عندما خصص مجلس الأمن للمرة الأولى في تاريخه جلسة للبحث في خطورة مرض ال"إيدز" على الأمن العالمي جاءت المبادرة من المندوب الاميركي لدى الاممالمتحدة ريتشارد هولبروك. وانعقدت الجلسة قبل سنة تماماً برئاسة نائب الرئيس الاميركي آل غور. وكان القرار الأول الذي تضمن سابقة ادخال فقرة للتوعية بفيروس فقدان المناعة ايدز في كل عمليات حفظ السلام هو قرار تمديد ولاية قوة الاممالمتحدة الموقتة في جنوبلبنان يونيفيل آخر كانون الثاني يناير الماضي. وأمس الجمعة، وفي الجلسة الأخيرة التي حضرها هولبروك قبل توديعه الأممالمتحدة، بحث مجلس الأمن في خطورة مرض ال"ايدز" واعترف لهولبروك بأهمية السابقة، فيما "غمزت" أوساط ديبلوماسية الى فشل غور بالفوز بالانتخابات الرئاسية الاميركية على رغم كل استثمارات هولبروك فيها على صعيد الاممالمتحدة، كما في ذلك "هدية" رئاسة غور لمجلس الأمن في سابقة تخصيص جلسة لمرض ال"ايدز" باعتبارها مصدر تهديد للامن الدولي. قاوم كثير من الدول فكرة تناول مجلس الأمن لهذا المرض الفتاك، باعتبار ان المجلس يختص بشؤون السلم والأمن الدوليين والنزاعات بين الدول، وان هناك مجالات لبحث الأمراض مثل المجلس الاقتصادي التابع للامم المتحدة. وشارك كثير من الدول في بحث انتشار هذا المرض باستحياء وخجل ونفي ونكران لمدى تفشي ال"ايدز" لديه، خصوصاً نتيجة ارتباطه بعلاقة جنسية بين الذكور. لكن استفحال المرض في مناطق عدة في العالم، خصوصاً في افريقيا، أدى الى دعم المبادرة الاميركية، ولو على مضض، فبات تقليداً ان تُدخل فقرة توعية في كل قرار يصدره مجلس الأمن في شأن قوات حفظ السلام في أي بقعة في العالم. وستعقد الجمعية العامة دورة خاصة لدرس انتشار المرض ونوعية الاجراءات الضرورية لمنعه في شهر تموز يوليو المقبل، وتبدأ هذا الاسبوع الاجتماعات التحضيرية للجلسة الخاصة. هولبروك وكسر المحرمات تحدث هولبروك في خطابه امس، عن كسر المحرمات، ليس فقط في التحدث علناً عن المرض وانما ايضاً في استخدام لغة صريحة لوسائل المناعة في العلاقة الجنسية في مجلس الأمن. وأشار هولبروك الى ابنه الذي جلس مع الوفد الأميركي ليعترف له بفضل لفت نظره الى ضرورة الاهتمام بوقاية قوات السلام من مرض ال"ايدز" أثناء جولة لهما في كمبوديا. وقال ان "الشفافية" هي الوسيلة الوحيدة للتعاطي مع هذا المرض. كما أشار الى ان وزير الخارجية الأميركي الجديد، كولن باول، تناول هذا الموضوع أثناء شهادته أمام الكونغرس. ودعا هولبروك الى العمل على ان تكون للقرار 1308 المعني بمرض ال"ايدز" الشهرة ذاتها التي يتمتع بها القراران 242 و338 المعنيان بالنزاع العربي - الاسرائيلي والقرار 1244 المعني بكوسوفو والقرار 1284 المعني بالعراق. تنفيذ بطيء لقرار ال"ايدز" وشدد على مسؤولية دائرة حفظ السلام في الأممالمتحدة منتقداً بطئها في تنفيذ القرار 1308 وتعزيز اجراءات حماية قوات السلام من التعرض للمرض. وكانت النروج قدمت مليون دولار للمساعدة على تنفيذ القرار في مناطق النزاع. لكن هولبروك دعا الى ان تكون كلفة تنفيذ القرار جزءاً من ميزانية حفظ السلام، الى جانب التبرعات من الدول المساهمة بالقوات. وأشار الى ان وزارة الدفاع الأميركية خصصت السنة الماضية 10 ملايين دولار لمساعدة الدول على تنفيذ القرار وحض الادارة الجديدة على البناء على السابقة. وأدى انتشار مرض ال"ايدز" الى اصابة 5.3 مليون شخص، 3 ملايين منهم توفوا. ووقع ثلثا الاصابات في افريقيا. ومع توقف "قطار سوابق" هولبروك في مجلس الأمن أمس، ودع السفير الأميركي الأممالمتحدة بالتمني عليها الحرص الخاص على القرار 1308 لئلا يهدد المرض الأمن المحلي أو الاقليمي أو الدولي لأنه يفتك بالافراد كما بالاقتصاد كما بالطموحات ويؤدي الى نزاعات مسلحة.