. وقُتل نصر مع قيادي آخر في "الجهاد" هو طارق انور وعائلتاهما جراء قصف اميركا مسكنهما. وقال طارق نصر ل"الحياة" إن شقيقه قطع اتصالاته بأفراد اسرته في القاهرة قبل نحو سنة، وطالب السلطات المصرية ببذل جهود لإعادة جثمان شقيقه الى مصر، والوقوف على حال أطفاله، وما إذا كان احد منهم بقي حياً أم لا. ونفى طارق ان يكون شقيقه اتهم في اي من قضايا العنف الديني قبل ان يغادر مصر للمرة الاخيرة العام 1987. واضاف: "حين تردد أن اسم نصر ورد ضمن التحقيقات في قضية محاولة اغتيال وزير الداخلية السابق حسن ابو باشا فضل السفر الى السعودية للعمل هناك. وقال لنا انه قرر ذلك حتى لا يسبب ضرراً للاسرة. وبالفعل توجه إلى هناك وتزوج ثم انتقل إلى أماكن أخرى لم نكن نعلم نهائياً بها. وحتى العام 1999 لم يكن صدر ضده إي حكم قضائي، لكن في ذلك العام صدر ضده حكم غيابي بالإعدام في قضية "العائدون من ألبانيا"، وأشار إلى أن شقيقه لم يكن يتحدث عن أمور أخرى غير الأمور العائلية في المحادثات الهاتفية، ولم يكن ليخبر الأسرة عن أي مكان يتحدث إليهم منه، وأشار إلى أن لشقيقه خمسة ابناء. وذكر أن نصر كان يعمل في "الهيئة العربية للتصنيع" قبل أن يغادر مصر، وأنه كان دمث الخلق ويميل إلى المزاح ولم يكن ينهى أفراد الأسرة عن مشاهدة التلفزيون أو الذهاب إلى صالات السينما. وذكر أن شقيقه غادر مصر بطريقة قانونية مشيراً إلى أن رجال أمن مصريين حضروا إلى منزل الأسرة مرات عدة طوال السنوات الماضية للسؤال عن شقيقه والوقوف على طبيعة الاتصالات التي يجريها مع الأسرة. ومن جهته أعلن محامي "الجماعات الإسلامية" منتصر الزيات أنه خاطب وزارة الخارجية المصرية والسفارة الأفغانية في القاهرة والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين لاتخاذ إجراءات للتعاطي مع ملف الأصوليين المصريين المقيمين في أفغانستان ومتابعة حالات من أُسروا بواسطة قوات التحالف الشمالي أو الاميركيين والعمل على إعادة عائلات وابناء من قتلوا إلى مصر. وقال الزيات إنه تلقى معلومات تؤكد وجود نية لتصفية العرب عموماً والمصريين خصوصاً ممن يقعون في الأسر، وأن أحمد عبدالرحمن المعروف باسم سيف الله نجل زعيم "الجماعة الإسلامية" الدكتور عمر عبدالرحمن تعرض لتعذيب شديد لإجباره على الإدلاء بمعلومات عن شقيقه محمد المعروف باسم "أسد الله" الذي يعتقد أنه موجود حالياً في افغانستان ايضاً. ومعروف أن سيف الله وقع في قبضة الاميركيين الشهر الماضي حيث قُبض عليه في العاصمة الافغانية كابول ونقل لاحقاً الى قاعدة اميركية في المحيط الهادئ حيث يخضع للتحقيق. وقال الزيات ل"الحياة": "إذا كان لدى رجال التحالف الشمالي والاميركيين رغبة في التنكيل بعناصر ال"جهاد" و"القاعدة" مخالفين القوانين والأعراف الدولية فما ذنب النساء والأطفال وبقية العرب الذين لم يكونوا يوماً أعضاء في أي تنظيم؟". وباشرت أسرة الشيخ عبدالرحمن الذي يقضي عقوبة السجن مدى الحياة في أحد السجون الأميركية من جهتها جهوداً سعياً لاطلاق "سيف الله"، ونفت اسرة الشيخ في شدة أن يكون "سيف الله" عضواً في تنظيم "القاعدة" أو أن يكون عمل مع اسامة بن لادن، ودعت الحكومة المصرية الى التدخل للعمل على فك أسر "سيف الله" باعتباره مواطناً مصرياً. وناشدت المنظمات الدولية والاقليمية العاملة في مجال حقوق الانسان الضغط على الادارة الاميركية لضمان سلامته والوقوف على ظروفه في الاسر والحؤول دون تعرضه للتعذيب