لم تصمُدْ موجة تفاؤل لفحت أسواق المال الأميركية والأوروبية، أحدثها قرار مجلس الاحتياط الفيديرالي (المصرف المركزي الأميركي) إبقاء معدلات الفائدة الأساس بين صفر و0.25 في المئة حتى منتصف السنة 2013. وكانت سجلت تدهوراً في الأيام الأخيرة على خلفية خفض تصنيف الديون الأميركية، والمخاوف من تفشي عدوى الديون المتعثرة في منطقة اليورو. وافتتحت الأسهم الأميركية أمس متراجعة بنسبة 2 في المئة، بعد ارتفاعها أول من أمس، كما سجلت البورصات الأوروبية بعد ظهر أمس انخفاضاً حاداً متأثرة بسوق وول ستريت وبمخاوف جديدة في شأن اليونان، بعدما ارتفعت في جلسات الصباح متأثرة بقرار «المركزي» الأميركي. وكانت البورصات الآسيوية سجلت تحسناً، كما شهدت أسواق المال العربية إقبالاً على الشراء بعد التراجع الحاد في الأيام السابقة إلى مستويات جعلت الشراء جاذباً. وغامر مجلس الاحتياط الفيديرالي باتخاذ إجراء «انقسامي» لا سابق له، عندما صوّتت لجنته المعنية بالسياسة النقدية بغالبية بسيطة أول من أمس، لمصلحة قرار يجمّد سعر الفائدة الأميركية على مستوى الصفر لمدة لا تقل عن عامين، معترفاً للمرة الأولى بتردي آفاق الاقتصاد الأميركي وتعاظم أخطار الركود. وشدد المصرف المركزي في بيان ختامي، على أن قرار تجميد سعر الفائدة، هدفه توفير الدعم للانتعاش الاقتصادي والمساعدة في ضمان انضباط مستويات التضخم. وأعلن عزمه الاستمرار في إعادة استثمار السيولة المتوافرة من رصيده الضخم من الدين الحكومي وسندات الرهون العقارية المقدر بنحو 2.5 تريليون دولار. وأعادت اللجنة النظر في توقعات النمو الاقتصادي المتفائلة التي أعلنتها خلال اجتماعها الأخير في حزيران (يونيو) الماضي، إذ أقرّت بأن «وتيرة الانتعاش في الفصول المقبلة ستكون أضعف قليلاً مما كان متوقعاً». كما استبعدت تحسناً مفاجئاً في سوق العمل مشددة على «تفاقم أخطار» الركود. وكشف اقتصاديون في مصرف «مورغان ستانلي»، خطورة صدمة التوقعات إذ بلغت النسبة السنوية لنمو الاقتصاد الأميركي في النصف الأول من هذه السنة 0.8 في المئة في مقابل 3.9 في المئة في الفترة ذاتها من العام الماضي. وانعكست آثار هذه الصدمة ومخاوفها على أسعار السلع، خصوصاً النفط الخام الذي انخفضت أسعاره (النفط الأميركي الخفيف) بنسبة تقترب من 14 في المئة منذ بداية الشهر الجاري. وعلى رغم ذلك رأى المحللون، أن النصف الثاني من السنة سيشهد تسارعاً في وتيرة النمو المسجلة في النصف الأول بما يصل إلى ثلاثة أمثال، ورجحوا أن تبلغ نسبة النمو الحقيقي 2.75 في المئة فيما كانت نسبة متفائلة سابقة تجاوزت 3.5 في المئة. وأكد البنك المركزي نيته اتخاذ إجراءات جديدة لإنعاش النشاط الاقتصادي، لافتاً إلى أن اللجنة «ناقشت سلسلة من الأدوات السياسية الموضوعة بتصرفها لتشجيع انتعاش أقوى مع استقرار الأسعار». ويُفترض ان تعقد اللجنة النقدية اجتماعاً في 20 أيلول (سبتمبر) المقبل.