اسلام آباد، واشنطن - أ ف ب، رويترز، أب - دفنت حركة "طالبان" أمس القائد الأفغاني عبد الحق في مراسم بعيدة عن الأضواء لم يعلن مكانها، بعدما أعدمته الجمعة الماضي في ثكنة قرب كابول. وكان القائد عبد الحق الذي اعتبر من اشهر زعماء المجاهدين ضد القوات السوفياتية خلال احتلالها لافغانستان، دخل الاراضي التابعة ل"طالبان" في الحادي والعشرين من تشرين الاول اكتوبر الجاري. واعتقل واعدم على الفور بتهمة "الخيانة"، حيث تردد انه كان يجري اتصالات مع زعماء قبائل بشتونية لحثها على التخلي عن الحركة الحاكمة في كابول. وكانت عائلة عبد الحق ابلغت قبلاً ان جثته ستنقل الى بيشاور شمال غربي باكستان. وتريد العائلة دفنه في بيشاور حيث دفنت زوجته واحد ابنائه اللذان اغتيلا قبل سنتين. واتهمت مصادر عدة "طالبان" بالوقوف وراء عملية الاغتيال هذه. وقال حاج الدين محمد، شقيق القائد عبد الحق، ل"وكالة الانباء الاسلامية" الاسلامية التي تتخذ من باكستان مقرا لها ان عبد الحق دفن مع احد اعوانه في قرية سورخ رود التي يتحدر منها وهي تبعد نحو 12 كيلومتراً غرب جلال آباد في شرق افغانستان. وشارك مئات الأفغان المعارضين في مراسم دفن رمزية في بيشاور، وتعهد حاج الدين محمد مواصلة القتال ضد "طالبان" ومن أجل أفغانستان. وأكد ان اغتيال شقيقه "لن يخيفه او يثني عزيمته عن العمل أجل الأفغان". رواية مكفارلين ورى روبرت مكفارلين، مستشار شؤون الأمن القومي للرئىس الاميركي السابق رونالد ريغان، خلال مقابلة صحافية مع وكالة "اسوشيتد برس" تفاصيل الساعات الاخيرة في حياة عبدالحق. وقال ان مساعديه اتصلوا بمؤيدين اميركيين وطلبوا مساعدتهم بعدما شعروا انهم محاصرون من عناصر حركة "طالبان". وأتت المساعدة الاميركية العسكرية ولكنها كانت متأخرة، وحدد مكفارلين توقيت الاتصال بأنه تم بعد ظهر الخميس الماضي ووصل الى مقر القيادة المركزية للقوات الاميركية. وأوضح ان عبدالحق وعددا من مساعديه كانوا يقطعون طريقاً جبلياً ضيقاً قرب جلال آباد، سيراً على الاقدام، عندما لمحوا مجموعات ل"طالبان" امامهم وخلفهم. فأدركوا انهم في وضع حرج. واتصلوا عبر هاتف يعمل بواسطة الاقمار الاصطناعية برجل أعمال اميركي يدعى جيمس ريتشي وهو احد الذين يمولون عبدالحق... وبدوره اتصل جيمس بأخيه جوزيف الذي حول الاتصال هو الآخر الى مكفارلين. وسأل جيمس اخاه ما اذا كان باستطاعة اي جهة انقاذ عبدالحق... وبعد ساعات قصفت الطائرات الاميركية قافلة ل"طالبان" قرب جلال آباد، لكن عبدالحق ومساعديه كانوا تفرقوا في محاولة للنجاة بأنفسهم. وقال محمد يوسف ابن عم عبدالحق ان المقاوم السابق اسر وبعض مساعديه واقتيدوا الى معسكر ريشكور قرب كابول حيث اعدموا شنقاً وثم رميت جثثهم بوابل من رصاص كثيف. وأكد جيمس ريتشي ان عبدالحق عاد الى افغانستان من دون ان يزوده الاميركيون أي معونة، "ولا حتى رصاصة واحدة أو بندقية". وأشار ريتشي الى ان رد فعل الجيش الاميركي، اي الغارة على القافلة في جلال آباد، عجلت باعدام عبدالحق، باعتبارها دليلاً على تعاونه مع واشنطن. وأضاف ريتشي ان معاوني عبدالحق لم يتجاوز عددهم التسعة عشر شخصاً وكانوا مزودين أربع بنادق ومسدس. نيوزويك وبحسب ما جاء في مقابلة اجرتها معه مجلة "نيوزويك" الاميركية قبل ايام من اعدامه، كشف عبد الحق انه يسعى الى اقناع القادة المعتدلين في "طالبان" بالمشاركة في حكومة ائتلافية، وقال في المقابلة التي تنشر اليوم الاثنين: "حاولنا اعادة قيادة الحركة الى الصواب، لكن لم يكن ممكناً حملها على تغيير رأيها. فاتجهت الى المستوى الادنى في هرميتها، مع قادة الفرق وقلت لهم: حسنا، القادة مصابون بالجنون، لماذا لا نحاول اقناع قبائل اخرى بالانضمام الينا ونعمل معا؟". واضاف: "سنسقط علم طالبان وسنستبدله بعلمنا الخاص". وتابع: "الاميركيون أتوا بالعرب الى افغانستانوباكستان، واعطتهم واشنطن المال ودربتهم، وانشأت منهم عشرة او خمسة عشر فصيلاً مختلفاً، وكانت الولاياتوباكستان تعملان سوياً". واوضح: "عندما انهار النظام الشيوعي، انسحب الاميركيون ولم ينظفوا ما تركوه من قذارة. انهم جلبوا هذ المشكلة الى افغانستان". واكد ايضاً انه حاول اقناع القادة الاميركيين بعدم قصف افغانستان، واعطائه الوقت للقضاء على نظام طالبان. وقال: "كان في امكاننا ايجاد حل، لكن واشنطن أصرت على موقفها لارضاء الرأي العام الاميركي، وستخسر افغانستان مئات الضحايا، فالدم الافغاني هو أفضل من اي سوق آخر".