اذا كانت الحقيقة أولى ضحايا الحروب، كما يقولون، فهي قضت هذه المرة قبل الحرب، والارهابيون يكذبون لتبرير ارهابهم. ولو انها نجت منهم لكانت الحرب الجارية على الارهاب قضت عليها بالتأكيد، فمع ان الحرب هذه تتمتع بشرعية كاملة ضمن القانون الدولي، إلا أن اسرائيل وأنصارها من اليهود الاميركيين حاولوا توسيع نطاق الحرب لتشمل حروباً أخرى تخاض لخدمة مصالح اسرائيل على حساب دماء الضحايا الأبرياء. مع ذلك هناك مسلمات حول ارهاب 11 ايلول سبتمبر لا يلغيها أي كذب أو يغطيها مهما قال الرئيس جورج بوش في الأممالمتحدة أو لم يقل: - الحرب على الارهاب مبررة وشرعية في القانون الدولي، وثمة ألف مأخذ ومأخذ على السياسة الخارجية الاميركية إلا أنها مجتمعة لا تكفي لقتل الناس الأبرياء. - يتبع ما سبق ان يطارد الارهابيون ويضبطوا لمعاقبتهم العقاب الرادع، وبما ان الارهابيين عرب ومسلمون، فإن واجب الدول العربية والاسلامية أن تقود الحملة ضد الارهاب، لا أن تؤيدها بالكلام فقط، لتثبت أنها ضد الارهاب فعلاً، لا قولاً فقط. - الارهاب الذي ضرب الولاياتالمتحدة خطط له ونظمه وموّل تنفيذه اسامة بن لادن وقاعدته في أفغانستان، برعاية من طالبان، وبمشاركة جماعات ارهابية معروفة مثل تنظيم الجهاد أيمن الظواهري وكل حديث غير هذا خرافة. وأسامة بن لادن لم يعترف فعلاً صراحة بالمسؤولية، إلا أنه احتضنه وباركه، والناطق باسمه هدد بالمزيد منه، ما يعني ان ما حدث صدر عن القاعدة. وأهم من هذا انه لا يوجد فريق في العالم كله مستعد للموت غير هؤلاء، وقد شن ثوار التاميل هجمات انتحارية إلا أن أهدافهم محلية ولا معركة لهم مع اميركا، ثم انهم قطعاً لا يملكون المال للانفاق على جهد استمر سنوات قبل التنفيذ. - الموساد لم تنظم الهجوم على برجي مركز التجارة العالمية والبنتاغون، فهي لا تملك الانتحاريين للتنفيذ. وفي سخف اتهام الموساد اتهام عصابات مافيا المخدرات في كولومبيا، أو أي تنظيم مالي آخر، فهذه التنظيمات علمانية، تريد أن تكسب المال لتعيش وتنفق على الملذات، لا لتنتحر في سبيله. - أوقح كذبة أفرزتها الحرب على الارهاب مقارنة اسرائيل وأنصارها بين ما تعرضت له الولاياتالمتحدة والعمليات الانتحارية الفلسطينية ضد الاسرائيليين، فالحقيقة المطلقة هي أن الولاياتالمتحدة بلد اعتدي عليه، وان اسرائيل بلد محتل يقتل ويدمر ويمارس سياسة نازية، في الأراضي الفلسطينية، وان في الحكومة الاسرائيلية والجيش الاسرائيلي مجرمي حرب يجب أن يحاكموا امام محكمة العدل الدولية في لاهاي مع سلوبودان ميلوشيفيتش أو قبله. - مع ادانتي المطلقة للارهاب الذي تعرضت له الولاياتالمتحدة من دون تحفظ، ومع رفضي الكامل ربط ذلك الارهاب المجرم بالقضية الفلسطينية، فلا شيء يبرر قتل مدنيين ابرياء، إلا أنني أزيد بوضوح ان الولاياتالمتحدة دولة مساندة للارهاب، فهي تمكن الارهاب الاسرائيلي من الاستمرار، بمالها وسلاحها والفيتو في مجلس الأمن الدولي. - في المقابل سورية وايران، والدول العربية والاسلامية الأخرى، تؤيد حزب الله وحماس والجهاد الاسلامي لأنها حركات تحرر وطني، واذا كانت قامت بإرهاب، فهو من نوع الارهاب المضاد، والمسؤول عنه اسرائيل نفسها، فلولا جرائمها ضد الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين والمصريين لما جرت عمليات انتحارية أصلاً. - يتبع النقطتين السابقتين ان الولاياتالمتحدة لا تستطيع اتهام أي دولة أخرى بمساندة الارهاب، وهي تساند الارهاب الاسرائيلي بنشاط، واذا شاءت ان توقف الدول الأخرى مساندة ما تعتبره ارهاباً أو منظمات ارهابية، فإن عليها أن توقف أولاً مساندتها الارهاب الاسرائيلي، ثم تتقدم بسجل نظيف الى الدول الأخرى. - اسرائيل سبب كره السياسة الخارجية الاميركية، أو هي السبب الأول. وعندما توقف الولاياتالمتحدة دعمها المفضوح اسرائيل، فإن نصف مشاكلها أو أكثر مع العرب والمسلمين سيحل تلقائياً. ومن الخطأ القول ان اسرائيل سبب كل المشاكل، فهي السبب الأكبر، إلا أنها ليست السبب الوحيد. - الجهل بالاسلام والمسلمين يكاد يكون مطبقاً، والحديث منذ اسابيع عن انهاء العمليات العسكرية قبل حلول رمضان، أو وقفها خلال شهر الصوم، أو ربما الاستمرار فيها على رغم رمضان. المشكلة ان السياسيين الغربيين كافة، ومعهم صحافيو بلادهم، بمن فيهم اصحاب الاختصاص في الشرق الأوسط، لا يعرفون ان رمضان فضيل وكريم، إلا أنه ليس من الأشهر الحرم، أي تلك التي يحرم فيها القتال. وفي المقابل، فكل عربي ومسلم يعرف ان "منها أربعة حرم"، هي ثلاثة متتالية ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب بين جمادى ورمضان. وكانت وقعة بدر نفسها في رمضان. شخصياً، لا أريد أن يقاتل الأميركيون في رمضان، الا ان ذلك رحمة بأهل أفغانستان من أن يؤخذوا بذنب طالبان والقاعدة. - أخيراً، السياسة الخارجية الاميركية كارثية أو مكارثية في التعامل مع القضية الفلسطينية، إلا أنها ليست سيئة كلها، فقد وقف الاميركيون مواقف طيبة من قضايا عربية واسلامية في الصومال وكوسوفو والبوسنة، وأهم من هذا كان لهم الدور المؤثر في تحرير الكويت. وعلينا أن نسعى لتغيير انحيازهم الظالم الى اسرائيل، من دون ان ننسى الايجابيات في العلاقة معهم.