كررت إسرائيل بمؤسساتها الرسمية والعسكرية أنها ليست طرفاً في الحرب التي تشنها الولاياتالمتحدة وحليفاتها على أفغانستان، وسعت إلى طمأنة مواطنيها. إذ أعلن رئيس الحكومة ارييل شارون أن الدولة العبرية "ليست عرضة للخطر"، ودعا الإسرائيليين إلى مواصلة حياتهم كالمعتاد. وتحدثت وسائل الإعلام العبرية عن التنسيق التام بين الإدارة الأميركية والحكومة الإسرائيلية، وابلاغ الرئيس جورج بوش شارون موعد الهجمات قبل ساعة من بدئها. كما أشارت إلى انصياع إسرائيل إلى التعليمات الصادرة من واشنطن بالتزام الصمت، مما أدى إلى إلغاء زيارة الوزير دان مريدور ومستشار شارون للأمن القومي وموفد خاص إلى واشنطن، لئلا يثار انطباع بأن "ثمة تنسيقاً علنياً بين الجانبين"، كما قال مريدور للإذاعة العبرية. وأضاف ان إسرائيل ترغب في تهميش دورها وعدم تسليط الأضواء عليها. كما دعت الولاياتالمتحدة الدولة العبرية إلى عدم الادلاء بتصريحات قد تمس بمساعيها لحشد تأييد إسلامي وعربي لحربها، لكن وزير الدفاع بنيامين بن اليعيزر طالب بأن تشمل "كل المنظمات الإرهابية في الشرق الأوسط أو أوروبا أو أي مكان في العالم". وقررت وزارة الخارجية الإسرائيلية القيام بحملة واسعة ترتكز إلى تأكيد أن الحرب الجديدة هي أميركية وغربية ضد الإرهاب، وان الولاياتالمتحدة لا تخوضها دفاعاً عن إسرائيل بل لكونها ضحية الإرهاب. وسيسعى مسؤولو الإعلام إلى تفنيد حقيقة أن الولاياتالمتحدة دفعت، من خلال تعرضها للتفجيرات، ثمن انحيازها إلى إسرائيل. واستخف وزير الخارجية شمعون بيريز بنتائج استطلاع للرأي الأميركي أفادت أن 58 في المئة من الأميركيين يعتقدون أن مرد عمليات التفجير سياسة إدارتهم المنحازة إلى إسرائيل، وقال: "الأميركيون لا يعيرون هذه الحقيقة أهمية خاصة". لكن أوساطاً في وزارة الخارجية رأت أن الكلمة التي ألقاها اسامة بن لادن تجعل المهمة الإعلامية الإسرائيلية مهمة وصعبة في الوقت ذاته. وكان شارون عقد فور بدء الحرب اجتماعاً طارئاً ضم وزير دفاعه ورؤساء أجهزة الأمن ل"درس الانعكاسات المتوقعة للحرب الجديدة". وفي ختام الاجتماع صدر بيان أكد أن إسرائيل ليست طرفاً في الحرب و"لا حاجة للهلع أو الخوف". وأضاف ان "إسرائيل اتخذت الاحتياطات كافة للدفاع عن مواطنيها إذا اقتضت الأمور". وأفادت الصحف العبرية أمس ان إسرائيل في ختام الاجتماع الطارئ، حذرت السلطة الفلسطينية من "خرق اتفاق وقف النار"، معتبرة أن "من شأن مواصلة الإرهاب الفلسطيني أن يؤدي إلى نتائج وخيمة". وزادت ان واشنطن بعثت برسالة بهذه الروح إلى السلطة الفلسطينية. وكان لافتاً حديث صحافيين عن "الجولة الثانية من الحرب"، وأعربوا عن اقتناعهم بأن هذه الجولة ستشمل دولاً عربية العراق، وربما سورية ومنظمات "إرهابية". ولم ينف السفير الأميركي في تل أبيب دان كيرتز في حديث إلى إذاعة الجيش الإسرائيلي هذا الاحتمال. وشكر للدولة العبرية التعاون مع الإدارة الأميركية في المجال الاستخباراتي خصوصاً. وأضاف ان الولاياتالمتحدة لن تحتاج الآن إلى دعم عسكري من إسرائيل أو استعمال مطاراتها. وكتب سيفر بلوتسكر في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أن هذه الحرب التي يقودها تحالف حارب النازية هي حرب عالمية جديدة ضد "الفاشية الاصولية". معتبراً انها "الأهم في حروب إسرائيل منذ 1973، وأضاف: "إنها حرب حاسمة لمصير إسرائيل والشعب اليهودي". وزاد: "من السخافة التظاهر بأن إسرائيل خارج هذه المواجهة. إننا في لهيبها وفي نواتها الصلبة". ورأى المعلق العسكري في "هآرتس" زئيف شيف، أن من غير المعقول أنه طالما لم توجه الضربات لأهداف عربية كالعراق أو "حزب الله"، أن ترى هذه إسرائيل هدفاً، "ومع هذا يجب ابداء الحذر الشديد من إمكان أن يوجه بن لادن غضبه إلى إسرائيل، وحينذاك قد تحاول حماس أو الجهاد الإسلامي أو حزب الله جرها لرد عسكري فتفتح جبهة ثانية، مما قد يثقل كاهل الأميركيين".