بدا وزير الثقافة المصري السيد فاروق حسني أكثر اطمئنانا من أي وقت مضى إلى بقائه في موقعه على رغم الضجة التي اثيرت في شأن مسؤوليته عن إعادة طبع رواية "وليمة لأعشاب البحر" للكاتب السوري حيدر حيدر في مصر. وتوقع كثيرون أن يكون الوزير تلقى تأكيدا من جهات عليا بأن التفاعلات التي افرزتها أزمة الرواية لن تزحزحه من مكانه. وتحدث حسني عبر شاشة التلفزيون في برنامج "حديث المدينة" في الظهور التلفزيوني الثاني له، منذ بداية الحملة على الرواية نهاية الشهر الماضي. وبدا في المرة الأولى، في اليوم الذي خرجت فيه تظاهرات طالبات وطلبة جامعة الأزهر للاحتجاج على الرواية، مرتبكاً محاولاً امتصاص غضب الطلاب إلى درجة أنه أعلن تشكيل لجنة للتحقيق في ملابسات إصدار الرواية ثم تبين بعدها أن اللجنة شكلت من أكاديميين ومثقفين لتقويم الرواية من الناحية الإبداعية. اما في ظهوره الثاني فبدا حسني واثقاً من سلامة موقعه، متصديا لكل من شارك في الحملة عليه وعلى الرواية. وقال ان حزب العمل "أراد استثمار الأزمة لتحقيق مصالح سياسية"، وان صحيفة "الشعب" "رتبت حملة عليه لإطفاء الاشعاع الثقافي في مصر". أما الدعاة الذين هاجموه في المساجد "فهم لم يقرأوا الرواية وسعدوا بوجود موضوع يتحدثون فيه". وعلى رغم أن حسني لم يوجه انتقاداً مباشراً الى الأزهر الذي كان اصدر بياناً دان فيه الرواية وحمّل الوزير المسؤولية عن مضاعفات نشرها، لفت إلى أن المشكلة "تتعلق بوجهات نظر"، والى بيان مضاد أعده اعضاء اللجنة العلمية الذين شاركوا في تقويم الرواية. وأوضح أن القضية يُنظر فيهاحالياً أمام النيابة "لتفصل فيها". والمعروف أن نيابة أمن الدولة وجهت تهمة "نشر مطبوعة تدعو الى العيب في الذات الإلهية" إلى رئيس تحرير سلسلة "آفاق الكتابة" التي تصدر عنها الرواية الأديب ابراهيم اصلان ومدير تحرير السلسلة حمدي أبو جليل. وإذا كان حسني قد تلقى ما يطمئنه فإن الاثنين مازالا يدوران في فلك التحقيقات في القضية المتهمين فيها. وعندما سألت "الحياة" أصلان عن اتجاهات التحقيق وتوقعاته أجاب: "حتى الآن خضعت وأبو جليل لجلسة تحقيق واحدة. والمحامون يتابعون القضية". ونفى أن يكون أي مسؤول تحدث معه في شأن مستقبل القضية، لكنه اضاف: "يكفينا التفاف المثقفين حولنا"، معرباً عن تقديره لمئات من المثقفين وقعوا مذكرة قدموها الى النائب العام المستشار ماهر عبدالواحد اعلنوا فيها تضامنهم مع المسؤولين عن نشر الرواية. ورفض أصلان تفسير قيام التلفزيون المصري قبل يومين بعرض فيلمه الشهير "الكيت كات" على أنه "دليل على أن الموقف الرسمي منه لم يتغير رغم أزمة الرواية"، وقال: "قد يعود الأمر الى المصادفة، لكن في كل الأحوال أنا عند موقفي بأن الرواية لم تسىء إلى الدين، وإنما من أساؤوا إليه هؤلاء الذين حرضوا على قتلنا وكفرونا من دون سند"