في وقت بدا ان "حرباً" اندلعت بين المسؤولين الاميركيين وقناة "الجزيرة" القطرية التي تتفرد بتغطية أولى حروب القرن ال21 في أفغانستان منذ اندلاعها مساء الاحد الماضي، دخلت ليل أول من أمس قناة "المنار" الفضائية اللبنانية التابعة ل"حزب الله" على خط التنافس الاعلامي. اذ أطل على شاشات التلفزيونات الغربية شعار "المنار" عندما تناقلت وكالات الانباء العالمية صوراً دراماتيكية لمعارك من الخطوط الامامية للجبهة بين حركة طالبان وقوات التحالف الشمالي في اقليم بغلان، ظهرت في احداها قذيفة مضادة للصواريخ تتجه نحو المصور قبل ان تخطئه بأمتار قليلة. الصور المهتزة في كثير من الاحيان بسبب حدة المعارك أعادت الى الاذهان الأفلام التي كان "حزب الله" يوزعها على وكالات الانباء عقب العمليات التي ينفذها مقاتلوه ضد قوات الاحتلال الاسرائيلي في الشريط الحدودي السابق في جنوبلبنان. وقال رئيس مجلس ادارة "شركة المجموعة اللبنانية للاعلام" نايف كريم ل"الحياة" في اتصال هاتفي ان الشريط الذي بثه "المنار" التابع للمجموعة تم الحصول عليه بناء على تعاون مع التلفزيون الايراني، نافياً وجود اي بعثة للتلفزيون في مناطق المعارضة الافغانية. ولدى سؤاله عن السبب في نقل الشريط عن "المنار" وليس عن التلفزيون الايراني أجاب: "يمكن الاخوان هنا في لبنان أكثر نشاطاً". وقال ان تلفزيونه يجري اتصالات لارسال بعثة الى كابول، مشيراً الى ان هناك فريقاً من ثلاثة صحافيين يغطون الاحداث من باكستان. الحرب في أفغانستان اختلط فيها "حابل" السياسة ب"نابل" الحرية الاعلامية، وأسفرت عن مفارقات عدة انتقلت فيها "الكاميرا من كتف الى كتف. فتلفزيون "حزب الله" يبث صوراً من خط الجبهة التي يشنها التحالف الشمالي الذي يحظى بدعم الولاياتالمتحدة، ألدّ أعداء الحزب، و"الجزيرة" التي طالما اتهمت بمحاباة اسرائيل وأميركا لافساحها المجال امام مسؤولين ومحللين اسرائيليين للظهور على شاشتها في مناسبات عدة، أصبحت اليوم "متهمة" بأنها صوت "طالبان" وقادة "القاعدة" ينتقدها المسؤولون الأميركيون علناً ويتدخلون لدى المسؤولين القطريين لحضها على تغيير سياستها، وتصفها الصحف البريطانية بأنها "تلفزيون بن لادن". واعتاد الجمهور الغربي في الايام القليلة الماضية على اسم "الجزيرة" وشعارها، اذ انها القناة التلفزيونية الوحيدة التي سمح لها بالبث انطلاقا من المناطق الخاضعة لسيطرة "طالبان"، وينقل عدد من التلفزيونات الغربية عنها صور الغارات على أفغانستان مباشرة في مقابل مبالغ خيالية، اذ أبلغت مصادر "الحياة" ان الثمن الذي تتقاضاه المحطة القطرية في مقابل دقيقة البث الواحدة يصل الى عشرين ألف دولار كانت 4 آلاف قبل 3 أيام، كما تشترط ان يذكر اسم "الجزيرة" في سياق نشرات الاخبار. ولضمان حقوقها، تحتل كلمتا "خاص بالجزيرة" حيزاً مهماً من شاشتها، بعدما لجأت محطات عدة، خصوصاً عربية، الى حيل تقنية غطت من خلالها شعار المحطة. وأثارت تغطية "الجزيرة" للأحداث الاخيرة انتقادات أميركية حادة عبر عنها وزير الخارجية الاميركي كولن باول الذي اتهمها بنشر تصريحات "غير مسؤولة" بعدما بثت رسائل مسجلة لاسامة بن لادن وزعماء "القاعدة" دعوا فيها الى الجهاد ضد اميركا، مما يشير الى ان عدوى الضيق من هذه المحطة المثيرة للجدل انتقلت من المسؤولين العرب الى نظرائهم الاميركيين. ولم تكن واشنطن بعيدة دائماً عن شكوى هؤلاء المسؤولين، اذ لكثرة ما شكوا منها بادر الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون مسؤولين قطريين زاروه في البيت الابيض بالسؤال: "ما قصة هذا الهراء الذي يسمى الجزيرة"؟