لم تهدأ تفاعلات ساخنة أفرزتها التغطية الميدانية لقناة "الجزيرة" الفضائية من أفغانستان. وجاء أحدث التعليقات والردود على "الاتهامات" و"الملاحظات"، على لسان رئيس مجلس إدارة "الجزيرة" الشيخ حمد بن ثامر آل ثاني، إذ شدد على "استمرار نهج الرأي والرأي الآخر" الذي اتخذ شعاراً للقناة منذ انطلاقتها الأولى عام 1996. ولفت إلى أن ذلك "أدى إلى كثير من المواجهات بين القناة ووزارات الإعلام في أكثر من بلد عربي" خلال السنوات الماضية. وفي مؤتمر صحافي ضم إعلاميين يمثلون محطات تلفزيونية دولية ومراسلي صحف، حضرته "الحياة"، قال الشيخ حمد في أول حديث من نوعه منذ بدء الضربات الأميركية لأفغانستان والنقل الحي لأحداثها على شاشة "الجزيرة": "نسمع ملاحظات من الساسة، سواء العرب أو في العالم الغربي، وسمعتها أثناء وجودي قبل أيام في أميركا"، أثناء مرافقته أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني. وأضاف: "نحن نستمع إلى ملاحظات أي شخص، وإذا كانت هناك أخطاء، وهذا وارد في أي عمل إعلامي، من الطبيعي أن نراجع ما نفعله". واستدرك: "اننا حريصون على المهنية والصدقية، واحترام الرأي والرأي الآخر". واستبعد رداً على سؤال أن تكون القناة هدفاً لضربة عسكرية محتملة، بسبب بث آراء أسامة بن لادن وقادة حركة "طالبان". ونفى أن يكون مسؤولون أمنيون أميركيون اتصلوا بقناة "الجزيرة"، وأضاف: "نواصل عملنا في شكل مهني لتغطية ما يجري في أفغانستان أو غيرها، ونقوم بعملنا من منظور إعلامي ونترك لرجال الأمن نظرتهم لتحليله". وذكّر باتهامات وُجهت إلى القناة في فترات مختلفة، وقال: "الجزيرة اتُهمت بتبعيتها للرئيس العراقي صدام حسين أو النظام العراقي، عندما كانت تغطي الأحداث من بغداد، ولدى تغطية الانتخابات الإسرائيلية واجراء مقابلات مع ايهود باراك وشمعون بيريز اتُهمنا بأننا قناة إسرائيلية. وعندما تولينا تغطية أحداث أميركية قيل إن ال"سي آي اي" تمول الجزيرة. والآن يتردد أن الجزيرة تقدم خدمات لطالبان والإرهابيين، وهذا دليل على أننا نبث كل الآراء في تغطية الأحداث". وزاد: "نسمع الآن ملاحظات تبديها مؤسسات أميركية". يذكر أن وزير الخارجية الأميركي كولن باول انتقد قناة "الجزيرة" قبل يومين بسبب بثها تصريحات وصفها بأنها "عنيفة" و"غير مسؤولة". وفسر المراقبون ذلك بأنه إشارة إلى رسائل بن لادن وأيمن الظواهري وسليمان أبو غيث التي تلقاها مكتب "الجزيرة" في كابول وبثتها القناة. كما اعتبر البيت الأبيض رسائل بن لادن التلفزيونية "حملة دعائية في أفضل الأحوال". وقال باول: "لفتنا انتباه السلطات القطرية وبعض الدول إلى هذا الجانب". لكن الطريف في "الغضب" الأميركي أن الرئيس جورج بوش، كما أفادت وكالات أنباء، أبدى استعداده لاجراء مقابلة مع "الجزيرة"، التي تحدث إليها رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، في حوار عن قضية أفغانستان. ورداً على الاتهامات، قال الشيخ حمد بن ثامر إن "الجزيرة افتتحت مكتبها في كابول قبل سنتين، ومرت شهور ولم نتلق تقريراً واحداً من هناك، مما دفع بعض أعضاء مجلس الإدارة إلى المطالبة باغلاق المكتب، بسبب نفقاته. ولكن في مرحلة لاحقة قمنا بتغطية تدمير حركة "طالبان" تماثيل بوذا، ثم جاءت تغطيتنا الحالية للأحداث اليوم". ونفى أن تكون الحكومة القطرية اطلعت مسبقاً على شريط بن لادن الذي بثته القناة، وقال: "لم يعرض الشريط على الحكومة، أو على مجلس الإدارة الذي يضع السياسة العامة ولا يتدخل في تفاصيل العمل. وإذا حصلنا على شريط تسجيلي آخر لبن لادن، يسير في الخط المهني، من الطبيعي أن نتعامل معه". وربط رئيس مجلس إدارة "الجزيرة" اتساع هامش الحرية الذي تتمتع به القناة بخطى قطر نحو "بناء دولة المؤسسات، والذي توجه أمير الدولة الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، بدءاً باجراء انتخابات في غرفة التجارة والصناعة، ثم انتخابات بلدية شاركت فيها المرأة للمرة الأولى، وستكون الانتخابات البرلمانية الخطوة المقبلة بمشاركة المرأة". وسألت "الحياة" الشيخ حمد بن ثامر عما يتردد عن تغييرات قريبة في إدارة القناة وأقسامها، بعد تغيير رئيس التحرير أخيراً، فأجاب: "التغيير أمر طبيعي في أي مؤسسة إعلامية تسعى إلى تطوير نفسها". وسُئل هل ابعد الدكتور فيصل القاسم مقدم برنامج "الاتجاه المعاكس"، فقال: "فيصل موظف ولا تغيير في هذا الأمر. وهناك قاعدة يجب أن تكون واضحة للجميع، وهي أنه إذا كان هناك موقف اجراء من إدارة الجزيرة تجاه أي موظف، سيكون ذلك بسبب مهني لا نتيجة ضغوط خارجية". وكرر أن "القناة اثبتت أنها مهنية تحترم عقل المواطن العربي، وناجحة لأننا نكون في موقع الحدث".