استطاع منسق عملية السلام دنيس روس ان يتعايش مع ثلاث إدارات أميركية ديموقراطية وجمهورية، لكنه هذه المرة فضل التنحي، ربما لأن الإدارة الجديدة لم تطلب منه البقاء، أو ربما لأنه شعر باستحالة التوصل الى اتفاق بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فقرر التنحي قبل الانهيار الكامل لعملية السلام. رافق روس عملية السلام الاميركية الصنع الاسرائيلية المزاج والقيادة، منذ مهدها، وتعرض لانتقادات من الجانب العربي، إذ اعتبر منحازاً إلى إسرائيل. كما كان له الكثير من الخصوم في وزارة الخارجية الأميركية لاحتكاره ملف الشرق الأوسط وعدم اطلاع الآخرين على مجريات الأمور، بل تهميشهم. وعلى رغم ندرة انتقاداته لإسرائيل، حتى في أقسى مراحل تشددها، فإن بعض الاسرائيليين اتهمه بالتدخل في شؤونها الداخلية، خصوصاً في عهد بنيامين نتانياهو، الذي كان يعتبره من مناصري حزب العمل. أمل الكثير ووعد بتحقيق الكثير، لكنه التزم أمرين: التنحي مع نهاية عهد بيل كلينتون والاستمرار في جهوده للتوصل الى اتفاق، حتى الدقائق الأخيرة من وجوده في الإدارة الأميركية. فحتى مساء الجمعة، عشية تسلم جورج بوش الابن مقاليد الحكم,، كان روس يجري اتصالات بقادة المنطقة ومسؤوليها ويتلقى اتصالات، ويشارك في الاستماع إلى أخرى اجراها كلينتون بعدد من قادة المنطقة المعنيين بعملية السلام. "الحياة" أجرت مع روس المقابلة الأخيرة في منصبه الرسمي، في الساعة الأخيرة قبل مغادرته مبنى وزارة الخارجية. بدأ روس بتوجيه رسالة إلى العالم العربي تتناول طبيعة دوره وخصوصية عملية السلام، قائلاً: "أريد أن أوجه رسالة إلى العالم العربي: متابعة عملية السلام شيء نبيل واعتبرتها رسالة، وكنت أرى الصراع العربي - الإسرائيلي من زاوية إنسانية. ومن خلال معرفتي بأشخاص كثيرين من الطرفين، أدى ذلك إلى زيادة طابع شخصي على رؤيتي لمهمتي. إذا كانت هناك رسالة أريد أن أوجهها الى العالم العربي فهي أنني أود أن أرى قولاً أكثر للحقيقة في شأن ما هو ممكن ووما هو غير ممكن... مسؤولية القادة أن يعترفوا بصراحة أكبر بأنه يصعب الحصول على كل شيء. السلام يأتي من خلال المراعاة المتبادلة وليس الاستسلام. إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق في المستقبل القريب جداً، سنمر في مرحلة قد تستغرق سنوات قبل ان يصبح السلام محتملاً مرة ثانية... كانت هناك فرصة متمثلة بالحكومة الإسرائيلية والرئيس كلينتون، وأيضاً معرفة القيادة الفلسطينية ما هو محتمل أو متوافر. حين تضيع اللحظات أنت لا تراها تعود، وإذا لم يتم استغلال اقتراحات الرئيس البعيدة المدى، والتي تعد سابقة، فإن القدرة على متابعة الجهود بناء على هذه الأفكار ستختفي لمدة من الزمن، على رغم أن الطرفين يتباحثان على أساس هذه الاقتراحات". المتغير الوحيد اليوم، وقبل انتخابات إسرائيل على الأقل، هو ذهاب الرئيس كلينتون وانت معه. هل هذا ما تعتقد أنه ضياع للفرصة المتوافرة؟ - لنكن منصفين مع الإدارة الجديدة، فهي بحاجة للوقت لوضع تقويمها، وأيضاً لأنها ادارة بوش تدرك عبر الرئيس كلينتون ان أفكاره هي ملك له، وهي ليست ملزمة بها بأي شكل. الإدارة الجديدة ستضع تقويمها ليس فقط لما هو مناسب، بل كذلك الدور المناسب الذي تريد ان تلعبه. إن تدخل الرئيس شخصياً أمر لا مفر منه، وتدخل الرئيس كلينتون شكل سابقة وزاد حتى على ما قام به جيمي كارتر. ومن غير المحتمل ان ترى رئيساً آخر يلعب هذا الدور مرة ثانية. لا اعرف ماذا ستقرر الإدارة الجديدة فعله. ما النصيحة التي تعطيها لهذه الإدارة؟ - أولاً، مررت بمراحل انتقالية شخصياً، واعتقد انه في بداية عهد كل ادارة من الضروري أخذ بعض الوقت، إذ على الأشخاص الجدد أن يحددوا أولوياتهم، ويعاينوا طبيعة الساحة وما تسمح به، وما هو معقول. عليهم معرفة من سيكون اللاعبون ومع من عليهم التعاطي. أنصحهم بألا يأخذوا أحكاماً متسرعة وأن يأخذوا وقتهم لوضع تقويمهم. لا اعرف أي إدارة جاءت وبدأت فوراً اتخاذ القرارات، وأعرف العديد من أشخاص الادارة الجديدة منذ عهد الرئيس بوش الأب وهم واعون وسيقومون بحسابات دقيقة ولن يتسرعوا في اتخاذ قرارات، وحين يتخذونها ستكون حازمة. بعد كامب ديفيد وجهت الولاياتالمتحدة اللوم إلى الرئيس ياسر عرفات لأنه لم يبدِ مرونة في المحادثات، وأثنيتم على مواقف باراك. لماذا لم تقدموا آنذاك الاقتراحات المفصلة لكلينتون؟ - قدمنا أفكاراً في كامب ديفيد ليس بهذا الشكل، لكنها كانت موسعة في بعض القضايا، وقبل كامب ديفيد لم يكن أي من الطرفين قادراً أو مستعداً ليقدم لنا جوهر مواقفه بصدق... قبل كامب ديفيد كان من الصعب معرفة حقيقة موقفي الطرفين بالنسبة إلى القدس والأراضي واللاجئين والحدود. وعلى رغم أنهما كانا يقولان لنا ما لا يقولانه لبعضهما بعضاً، حصلنا في كامب ديفيد على فهم أوسع نتيجة المحادثات المكثفة. ما حصل آنذاك شكل القاعدة الأساسية لما قام به كلينتون من خلال تقديمه أفكاره لاحقاً. كامب ديفيد كسرت المحرمات في كثير من القضايا. وكما يقول شلومو بن عامي وزير الخارجية الإسرائيلي في كامب ديفيد تمت مقارعة الرموز الجينية genetic code. قبلها كان مستوى المحادثات في القضايا الأساسية عاماً إلى حد كبير، وعلى شكل شعارات. أنا لا اقول إن ذلك غير لائق، لكنك لا تصنع السلام بناء على شعارات بل على أساس الاحتياجات، لذلك لم نكن في موقع يخول إلينا فعل ما قام به الرئيس أخيراً. إن أفكار كلينتون تذهب أبعد من تلك التي قدمت في كامب ديفيد، لكنها نوعاً ليست وثبة كبيرة. كامب ديفيد كانت الوثبة المهمة. هذه الأفكار كانت تنقية اضافية. هناك من يعتقد أنه بسبب الانتفاضة الثانية أصبحت اسرائيل مستعدة أكثر لقبول الأفكار التي قدمها كلينتون؟ - الأفكار التي قدمها الرئيس لا تشكل ابتعاداً عما حصل في كامب ديفيد، بل هي تنقية. هذا يعني أن الفلسطينيين على حق حين يقولون إن الاقتراحات الأخيرة لم تأتِ بجديد يختلف عن كامب ديفيد؟ - الأفكار ليست بعيدة عن تلك التي قدمت في كامب ديفيد. ولكن انظر ما هو متوافر للفلسطينيين في اقتراحات الرئيس: دولة مستقلة على معظم الأراضي في غزةوالضفة الغربية، عاصمتها الجزء العربي من القدسالشرقية. سيكون هناك حق غير محدود لعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضي الدولة الفلسطينية وترتيبات أمنية على أساس وجود دولي، وهذا شيء صعب جداً على الاسرائيليين تقبله. وهي أيضاً أفكار مصممة لتأخذ في الاعتبار الاحتياجات الاسرائيلية. عدم قبول ذلك يضيّع فرصة نادرة لما هو متاح. هل الانتفاضة هي التي أدت الى ذلك؟ كلا. لأننا كنا نقوم بذلك قبل الانتفاضة. لذلك اقول للذين يعتقدون في العالم العربي ان العنف يساعد الفلسطينيين على تحقيق طموحاتهم، أنهم يرون الأمور في شكل معكوس. العنف يؤجل تحقيق طموحات الفلسطينيين. هناك رد فعل في إسرائيل. وإذا نظرت الى الواقع السياسي فيها، فإن قبول ذلك أصبح صعباً نتيجة العنف. أنا اقول دائماً ان أي طرف لا يستطيع فرض محصلة على الآخر. لا يوجد حل عسكري للإسرائيليين، وفي الوقت ذاته العنف ليس حلاً للفلسطينيين، بل سيؤدي الى تأجيل الحل... لولا الانتفاضة لقدم الرئيس كلينتون اقتراحاته في وقت مبكر. ما واقع المفاوضات اليوم؟ - أعتقد أن الطرفين سينخرطان في مفاوضات مكثفة. الاسرائيليون لم يكونوا مستعدين، لكنني أعتقد أنهم سيفعلون ذلك، أنهم يستعملون أفكار كلينتون كأساس للمحادثات. هناك تحفظات عن هذه الأفكار، وهم يحاولون التوفيق بينها. التحفظات الفلسطينية تقع خارج الأطر التي حددها الرئيس، بينما يقع معظم التحفظات الاسرائيلية ضمن هذه الأطر. لنأخذ قضية اللاجئين مثلاً. كلينتون اعطى أساساً مبدئياً للتعاطي معها، بضرورة أن تكون هناك عودة للفلسطينيين. الفلسطينيون ستكون لهم دولة، وهذا يجب ان يكون نقطة الارتكاز لاستيعاب الفلسطينيين في الشتات واللاجئين. يقترح كلينتون حلاً مبنياً على أساس وجود دولتين. دولة اسرائيل اليهودية، ودولة فلسطينية، فحل مشكلة اللاجئين يجب ان يتناسب مع مبدأ الدولتين، وحق العودة للفلسطينيين الى الدولة الفلسطينية أمر لائق، لكن حق العودة إلى اسرائيل ليس لائقاً، إذ يغيّر ويهدد خصوصية الدولة الاسرائيلية. هل يمكن التوفيق بين الموقفين؟ سمعنا بعض الأشياء ما جعلنا نعتقد ان ذلك أمر محتمل. ولكن حين تقوم بتوسيع الأطر، فإن الطرف الآخر سيطالب بذلك، وهذا سيصعّب تضييق الهوة في التحفظات. لماذا ألغيت زيارتك المنطقة؟ - هناك سببان: كنت بانتظار أن أرى تنفيذ أمور أكثر على الأرض بالنسبة إلى موضوع الأمن. كانت هناك اجتماعات أمنية وطالبنا الطرفين باتخاذ خطوات محددة قبل الذهاب. تأخروا في تنفيذ هذه الخطوات وتطبيقها. ثانياً، إذا كانت المحادثات خارج الأطر التي حددها الرئيس السابق لا نريد ان نكون جزءاً منها، وتبين أن المحادثات التي تحصل هي خارج هذه الأطر. من وجهة نظر تاريخية بالنسبة إلى القضايا الجوهرية لم نكن يوماً قريبين إلى تضييق الخلافات على القدس والأراضي واللاجئين والترتيبات الأمنية كما نحن اليوم. كيف يمكنك القول إن اقتراحات الرئيس ستذهب معه، فهي جاءت نتيجة ثماني سنوات من المحادثات. أين الاستمرارية في السياسة الاميركية؟ - الرئيس أراد أن يقول للأطراف إن هذه الاقتراحات هي حصيلة جهود الادارة، وفي حال رفضها الطرفان سيسحبها، لأنه لا يريد ان يلزم خليفته بذلك، وشعر انه ليس لائقاً أن يلزم إدارة جديدة. وفي الوقت نفسه، فإن الرئيس الجديد، من خلال وضعه في الصورة، عبر عن ترحيبه باتفاق، لكن هذا لا يعني أن على الادارة الجديدة تحمل مسؤولية هذه الاقتراحات قبل أن تجري تقويمها. هل تعتقد ان الرئيس بوش سيتدخل بالطريقة ذاتها التي اتبعها كلينتون؟ - سيكون هناك واقع جديد. الإدارة الجديدة ستحدد الدور الأميركي وطبيعته. هذا الرئيس كلينتون أصبح مشاركاً في شكل عميق، ولكن ليس في البداية. بمرور الوقت أصبح يعرف القادة والقضايا، والدور الذي يقوم به لم يحصل إلا بعد اتفاق واي ريفر، لكن انغماسه في المفاوضات لم يحصل إلا في ولايته الثانية. لا اعتقد أن أحداً يجب أن يتوقع هذا الدور بمنأى عن طبيعة القرار الذي ستتخذه الادارة الجديدة. مدريد المرجعية هناك من يقول إنك غيّرت الموقف الأميركي من ضرورة تسوية النزاع من خلال الشرعية الدولية إلى موقف جديد مبني على اوسلو؟ - إن الموقف الأميركي من قضايا المرحلة النهائية لم يكن معرفاً. 242 و338 من وجهة النظر الأميركية هما مبدآن بانتظار التفاوض عليهما. وماذا بالنسبة إلى القرار 194؟ - لم يُنظر إليه كمرجعية، ومؤتمر مدريد لم يأت على ذكره بل اكتفى ب242 و338. لم يكن هناك حتى 425. مدريد هو المرجعية. الموقف الأميركي هو أن 242 و338 قراران ليسا للتطبيق، إنما للتفاوض عليهما. لذلك كنا دائماً نرفض اعطاء رأي بالنسبة إلى القضايا النهائية، لأن على الأطراف ايجاد حل لها. أفكار الرئيس ذهبت إلى أقصى حدود، أكثر من أي رئيس أميركي في السابق. هو لم يعط تعريف المرجعية، لكنه اعطى تصوره لطبيعة المحصلة النهائية. يتهمك المسؤولون العرب بالانحياز الكامل إلى إسرائيل؟ - لا استطيع القول إن ذلك جاء لكوني يهودياً. بل لطبيعة الدور الذي قمت به ولمدة طويلة. فحين كنت التقيهم كنت أشرح لهم الاعتبارات الاسرائيلية، لكنهم لم يكونوا معي حين كنت اشرح للإسرائيليين الاعتبارات الفلسطينية والعربية. دوري كان يسعى إلى شرح موقف كل طرف للآخر وحاجاته. لأن هناك تاريخاً لهذا النزاع مبنياً على ان يقوم كل طرف بالنظر الى ما هو أسوأ في موقف الطرف الآخر. هناك واقع قد لا تحبه ولكن عليك ان تفهمه، والإسرائيليون اتهموني في بعض الاحيان بأنني محامي عرفات. الدور الآخر كان شرح ما هو ممكن وواقعي، والعرب والفلسطينيون كانوا يسمعون أموراً لا يحبونها، وقلت للإسرائيليين مرات إن الفلسطينيين لا يستطيعون قبول أمر معين. سورية والقدس هل شعرت أنه كان ممكناً التوصل الى اتفاق بين سورية وإسرائيل على رغم عدم التوصل الى حل لقضية القدس؟ - نعم. بعد اتفاق أوسلو قال الرئيس حافظ الأسد بصراحة "تركوني"، وفي حال تم التوصل الى اتفاق بين إسرائيل وسورية ولبنان في الوقت ذاته، فهو مستعد لذلك. من وجهة نظر السوريين، فإنهم تخلوا عن شمولية السلام، ولكن لنكن منصفين للرئيس الأسد، فهو قال إنه دائماً كان يؤمن بالسلام الشامل لكن الفلسطينيين اتخذوا قرارهم واختاروا طريقهم، لذا فإنه سعى إلى التوصل الى اتفاق خاص به. ما الذي عطل قمة جنيف بين الرئيس الأسد وكلينتون؟ - الأمر كان أكثر تعقيداً في القول إننا ضُلِلنا من السوريين. هناك من يحاول تبسيط الأمر. ماذا حصل بعد مفاوضات شيبردز تاون، الرئيس الأسد كان متردداً في استئنافها، وقال للرئيس كلينتون إنه ليس واضحاً لديه ما يريده الإسرائيليون. فقررنا أن نحاول تحديد ذلك. لم نذهب إلى جنيف متوقعين التوصل الى اتفاق، لأنه يجب أن يكون بين السوريين والاسرائيليين، وليس بيننا والسوريين. نتيجة ما حصل في القمة، أن ما أتينا به من باراك واعتقده كلينتون جدياً لم يكن كافياً للرئيس الأسد، لكنه لم يشأ انهاء عملية السلام، فقال الرئيس كلينتون إنه لا يستطيع العودة إلى الاسرائيليين ليسألهم المزيد لأنه فعل كل ما يستطيع لتحديد ما يريدون وما هي احتياجاتهم. ولماذا لم يقدم كلينتون اقتراحات على المسار السوري كما فعل على المسار الفلسطيني؟ - جاء اجتماع جنيف بعد مفاوضات شيبردز تاون وحاولنا الاجابة عن اسئلة محددة طلبها الرئيس الأسد الذي قال لكلينتون: لا اعرف ما احتياجاتهم لذلك لا استطيع ان أتوصل الى اتفاق معهم. بعد جنيف قال كلينتون للأسد: لا استطيع العودة الى الاسرائيليين إنما أريد منك جواباً على ما قمت به، وبعد ذلك نرى ما يمكن فعله. رد السوريين استغرق ستة أسابيع، ولم نشعر أنه يساعد على دفع الأمور، بل أدى إلى أن نطرح أسئلة اضافية. وفي تلك المرحلة لم تكن صحة الرئيس الأسد جيدة ثم توفي. لم يصدقوا باراك هل طلب منكم السوريون في أي وقت اقناع اسرائيل بعدم الانسحاب من لبنان من دون اتفاق؟ - أجرينا محادثات مع السوريين حول هذا الموضوع بدءاً من أيلول سبتمبر، أولبرايت ذهبت إلى هناك والشرع جاء الى هنا. كان واضحاً ان باراك يريد الخروج من لبنان، ولم نكن متأكدين أن السوريين كانوا يصدقونه. تلقينا اشارات متناقضة، ما قالوه لنا كان ثابتاً: إذا اراد الخروج فليفعل. لم يطلبوا منا ان نسعى لدى إسرائيل لئلا تفعل ذلك. وما كان تقويمك؟ - حتى وقت متأخر لم يعتقدوا أنه باراك سيفعل ذلك، لكنه قام بذلك بعد جنيف في الوقت الذي كنا نتلقى أجوبة من سورية. ولكن كان هناك واقع صحة الرئيس الأسد. سياستنا كانت تؤيد دائماً القرار 425، لذلك لم نكن لنطلب من اسرائيل عدم تطبيقه. الشرعية الدولية ليست أداة إنما معيار. الاسرائيليون التزموها، لكن اللبنانيين لم يلتزموها. الأمين العام للأمم المتحدة أكد الانسحاب على أساس ال425 ومجلس الأمن، وحتى الآن لم يلتزم اللبنانيون الشرعية الدولية، وهي طريق ذو اتجاهين. هل تعتقد أن السوريين لا يتركون للبنانيين الالتزام بذلك؟ - لا اعرف مَن يضغط على مَن، لكنني أعرف ان على اللبنانيين اتخاذ خطوات تنسجم مع التزاماتهم بالنسبة إلى القرار 425. ما هي أسوأ لحظات عملية السلام بالنسبة إليك؟ - اغتيال اسحق رابين واطلاق النار على الفلسطينيين في الحرم الإبراهيمي. كانت لحظات مظلمة مثل كل العمليات الارهابية لأنها شكلت اعتداء على السلام. وهناك الأشهر الأخيرة أيضاً بسبب الضحايا. ما هي اللحظات المضيئة؟ - 13 أيلول 1993 في البيت الابيض شكل لحظة تاريخية وقفزة نفسية، فبعد التوصل الى اعتراف متبادل بين الإسرائيليين ومنظمة التحرير لا عودة الى وراء، لأنك لا تعترف بأشخاص بل بأجندة وبشرعية. اتفاق الخليل واتفاق المرحلة الانتقالية شكلا أيضاً لحظات مشرقة، وكذلك تشكيل السلطة الوطنية الفلسطينية في الضفة الغربية لأن ذلك اوجد أمراً واقعاً. كانت هناك لحظات تفاؤل بالنسبة إلى احتمال تحقيق اتفاق بين سورية وإسرائيل، في آب اغسطس 1993. وأيضاً حين التقى الشهابي شاهاك. اجتماع باراك والشهابي كان جيداً لخلق جو، لكن هناك هوة كبيرة حول فلسفة التعاطي. وحصل الكثير خلال اجتماع شاهاك والشهابي الذي استمر يومين ونصف يوم. خلق لهم أطراً واسعة حول مبادئ الترتيبات الأمنية. وبعد يومين ونصف يوم كان واضحاً أن الرجلين يستطيعان أن يقوما بالعمل، لم يكن هناك شك في ذلك. وهما صارحاني بذلك في الاجتماعات المنفصلة.