سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
زواج على مشروب غازي ومقطوع اليدين يطالب جلاديه بالاعتناء به حتى آخر يوم من حياته . ناجون من حرب بوروندي ورواندا داخل مخيم بلا أفق يصارعون قساوة الحياة ومللها ويخافون شرطة البيئة !
يفر عشرات الأشخاص يومياً من بوروندي ورواندا في أفريقيا هرباً من الحرب الدائرة في بلادهم في اتجاه منطقة محايدة داخل حدود تنزانيا، حيث تحول مخيم وطناً صغيراً لهم ومأوى يحتمون فيه من هجمات المسلحين المتقاتلين وعمليات الانتقام بين القبائل. يسير الفارون من بوروندي نحو 35 كيلومتراً، والفارون من رواندا نحو 25 كيلومتراً، ليرتموا على أبواب المخيم منهكين جائعين، أكثرهم شبه عراة وحفاة بعد أسابيع من المشي والمبيت في العراء. 120 ألف شخص، غالبيتهم من شعب الهوتو البوروندي، وقلة من رواندا نحو 23 ألف شخص، يقيمون داخل مخيم وادي لوكول في تنزانيا، وفي ذاكرتهم الحية مأساة الحرب التي انفجرت قبل ستة أعوام. وقضت على نحو مليون شخص من أهلهم. في المخيم نساء الجنود المتمردين وأطفالهم الذين أبعدوا الى المكان الآمن ليواصل الرجال حربهم العبثية. وكثيرون لجأوا الى المخيم بعدما هاجم مسلحون قراهم وقضوا على عدد كبير من أهلهم... وثمة أشخاص يأتون اليه بحثاً عن شباب بهدف تجنيدهم لمواصلة القتال. الشوارع الموحلة يتألف مخيم لوكول من 66 شارعاً موحلاً تؤدي نهاياته الى لا مكان، ويقسم أحياء فيها، مبانٍ عامة ومدارس مهلهلة وكنائس من الطين وجوامع من الخشب. ويتوزع السكان بيوت التنك والخشب. وعلى رغم ان المخيم غير محاط بسور أو حدود، فإن الناس هناك لا يبتعدون أكثر من أربعة كيلومترات من وسطه، لأنهم إذا ابتعدوا يصبحون تحت رحمة السلطات، إذ ان العمل ممنوع لغير التنزانيين، وتلاحق شرطة البيئة من يقطع الأشجار بهدف استخدامها وقوداً أو أي شأن آخر. تقوم منطقة لوكول على حوض واسع من الغبار الأحمر الذي يتحرك مع كل هبة ريح، يصبغ الثياب البيض باللون الأحمر، ويحرق العيون حتى ذرف الدمع. الأرض هناك منبسطة واسعة وخالية الأفق. ويمكن المرء أن يرى طرف المخيم من الطرف المقابل. الحياة تبدأ مع شروق الشمس وتنتهي عند الغروب لعدم وجود كهرباء. يستيقظ النشطون مع الفجر لتنظيف الشوارع وباقي النهار يحاربون الملل. غالبية الشباب في زوايا الطرق بلا عمل. ولا مدارس ثانوية أو مهنية يذهبون اليها. دراجة خشب أحدهم صنع دراجة من الخشب ومشكلته كيف يحميها من شرطة البيئة إذا وفدت الى المخيم. قال: "إذا شاهدوا دراجتي سيكسرونها ويأخذونها لأنني قطعت شجرة، أتمنى أن أعود الى بوروندي. هناك الأشجار كثيرة وأستطيع ان اصنع كل الدراجات التي أريد". ينهمك بعض الشباب في صنع قبعات لأنفسهم، وآخرون يعدون الخطوات من طرف المخيم الى طرفه الآخر. ثمة أشخاص يختبرون كل قساوة المخيم - المعتقل. امرأة صغيرة تحدثت عن آلام الولادة، وعن رغبة زوجها في انجاب مزيد من الأولاد... وروى شاب قصة يديه المقطوعتين، قال: "دخل جنود قريتنا وقالوا ان عدداً من المتمردين سبقوهم اليها في الليلة السابقة وكان علينا ان نمنعهم، لذلك، سيؤدبوننا بقطع يدي! وهكذا كان". ومنذ ذلك اليوم من عام 1993 يعاني هذا الشاب الأمرّين كلما حاول ان يزرر قميصه أو يضع طعاماً في فمه. وقال انه إذا حصل سلام، سيذهب الى بوروندي ويبحث عن هؤلاء الجنود. "سآخذهم الى المحكمة وأقول ماذا حدث. ويجب أن يحكم القاضي بأن يعتنوا بي حتى آخر يوم من عمري". في أوقات فرح نادرة في المخيم، احتفل عروسان بزفافهما مع أربع زجاجات من مشروب غازي. وأحاط صبي نفسه ببطانية تحمل صور هواتف نقالة تعجبه ولا يعرف عنها شيئاً... هؤلاء جميعاً متحدون ومتعاونون وعالقون في ما يشبه السجن بلا ذنب اقترفوه. يعيشون ثقافتهم معاً خارج بلدهم بين ماضٍ يحنون اليه وحاضر لا يتزحزح... والانتظار يطول.