بعد أيام قليلة من انتقادات الادارة الاميركية لقناة "الجزيرة" وممارسة ضغوط على مسؤولين قطريين للحد من تغطيتها الحرب في افغانستان وردود فعل عالمية وعربية معارضة، فوجئ المصريون مساء أول من امس بحضور مكثف للمسؤولين الاميركيين في فقرات البرنامج اليومي الذي بثته المحطة في نشرات الاخبار وبرامج الحوارات واللقاءات. وتوالى ظهور مسؤولين بارزين في الحكومتين الاميركية والبريطانية على شاشة "الجزيرة" في لقاءات مع مراسليها ومندوبيها. وظهر وزير الخارجية البريطاني جاك سترو ووزير الدولة للشؤون الخارجية والشرق الأوسط بين برادشو... ثم مستشارة الأمن القومي للرئيس الاميركي كوندوليزا رايس فمساعدة لوزير الخارجية. وتوجت المواجهات بلقاء فريد من نوعه مع وزير الدفاع دونالد رامسفيلد الذي واجه أسئلة صريحة للغاية نقلت مشاعر الرأي العام العربي. وطرح هذا التطور تساؤلات عن الفائز في المواجهات المتصاعدة بين الطرفين وعما اذا كانت هدنة طويلة الأمد بدأت على شاشة "الجزيرة". واعتاد المتابعون قبل الهجوم الاميركي، مشاهدة تغطية شاملة لأحداث افغانستان والضربات الاميركية للمدن الافغانية ولقاءات مع قادة "طالبان" وأشرطة اسامة بن لادن المسجلة، في المقابل اقتصر الظهور الاميركي وقتذاك على نقل المؤتمرات الصحافية والتصريحات المقتضبة، حتى ان ملاحظات برزت عن ابعاد المحطة عن المتابعة المباشرة للقاءات رؤساء أجانب للبيت الأبيض في واشنطن والاكتفاء بعرض صورهم لدى دخولهم المقر الرئاسي أو الخروج منه وبث صور فوتوغرافية للقاءات نقلاً عن وكالات اخرى. غير ان سيل اللقاءات مع المسؤولين الاميركيين والبريطانيين جاء مخالفاً لما حدث منذ انطلاق الحرب، واعتبره بعضهم تطوراً معاكساً لسير الاحداث. ففيما لم تهدأ "الجزيرة" عن نقل ما يدور في افغانستان وهو ما ميزها عن غيرها وجعلها نقطة الجذب الاعلامي للغرب والشرق، حتى بدأت وجهة النظر الأخرى تتسلل لتتساوى الكفتان. هل خضعت اميركا لنفوذ الفضائية العربية وتأثيرها الذي أصبح من الصعب تجاهله؟ أم ان "الجزيرة" تتجه الى تحقيق التوازن من دون المساس بدورها الاعلامي؟ وكانت المحطة أعلنت: "لن نتراجع عن بث أشرطة بن لادن ولن نرضخ لضغوط خارجية".