} تحولت الأزمة بين وزير الثقافة المصري السيد فاروق حسني وعدد من المثقفين اعترضوا على إقالة رئيس هيئة قصور الثقافة الناقد علي أبو شادي بعدما حمله المسؤولية عن نشر ثلاث روايات ضمن سلسلة "أصوات ادبية" التي تصدرها الهيئة "تحوي عبارات تخدش الحياء والآداب العامة" إلى سباق بين الطرفين. فالوزير حسني التقى رئيس الهيئة الجديد السيد محمد غنيم وأكد أن الوزارة "ستستمر في مسارها التنويري في ظل حماية قيم المجتمع وموروثاته"، وفي المقابل أعلن معارضو الوزير عزمهم تنفيذ نشاط ثقافي موازٍ لمعرض القاهرة للكتاب فب 24 الجاري. وكسب هؤلاء نقطة بإعلان عدد من رؤساء تحرير سلاسل تصدر عن هيئة قصور الثقافة استقالتهم احتجاجاً على تصرفات الوزير. زاد الخلاف بين وزير الثقافة المصري السيد فاروق حسني ومثقفين مصريين على خلفية قرار إقالة رئيس هيئة قصور الثقافة الناقد علي أبو شادي، بعد طلب احاطة قدمه نائب "الإخوان المسلمين" في البرلمان الدكتور جمال حشمت طالب فيه بمحاسبة المسؤولين عن نشر ثلاث روايات ضمن سلسلة "أصوات أدبية" التي تصدرها الهيئة "حوت خدشاً للحياء العام والآداب العامة". وأعلن أربعة من رؤساء تحرير سلاسل تصدر عن الهيئة عزمهم الاستقالة من مواقعهم اليوم بعدما رأوا أن المناخ الذي تسبب الوزير في اشاعته "صار غير ملائم لتحقيق أي رسالة ثقافية يمكن توجيهها للناس" والأربعة هم رؤساء تحرير سلاسل "كتاب الأدب" عبدالعزيز موافي، ومجلة "قطر الندى" محمد كشيك، و"كتابات نقدية" مجدي توفيق، و"آفاق الترجمة" طلعت الشايب. وقال موافي ل"الحياة" ان الأربعة "اتفقت ارادتهم على أن موقف الوزير حسني جعل المناخ الثقافي في البلاد يصب لمصلحة القوى الظلامية في المجتمع"، معتبراً أن العبارات التي وردت في حديث أدلى به حسني إلى "الحياة" ونشر أمس "هي نفسها التي يرددها الإسلاميون المتشددون والتي كان يهاجمها الوزير وتصدى لها أثناء أزمة رواية "وليمة لأعشاب البحر" للسوري حيدر حيدر. وتصدر الهيئة 16 سلسلة بينها ثلاث مسؤول عنها رئيس الهيئة نفسه، وبذلك فإن عزل أبو شادي واستقالة رئيس تحرير "أصوات أدبية" محمد البساطي، يعنيان أن يكون 7 فقط من رؤساء تحرير اصدارات الهيئة ما زالوا محتفظين بمواقعهم. ويبدو أن حسني عازم على اعادة صوغ أساليب النشر في الهيئة بعد أزمة "الوليمة" والروايات الثلاث، اذ التقى أمس رئيس الهيئة الجديد محمد غنيم، وأكد "استمرار سياسة الوزارة في مسارها التنويري الحر لتحقيق الأهداف الاستراتيجية للثقافة الجماهيرية في رعاية الإبداع". وقال إن الهيئة ستواصل نشر اصداراتها "ولكن من خلال لجان متخصصة تختار الأعمال التي ترقى إلى مستوى النشر لإفساح الفرصة أمام الشبان وأدباء الأقاليم لنشر إبداعاتهم، وتكثيف الحركة النقدية بما يسمح بعودة هيئة قصور الثقافة للقيام بدورها". ومن جهته شدد غنيم على أن سياسة الوزارة "كانت وستستمر ترتكز على تحديث العمل الثقافي وتحقيق الأهداف الخاصة بالإبداع تجاه التنوير والحداثة مع التأكيد على الأصالة والهوية الثقافية للمجتمع المصري الذي يستند إلى رصيد من القيم الدينية والاخلاقية على مر العصور"، ورداً على ما تردد بأن وزير الثقافة استجاب لأصحاب الأفكار المتطرفة عندما قرر مصادرة الروايات الثلاث قال غنيم: "إن الوزير هوجم من قبل بعكس هذا الاتهام وبقيام وزارة الثقافة بدور تنوير ورعايتها لحرية الإبداع وفتحها النوافذ لجميع التيارات الفكرية، المستهدف حالياً هو فتح نوافذ جديدة والإبقاء على كل السلاسل والإصدارات وغير صحيح إطلاقاً أن هناك توجهاً لإلغاء أي منها لأنها حقوق ومكتسبات لكل المبدعين الجادين". ووصف غنيم البيان الذي أصدره عدد من المثقفين بمقاطعتهم لأنشطة الوزارة وأولها معرض القاهرة الدولي للكتاب بأنه "نوع من افتعال للقضايا والأزمات"، وأوضح أنه اقترح على الوزير تشكيل لجان متخصصة لوضع برنامج للإصدارات التي سيتم تشكيلها "سيكون من مهامها مراجعة ما هو موجود في المطابع تراعي جدية الإبداع ودوره التنويري وتنأى عن أي نوع من الرقابة والتسلط"، وأعلن أنه ستكون هناك آلية تنفيذية جديدة للنشر وأسلوب جديد "لرفع كفاءة أداء قصور الثقافة وتكثيف البرامج الثقافية والفنية في مجالات رعاية المواهب واحياء التراث وتوسيع رقعة المستفيدين من العمل الثقافي في جميع أقاليم مصر"، مشيراً إلى أنه سيعرض على الوزير في الأيام القليلة المقبلة الاسماء المرشحة لتولي مسؤولية النشر في هيئة قصور الثقافة. وبدا أن تحالفاً نشأ بين هؤلاء المعارضين للوزير منذ فترة وبعض المحسوبين عليه ومنهم رؤساء تحرير الاصدارات الذين سيستقيلون اليوم، إذ وقع هؤلاء وآخرون على بيان اصدروه أمس اعتبروا فيه أن اطاحة أبو شادي "جاءت رداً على الممارسات الديموقراطية له واصراره على أن يكون كل رئيس تحرير سلسلة أدبية مسؤول بالكامل عن ما ينشره من موضوعات قد تعتبرها قوى الظلام تجاوزات"، وأضاف البيان: "اننا نشعر أن القرار ليس موجهاً إلى أبو شادي كفرد وإنما كقيمة يحرص المثقفون على استمرارها"، وطالبوا الوزير بالتراجع عن القرار "وإلغاء كل الآثار التي تترتب عليه وحماية استمرار مسيرة الديموقراطية". وعقد مثقفون اجتماعاً مساء أمس بحثوا فيه تصعيد المواجهة ضد الوزير بتنظيم فعاليات ثقافية تتزامن مع معرض القاهرة الدولي للكتاب الذي قرروا مقاطعته.