أول الكلام: للشاعر العربي الكبير/ محمد الفيتوري: - مطر ذهبيُّ يهبط أبراجاً وقباباً في غابات الشمس وخيل جامحة تتزاحم تحت صهيل الريح وبعضٌ من أوراقك في شجر الأيام وحائط صلبان متعانقة، وشموع ضريح فاذهب منقى الدم والأسطورة لا تغمض عينيك على عينيك سُدَى!!
والآن... يقف وزير الثقافة في مصر/ فاروق حسني: بين فكّي كمّاشة جماعة المثقفين التي تتصدى لقرارات الوزير، وشجبها وادانتها، ورفض توصيف الوزير لروايات ثلاث بأنها: تمس الأديان، ثم سحب الثقة من الفنان/ فاروق حسني كوزير للثقافة، لأنه بادر الى فرض الرقابة على المطبوعات... ورغم كل هذا الضجيج والصراع بين الوزير والمثقفين من جهة، والوزير والمتأسلمين من جهة أخرى... فهناك من ينتظر مؤتمر المثقفين الذي دعا اليه الوزير في حزيران يونيو، ولكن ما يدور في أوساط المثقفين هذه الأيام، يركز على نتيجة واحدة هي: أن الوزير حقق ما خطط له ليحدث الانشقاق في صفوف المثقفين! فهل تعمد الوزير/ فاروق حسني - الفنان والمثقف - أن يُحدث هذا الشرخ في واقع ثقافة بلده المعاصر... أم أن هذه الخطوة - كما وصفها المثقفون - مهادنة من الوزير للتيار الإسلامي الحزبي، وامتصاص ما يعتمل في نفوس الشباب المتأسلم أو المتحزِّب باعتبار أننا جميعاً مسلمون ولا ينبغي أن نفرَّق في التنظيم الاجتماعي والتربوي والتعليمي والثقافي فنقول: إخوان مسلمون، أو الجماعة الإسلامية على فئة بعينها، بينما بقية الأمة يوحدون الله ويشهدون أن محمداً رسول الله/ صلى الله عليه وسلم؟!!
والمثقفون الذين أشعلوا حملتهم اليوم على وزير الثقافة: يعتقدون أن الوزير - في الموقف الأول - خدعهم، أو اتخذ موقفاً سياسياً قبل كل شيء، وذلك حين وقف في أصداء الحملة أو الهوجة على رواية وليمة لأعشاب البحر وناصر المثقفين، ولم يجد في الرواية ما يستحق اللغط... فما الذي دفعه الآن الى عزل/ أبو شادي وبطانته، هل يعود السبب الأساسي الى ذلك الاستجواب الذي تقدم به النائب البرلماني من جماعة الأخوان/ محمد جمال حشمت متهماً وزارة فاروق حسني باصدار مطبوعات: تدمر الأخلاق والدين؟!! وإذا كان د. محمد عباس - أحد مثقفي التيار الأخواني ومفجر الحملة على رواية وليمة لأعشاب البحر - قد قال: "إن ما اتخذه وزير الثقافة من قرارات إعفاء لا يخرج عن اللعبة السياسية التي تدور في فلك التغييرات الوزارية"... فهل ينطبق هذا القول على فكر ومنهج وزير الثقافة/ فاروق حسني الذي شغل هذا المنصب سنوات عدة؟!! ونحسب - أخيراً - أن الوزير: تجاوز موقعه كوزير وكفنان أيضاً، ودوره كمحافظ على حرية الرأي والحوار... فوصف بيان المثقفين المصريين ضده ومطالبتهم بمقاطعة أنشطة وزارته بأنه: قلة أدب وكتابات برنو!! أحد المسؤولين عن الإصدارات الأدبية محمد البساطي - وهو موظف لدى الوزير - طرح سؤاله هذا على وزيره: "هل تريد تسليم الكتاب الى المشنقة"؟!!
وحتى ينجلي غبار هذه المعركة التي لا تتفق ورومانسية الوزير الفنان، وقبل ذلك: لا تتفق وثِقَل مصر الثقافي والعلمي... فإننا نتقدم الى الوزير ووزارته بسؤالين، نتمنى - بموضوعية - أن يتفضل الوزير ويجيبنا عليهما: هل لا توجد في الأدب المصري روايات تستحق القرار الذي أصدره وزير الثقافة، ولو بأثر رجعي مثل روايات: أمين يوسف غراب، وإحسان عبدالقدوس، رحمهما الله، وحتى بعض روايات النوبلي/ نجيب محفوظ؟!! لماذا تتعدد الجهات المسؤولة عن نشر وطبع الكتب في وزارة الثقافة من: هيئة قصور الثقافة، الى آفاق الترجمة، الى السلاسل الأدبية، ولا تتوحد مسؤولية ومهمة النشر كلها في "الهيئة المصرية العامة للكتاب" بعد أن أثبتت نجاحها وانتشارها عربياً وعالمياً؟!!