الحكومة اللبنانية تدرس قراراً بدمج مؤسسات الإعلام الرسمي في لبنان، في شكل يمهد لطرح فكرة إلغاء وزارة الإعلام واستبدالها بمؤسسة يديرها القطاع الخاص، وتخضع لمقياس الربح والخسارة وتمول نفسها، كما لمح إلى هذا وزير الإعلام اللبناني غازي العريضي. الفكرة ليست جديدة، ومطروحة في أكثر من بلد عربي، ووجدت طريقها إلى التنفيذ في قطر. في لبنان، كما في غيره من البلاد العربية، أصبحت وزارة الإعلام جهازاً للرقابة أكثر من كونها جهازاً يتولى دور الإعلام الجماهيري ونقل المعلومات. والمتابع لوسائل الإعلام الجماهيرية الناجحة والمؤثرة في العالم العربي يجد أنها لا تتبع الإعلام الرسمي، على رغم أنها تعمل مجبرة ضمن شروطه، وتحاول أن تتمرد على تعليماته، لذلك بدأت الحكومات تفكر جدياً في إلغاء وزارة الإعلام كي لا تموت هذه الوزارات وهي على ذمتها. لكن هل سيؤدي إلغاء وزارات الإعلام إلى حرية الرأي، والانتقال من الدعاية إلى المعلومات؟ لا شك أن إلغاء وزارات الإعلام خطوة أولى نحو هذا الهدف، لكنها ليست كل شيء، وإلغاء الوزارة لا يعني بداية عهد جديد من الإعلام الحر. ويمكن أي دولة أن تقيم إعلاماً حراً مع وجود وزارة للإعلام. وقد يوجد إعلام دعائي من دون وزارة للإعلام، فالحرية مرتبطة بالإرادة السياسية وليس بالنمط الإداري. وكل الكلام الذي يتردد في العالم العربي الآن على هذه القضية، جاء بدوافع اقتصادية صرفة ولم يأت من أجل سواد عيون الحرية. ان المرحلة المقبلة ستشهد زيادة في نفوذ الفرد وقدرته على استقبال المعلومات وارسالها، من دون حاجة إلى دور الحكومة أو التأثر بجهودها للمنع والمصادرة، وشبكة الإنترنت تؤكد هذه الحقيقة. وأمام هذا الوضع ليس أمام الحكومات إلا أن تتحلى بالواقعية وتسلم مهمة الإعلام للناس وهي راضية، قبل أن تجد نفسها وقد أصبحت بلا وسائل أو جماهير، إن لم تكن أصبحت كذلك بالفعل.