شهدت أسواق المال العالمية خلال الاسبوعين الماضيين ارتفاعات تبشر بانتعاش الاقتصاد العالمي خلال السنة المقبلة، على رغم ان بعض الاقتصاديين حذر من ان المعركة لم تنته بعد. لندن - "الحياة"، رويترز - ما زال الاقتصاديون يتجادلون، لكن اسواق المال اعلنت بالفعل الانتعاش في سنة 2002. ومع بشائر هدوء الأوضاع في افغانستان والمرونة التي ابداها المستهلك الاميركي، استوعبت الاسواق بالفعل تحولاً في اتجاه الاقتصاد العالمي في السنة المقبلة مع ارتفاع في الاسهم وتراجع السندات وزيادة اسعار المعادن واستفادة الاسواق الناشئة. وقال توني دولفين الاقتصادي العالمي في "هندرسون غلوبال انفستورز" التي تدير نحو 140 بليون دولار من الاستثمارات: "السرعة التي انهارت بها "طالبان"، بالاضافة الى ارتفاع بنسبة 7.1 في مبيعات التجزئة الاميركية يعتبران بشائر على الانتعاش". وأضاف: "بدأت آلية الانتعاش الاقتصادي وخفضت في الوقت نفسه المخاطر على مستوى العالم". وشهد الاسبوع الماضي انهيار حركة طالبان الافغانية، ما ازال عاملاً رئيسياً من عوامل عدم التيقن بالنسبة للمستثمرين، بالإضافة الى الارتفاع المفاجئ في مبيعات التجزئة الاميركية في تشرين الاول اكتوبر الماضي. وارتفعت اسعار الاسهم مع صعود مؤشر "داو جونز" الصناعي الاميركي بنسبة ثلاثة في المئة ليرتفع المؤشر باكثر من 20 في المئة عن مستوياته المنخفضة في أيلول سبتمبر. والارتفاع بنسبة 20 في المئة أو أكثر عادة ما يصنف على انه انتعاش. وتضررت السندات بشدة مع ارتفاع العائدات على سندات الخزانة الاميركية ذات أجل عشر سنوات 62 نقطة اساس الى 4.75 في المئة خلال الاسبوعين الماضيين بعدما سجلت في وقت سابق مستويات لم تشهدها منذ 12 أيلول. وفي سوق المعادن ارتفع الالومنيوم على سبيل المثال بنسبة نحو سبعة في المئة منذ الثامن من تشرين الثاني نوفمبر الجاري. حتى قيمة ذاكرة الكومبيوتر التي كانت تشهد تراجعاً مطرداً في اطار هبوط هيكلي طويل الاجل مع تحسن الكفاءة التكنولوجية ارتفعت كذلك في الاسابيع القليلة الماضية. وقفز سعر الذاكرة العادية القياسية سعة 128 ميغابايت بنسبة 70 في المئة منذ السابع من تشرين الثاني فيما عكس في جزء منه تراجع المعروض مع خروج بعض الشركات من السوق. وقال شون روتشي المحلل في "سالمون سميث بارني" في لندن: "درجة التنسيق في السوق مذهلة... كان الهبوط منسقاً في الاسواق على عكس ما حدث في التسعينات. واذا حدث انتعاش فسيكون منسقاً كذلك". وفي ما يتناقض مع حماس الاسواق توقعت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أول من أمس نمواً بنسبة واحد في المئة فقط في أكبر 30 اقتصاداً في سنة 2002 وهي نسبة النمو نفسها المقدرة للسنة الجارية. ولكن هناك سؤال لم يقترب أحد من الاجابة عليه وهو من اين تأتي السيولة التي تدفع الانتعاش قدماً. يرى بعض المحللين مثل محلل "سالومون" ان كميات ضخمة من السيولة تضخها البنوك المركزية العالمية في اعقاب احداث 11 أيلول قد يكون لها دور. وتظهر بيانات "سالومون" ان السيولة العالمية والنقود التي دخلت النظم المصرفية والتي لم تستخدم في تعاملات اقتصادية تنمو بمعدل سنوي نسبته 15 في المئة وهو اعلى معدل منذ عام 1982. وهذه الأموال توجه على الأقل مؤقتاً الى اصول مالية. وقال روتشي: "ما شهدناه حتى الآن من تدفقات على صناديق الاستثمار كانت حذرة في تشرين الاول. لذلك ما زالت هناك نسبة كبيرة من السيولة المتاحة". ولكن حتى اذا كانت الاسواق قد قررت ان ذروة الأزمة قد مرت بالفعل وان الاسواق سترتفع فإنها ليست معصومة من الخطأ. والنكتة الشائعة هي ان الاسواق تتوقع بسبع من اربع حالات ركود سابقة وبعشر من خمس حالات انتعاش سابقة. وعلى رغم بعض المؤشرات الايجابية في الايام القليلة الماضية، إلا أن بعض الاقتصاديين يتوقع ان يتدهور اجمالي الناتج المحلي في الولاياتالمتحدة، خلال الربع الاخير من السنة الجارية بنسبة اثنين او ثلاثة في المئة بعدما انكمش بنسبة 0.4 في المئة في الربع الثالث. لكن البعض الآخر يشير الى ان خفض الفائدة الاميركية بنسبة 4.5 في المئة هذه السنة وهبوط اسعار النفط وخفض الضرائب بدأت تؤثر فعلاً في الطلب، وهذا ما حدث فعلاً في الشهر الماضي عندما ارتفع الطلب الاستهلاكي بنسبة 7.1 في المئة.