على رغم الآثار السلبية للانتفاضة الفلسطينية على مجمل حركة السياحة الأردنية فإن الأردن لم يتخل عن رهانه على السياحة باعتبارها استثماراً ناجحاً ورابحاً ومجرباً. ومنذ عام 1995 وتوقيع اتفاق وادي عربة للسلام مع إسرائيل شكلت التنمية السياحية نجاحاً كبيراً، لكن التنمية كشفت أيضاً عن ثغرات كبيرة أيضاً في الجسم السياحي، لكنه ما أن سد هذه الثغرات حتى جاءت مجموعة من الأحداث المتتالية التي هزت المنطقة فكان لها أثر سالب على حركة السياح امتد منذ عام 1996، وهو العام الذي شهد تفجيرات عدة في إسرائيل ومجزرة قانا في جنوبلبنان والاشتباكات بين الفصائل الكردية في شمال العراق، وحتى اليوم. يرى الأردن أن السياحة ما زالت استثماراً رابحاً، وانطلاقاً من هذه الفكرة ركزت أجهزة الترويج المختلفة لديه على شن حملة ترويج سياحي مكثفة لابراز المزايا السياحية الكثيرة التي يمتلكها. وقبل تحولها إلى منطقة اقتصادية خاصة في شهر أيار مايو الماضي كانت العقبة عماد الحركة السياحية في الأردن، واليوم وبعدما أعطي لها تصنيفها الاقتصادي الخاص زادت أهميتها بسبب التسهيلات الجديدة التي تمنحها سلطة المنطقة الاقتصادية الخاصة للمستثمرين والسياح سواء بسواء. ووفق السيد عقل بلتاجي رئيس هيئة مفوضي المنطقة الخاصة فإن العقبة تتمتع بمزايا سياحية لا تتمتع بها أي مدينة أو منتجع آخر في المنطقة من العالم، فعلى رغم عزم بعد العقبة عن إيلات وشرم الشيخ وطابا سوى كيلومترات معدودة فإن معدل درجات الحرارة فيها يقل عن المناطق الأخرى المذكورة بثلاث درجات، ومطارها هو الأكبر ما يجعلها مناسبة للرحلات القصيرة في عطلة نهاية الأسبوع بالنسبة للسياح القادمين من بلدان جنوب أوروبا التي لا تبعد عنها سوى ما يعادل أربع ساعات طيران. أما السيد سامر المجالي المسؤول في "شركة الأردن لتطوير المشاريع السياحية" فهو يرى أن للعقبة ميزات تنافسية كثيرة أبرزها كونها مدينة مفتوحة على وادي عربة في الشمال الغربي وعلى إيلات غرباً وعلى البتراء ووادي رم في الشمال الشرقي. وفي وجه منافسة إيلات التي تملك من الغرف الفندقية نحو 16 ألف غرفة، أي ما يعادل مجموع الغرف الفندقية في الأردن، قال المجالي إن هناك عدداً من الميزات التنافسية تصب في صالح العقبة مثل وجود المرجان وخلو إيلات منها، ومثل ملكية الفنادق للشواطئ التي تقوم فوقها. وأضاف أن العقبة مدينة تحتوي على كل مقومات الموقع السياحي فهناك آثار وهناك فرصة جيدة للتسوق لا سيما بعدما تحولت إلى منطقة اقتصادية خاصة، مشيراً إلى أن الخطة النرويجية تهدف إلى جذب السياح الأوروبيين إلى المنطقة خصوصاً حيث المياه الدافئة وحيث بالامكان قضاء عدد أكبر من الليالي السياحية في موسم سياحي يمتد تسعة شهور في السنة. ووفق ما يقوله السيد عماد فاخوري مفوض شؤون الاستثمار والتنمية في المنطقة الاقتصادية الخاصة في العقبة فإن موقع المدينة الإقليمي بين ثلاث قارات يعطيها ميزة تنافسية كبيرة على غيرها. ووفق كتيب توزعه مفوضية المنطقة الخاصة لإقليم العقبة فإن القدرات السياحية في العقبة شهدت أخيراً تطوراً ملحوظاً، فهناك نحو 33 فندقاً فيها أكثر من أربعة آلاف سرير، هناك نحو 22 مطعماً وهنا آفاق كبيرة للسياحة والتسوق، وأهم من ذلك للاستثمار السياحي. وفي هذا المجال تحديداً يقول فاخوري إن هناك فرصاً للاستثمار السياحي في المنطقة تشمل المنتجعات والفنادق ذات الثلاث نجوم والأربع والخمس، والشقق المؤجرة شهرياً والشقق السكنية، ومدن الملاهي وملاعب الغولف والرحلات البحرية والموانئ والقوارب والزوارق المختلفة والأسواق الحرة والأسواق التجارية والقرى السياحية ومراكز المؤتمرات والمعارض. ويضيف إن هناك عدداً من المستثمرين الذين أبدوا رغبتهم في الاستثمار في هذا القطاع في مشاريع منها ما يخص إقامة منتجعات سياحية سكنية ترفيهية متكاملة في الشاطئ الجنوبي، ومشاريع فنادق الشاطئ الشمالي تتجاوز 1000 غرفة، وهناك فكرة لتخصيص مركز الغوص الملكي وخدمات البلدية ومرافق مؤسسة المناطق الحرة سابقاً ومشروع مركز الزوار في المتنزه البحري، ومشروع حدائق الدولفين. ويوضح السيد فاخوري أن مفوضية المنطقة الصناعية الخاصة تقدم التسهيلات والحوافز للمستثمرين منها تأمين طاقة بقوة 600 ميغاواط من محطة توليد كهرباء حرارية وشبكة الكهرباء ونقطة الربط الإقليمي للشبكات الكهربائية، وتأمين المياه من آبار ارتوازية قريبة ومن حوض الديسي القريب من العقبة، مشيراً إلى ميزة وجود كيبل اتصالات حول العالم وخدمات اتصالات متقدمة وإلى توافر الغاز الطبيعي من مصر خلال 18 شهراً.