لإجباره على الإدلاء بمعلومات يسعى الاميركيون الى انتزاعها بأي طريقة. وباشر المحامي الزيات اجراءات قانونية للغرض نفسه، ووجه مذكرات الى وزارة الخارجية المصرية والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين والسفارة الافغانية في القاهرة أرفقها بشهادة رسمية تثبت ان "سيف الله" وشقيقه محمد المعروف باسم "أسد الله"، لم تصدر ضدهما أي أحكام قضائية في قضايا العنف الديني التي نُظرت امام محاكم عسكرية مصرية منذ أن غادرا مصر مع والدهما العام 1989 واتجها الى افغانستان للمشاركة في الجهاد الافغاني. واطلعت "الحياة" على المذكرات التي وجهها الزيات الى تلك الجهات والتي جاء فيها ان "محاولة إلصاق تهمة العمل في تنظيم "القاعدة" الى سيف الله او شقيقه تهدف الى محاولة طمأنة الشعب الاميركي بأن الحملة ضد افغانستان حققت نجاحاً بالقبض على أحد أعوان بن لادن". وقال الزيات ل"الحياة" "اذا كان لدى أحد من ابناء الشيخ عبدالرحمن الرغبة في ممارسة عمل تنظيمي فالأوْلى أن يلتحق بعضوية "الجماعة الاسلامية" ومن ثم يتقلد مراتب متقدمة في سلمها القيادي لأن والدهم زعيم التنظيم وبالتالي فإن القول أن "سيف الله" عمل في "القاعدة" يتنافى اساساً مع أي فهم لخريطة الحركات الاسلامية. فالمعروف ان "الجماعة الاسلامية" لم تدخل أي تحالف مع بن لادن ولم يكن استهداف المصالح الاميركية ابداً ضمن خططها، فاذا لم يكن "سيف الله" أو "أسد الله" فاعلين في "الجماعة الاسلامية" فإن عضويتهما في "القاعدة" تعد أمراً غير متصور". ومن جهته رصد ابن الشيخ عبدالله عبدالرحمن تعاطياً اميركياً مريباً مع قضية شقيقه. وقال: إن صحيفة "الحياة" كانت نشرت خبر القبض عليه يوم 18 تشرين الثاني نوفمبر الماضي، وتجاهل الاميركيون الأمر، لكنهم عادوا واقروا بذلك بعد أسابيع ما يعكس رغبة اميركية في حجب المعلومات حول سيف الله عن الجميع، علماً أنه ذهب مع شقيقه الى افغانستان العام 1989 حين كان في السنة الاولى في المرحلة الاعدادية وشقيقه في المرحلة الثانوية وشاركا معاً في جهاد الافغان ضد الاحتلال الروسي، وكان حضورهما هناك سابقاً على نشاط افغان عرب سابقين ومنهم اسامة بن لادن نفسه، وبالتالي فإنهما لا يحتاجان الى الانضمام الى تنظيم حتى يضمنا البقاء هناك في سلام" وحول ظهور "أسد الله" في بداية العام الجاري في شريط فيديو مع بن لادن اثناء حملة للعمل على اطلاق الشيخ عبدالرحمن قال الابن: "والدي عالم جليل له مكانة خاصة لدى المسلمين وبالتالي فإن محاولة اطلاقه وتحريره من الاسر تظل امراً مستحباً لدى الجميع، ولأن ابني الشيخ يقيمان في افغانستان فإن دعودتهما او أحدهما للمشاركة في الفاعليات التي تخص قصة الشيخ تكون امراً طبيعياً ولا تعني وجود علاقة تنظيمية بين كل من حضروا المؤتمر وبين بن لادن". ولفت عبدالله الى أن كل اللوائح الاميركية التي صدرت منذ وقوع الهجمات على نيويورك وواشنطن لم تتضمن أبداً أياً من اسماء ابناء الشيخ الضرير. وبرر عبدالله عدم عودة شقيقيه الى مصر بعد انتهاء الجهاد الافغاني بأنهما فضلا الاستمرار في افغانستان بعدما شعرا بأن عودتهما الى مصر تتطلب منهما بداية جديدة من أجل المستقبل، خصوصاً انهما كانا يقيمان اعمالاً تجارية، فضلاً عن ان الحكومة المصرية في ذلك الوقت كانت تعتبر كل من شارك في الجهاد الافغاني ارهابياً، وبالتالي فإن أي عائد من هناك كان مصيره السجون، واعتبر ان القبض على "سيف الله" في كابول ونجاة "أسد الله" الذي كان متوجهاً الى قندهار دليل على انهما لا يقيمان هناك لأسباب تتعلق بنشاط تنظيم "القاعدة" وغيره من التنظيمات الاخرى وانهما يقيمان بطريقة طبيعية. وجهة النظر المصرية الرسمية تقوم على أن أحداً لم يدفع "الأفغان المصريين" للخروج من بلدهم والتوجه الى أفغانستان ليستغلوا اراضي ذلك البلد في التدريب والتخطيط على ارتكاب العمليات الارهابية ضد بلدهم ومواطنيه في مرحلة ثم ضد الآخرين في مرحلة أخرى. ولم يصدر عن المسؤولين المصريين بيان قاطع في شأن التعاطي مع قضية "الأفغان المصريين" ومصيرهم. لكن "الحياة" سألت أحدهم فأشار إلى أن الساحة الأفغانية طوال الاسابيع الماضية لم تكن تصلح لأي شيء في أمر ومصائر أبناء بعض الجنسيات. فالقتال والقصف والحرب لم تحقق مناخاً لأي تدخل سياسي، والقاهرة لن تعترض طريق عودة أي شخص أو عائلة ممن عاشوا في أفغانستان الى وطنهم، إلا ان القانون سيأخذ مجراه، ومن يثبت انه شارك في عمل ضد وطنه سيحال على القضاء أما من يثبت انهم لم يرتكبوا أي مخالفات قانونية اثناء رحلتهم في الخارج فإنهم سيطلقون. وكان لافتاً النداء الذي وجهته أخيراً السيدة أميمة عبدالوهاب والدة زعيم جماعة "الجهاد" الدكتور ايمن الظواهري إلى جهات وشخصيات عدة على رأسها الرئيس حسني مبارك وعقيلته والمنظمات الحقوقية والإغاثية ومنظمة الصليب الأحمر حثتهم فيه على التدخل لإنقاذ أربع من بنات الظواهري وثلاثة من أحفاده تشير تقارير إلى أنهم يواجهون ظروفاً بالغة الصعوبة منذ قصفت الطائرات الاميركية منزلاً يعيشون فيه في مدينة قندهار منتصف الشهر الجاري، حيث ينتقلون ما بين دروب صحراوية ومسالك جبلية في أفغانستان بعدما خرجوا من مدينة قندهار خشية التنكيل بهم بعدما قُتلت أم البنات الأربع زوجة الظواهري السيدة عزة نويرة وابنهما محمد جراء القصف الأميركي الذي أسفر أيضاً عن اصابة الابنتين الكبريين فاطمة وأميمة بجروح نقلتا على أثرها إلى مكان آخر لتلقي العلاج ما تسبب في الاعتقاد بأنهما قتلتا أيضاً جراء القصف. ويعكس حديث السيدة عبدالوهاب حجم المأساة التي يعانيها اهالي "الافغان العرب". وهي ذكرت ان المرة الأخيرة التي شاهدت فيها أحفادها كانت قبل أكثر من عشر سنوات حين زارتهم في باكستان. وأن ابنها كان في ذلك التوقيت يعمل طبيباً في مستشفى الهلال الأحمر الكويتي في مدينة بيشاور. وأوضحت أن أعمار بنات الظواهري الأربع هي: فاطمة 20 سنة وأميمة 17 سنة ونبيلة 16 سنة وخديجة 12 سنة. وأشارت إلى أن ابن الظواهري الوحيد محمد الذي قتل جراء القصف الاميركي كان يبلغ الرابعة عشرة من العمر. واعربت والدة الظواهري عن أملها في أن يلقى نداءها استجابة من الرئيس مبارك، مشددة على أن البنات والاحفاد "لم يكن لهن أي ذنب في ما جرى على الأراضي الأفغانية". ومعروف أن الظواهري محكوم عليه بالإعدام من محكمة عسكرية مصرية العام 1999 في قضية "العائدون من ألبانيا" التي صدرت فيها أيضاً احكام غيابية بالإعدام ضد 9 آخرين من قادة "جماعة الجهاد" بينهم شقيقه محمد الذي اختفى قبل سنتين وقيل إنه سُلم إلى مصر. وكان الظواهري من اوائل المصريين الذين ذهبوا الى الساحة الافغانية. وهو توجه العام 1980 الى مدينة بيشاور التي عاش فيها شهوراً عدة عاين فيها الاوضاع اثر الغزو السوفياتي لافغانستان حتى عاد الى مصر ليتهم في قضية اغتيال الرئيس الراحل انور السادات العام 1981. وبعد ثلاث سنوات قضاها في السجن رحل مجدداً الى افغانستان.