الضربة الأولى في الحرب على الارهاب كانت على "الجزيرة" القناة القطرية التي باتت "المنتصر" الأول في حرب الفضائيات، مع انها تنفرد بتغطية الطرف المرشح للهزيمة، حسب تأكيدات الرئيس الاميركي. مساء الاحد تابع العالم الضربة عبر مختلف الشبكات العالمية، ومنها "سي ان ان" نجمة حرب الخليج قبل عشرة أعوام، التي تسابقت لأخذ الصور المباشرة من "الجزيرة". ولم تقتصر "الخبطة" الاعلامية على الصور بل تعدتها الى بث الشريط الذي ظهر فيه اسامة بن لادن وايمن الظواهري يتقاسمان الندّية مع جورج بوش وتوني بلير، وكأنهما الحاكمان الفعليان لافغانستان. واستقطبت "الجزيرة" أمس جانباً من الحدث، اذ قال مديرها السيد محمد جاسم العلي ل"الحياة" ان أكثر من ثلاثين محطة اتصلت لإعداد تقارير عن هذه القناة التي تأسست عام 1996 واستطاعت ان تضع نفسها بسرعة في مجال المنافسة مع كبرى المحطات. وازدحم مبنى القناة "الصغير" الذي شبهه أحد القادة العرب ذات مرة بأنه "علبة كبريت"، بمندوبي محطات تلفزيونية عدة. ولاحظ العلي انه في الوقت الذي تنقل "الجزيرة" تطورات الأحداث من كابول، دفعت المحطات الاخرى مصوريها ومندوبيها الى "مبنى الجزيرة" "تحت ضغط الانبهار لبث تقارير وتحقيقات عن كيفية تغطيتنا للاحداث". ويشير مسؤولون في "الجزيرة" الى ان المحطات العربية أعادت بث صور القناة القطرية وتغطيتها من دون ان تعبأ بحقوق البث، ومع ان مسؤولي "الجزيرة" مدركون لهذا الأمر، إلا أنهم يغضون الطرف عنه، مكتفين بأمجاد "الخبطة" التاريخية. ويقول محمد جاسم العلي: "شاركنا القنوات الغربية في صنع الاحداث، واصبحت لدينا قناة عربية تنافس في صناعة الاخبار، نحن القناة الوحيدة التي بثت بدء الحرب وتطوراتها على الهواء مباشرة على رغم ان الكلفة عالية جداً، ثم ان هناك مخاطر قد تواجه صحافيينا ومصورينا ومعداتنا، لكننا نؤمن على الصحافيين تأميناً عالياً ونعطيهم حوافز كبيرة". ولم يستبعد ان تفقد المحطة معداتها واجهزتها اذا اكتسحت القوات الاميركية كابول. ورداً على سؤال عن كيفية تلقي القناة شريط بن لادن، قال: "ان جماعة القاعدة تحتاج الى وسيلة لإبراز وجهة نظرها، وقد اختارت "الجزيرة" من دون خوف أو تردد، وهم أوصلوا الشريط الى مكتبنا مع بدء الضربة الاميركية وتم البث على الهواء من كابول". ويذكر محمد جاسم بأن الاختراق الذي نجحت "الجزيرة" فيه ظهر أولاً عام 1998 من خلال تغطية عملية "ثعلب الصحراء" في العراق من بغداد على الهواء ايضاً. ولفت الى ان القناة افتتحت مكتبها في كابول عام 1999، وكانت ال"سي ان ان" حصلت وقتها على تصريح بالعمل هناك، لكن يبدو انها وجدت ان تلك الساحة غير مشجعة "استثمارياً" فتباطأت في افتتاح مكتبها، ولهذا جلست تنتظر صور "الجزيرة" بعد توقيع عقد معها. ولم يخف المسؤولون الاميركيون استياءهم من التغطية التي تؤمنها "الجزيرة" لافغانستان، واعتبرتها سلبية كونها تسمح لطالبان وبن لادن بمخاطبة الشارع العربي وتحرضه. في اي حال بدأت "الجزيرة" الآن ببيع صورها النادرة من افغانستان الى "رويترز" و"أ ف ب" ومحطات اخرى، وبذلك فهي ربحت مرتين.