لست من المؤمنين بنظرية المؤامرة ولكن يجب أن لانتجاهل الحقائق. الحقيقة الأولى: أن الولاياتالمتحدة كانت تخطط لأكثر من ثلاثة عقود لموقع دائم في الشرق الأوسط. كان لديها عدة سيناريوهات لدخول الشرق الأوسط، تحققت أخيرا من خلال حماقة صدام وكذبة أسلحة الدمار الشامل. الحقيقة الثانية: أن إسرائيل كانت تسعى جاهدة لوصم العرب بالإرهاب. ولا تمانع أن تدفع ثمناً لذلك حياة إسرائيليين وفقد بعض الأرض. ولعل الشاهد هو أن عملية اختطاف الطائرة الفرنسية المتجهة من تل أبيب إلى باريس في عام 1976والهبوط بها في عنتيبي تمت بالتنسيق بين الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والشاباك (جهاز الاستخبارات الإسرائيلي). كما أن الموساد تساعد أحيانا الفلسطينيين على القيام بعمليات تفجير عندما يزداد الضغط لمحاولة تحقيق السلام مما يتيح للعدو الإسرائيلي تأجيل عملية السلام والضلوع في عمليات اجتياح وانتقام. الحقيقة الثالثة: أن السي آي أي كانت تعاني قبل الحادي عشرة من سبتمبر من تقليص كبير في ميزانيتها وفي صلاحياتها. "..إن ليبولد-قائد البحرية-كان مستاء لأن الشعب الأمريكي لايدرك الإرهاب بعد. وقال: يلزم وقوع حدث مؤثر ليستيقظ الرأي العام. وفي أعقاب الفطور توجه ليبولد إلى مركز مكافحة الإرهاب من أجل بعض الاطلاعات. وعندما ضرب مركز التجارة العالمي بعد ذلك بعدة دقائق توجه تشارلي ألن (ضابط كبير في السي آي أي) إلى حيث يوجد ليبولد وأبلغه أن الحدث المؤثر قد وقع""1". الحقيقة الرابعة: أننا وفّرنا لأمريكا وإسرائيل البيئة المناسبة، فالإرهابيون عرب وصدام حسين عربي وحزب الله عربي والأنظمة عربية. وللأسف فالقاعدة كما يقول روبين كوك وزير الخارجية البريطاني السابق هي نتاج الأجهزة الأمنية الغربية أخطأوا في حسابه"2". هناك أهداف معلنة وأهداف غير معلنة لأمريكا وإسرائيل وكان أهم عائق لتحقيق تلك الأهداف هو الرأي العام الأمريكي. لو نظرنا إلى الأهداف المعلنة ومدى التقدم فيها بعد أحداث سبتمبر لتبين لنا أن 11سبتمبر كان ثمنا مقبولا رغم فظاعته لدى صناع السياسة الأمريكية: @ جعل العالم أكثر أمناً...وكلنا يتفق على أن العالم في أسوأ أوضاعه الأمنية منذ أن خلقت البشرية. @ القبض على ابن لادن أو قتله والقضاء على القاعدة...لايزال ابن لادن طليقاً والقاعدة توسعت فبعد أن كانت في أفغانستان تمكنت من التواجد في العراق ولبنان والمغرب العربي ودول أخرى عربية وأوروبية وأفريقية. @ القضاء على أسلحة الدمار الشامل...ولكنهم لم يجدوا أسلحة دمار شامل في العراق. أما أهم الأهداف غير المعلنة فهي: @ ضمان تدفق النفط العربي...لا شك أن النفط يضخ بأكبر كميات منذ التسعينيات. @ القضاء على دولة العراق...وقد تحقق ذلك وهذا يعتبر من أولويات الاستراتيجيات الإسرائيلية، وربما يكون مبنيا على أيديولوجية أن القضاء على دولة اليهود سيكون من أرض بابل. @ ممارسة عنصرية مقبولة أممياً ضد العرب والمسلمين من خلال تشجيع جماعات تنتمي إلى الإسلام للقيام بأعمال إرهابية في مواقع متعددة تتيح وصم العرب والمسلمين بالإرهاب وإطلاق هذا الوصف على حركات التحرير والمقاومة...وقد تحقق ذلك بشكل لم يسبق له مثيل، مما أتاح لإسرائيل أن تمارس أفظع المجازر وجرائم الحرب بمباركة أمريكية وصمت أممي. لاشك أن الأمور لم تجر كما خططوا لها تماما، إذ استطاعت بعض جماعات المقاومة أن تخرج عن دائرة الاحتواء لتؤجل أو تغير السيناريو الأمريكي. يخطئ من يظن أن أجندة الولاياتالمتحدة وإسرائيل تقف هنا، وسوف تشهد الأعوام القادمة مزيداً من التفتيت للعالم الإسلامي والتشجيع لأعمال إرهابية محدودة تحقق أهداف العدو من دون أن تحقق أهداف الإرهابيين (إقامة دولة طالبانية). 1- قلب العاصفة لجورج تينيت ص 2.183- لندن غاديان 9يوليو 2005م.