لا ينطلق رئىس المجلس النيابي نبيه بري في تحركه الهادف الى تهدئة الوضع السياسي في لبنان وتبريد الاجواء عن عبث، بمقدار ما انه يأتي في سياق خطة لبرمجة للتحرك، يتطلع من خلالها الى توفير المناخ الذي يسمح بانتقال طبيعي للسلطة، يتوج بتشكيل حكومة جديدة فور بدء المجلس النيابي المنتخب بممارسة مهماته في اول ثلثاء يلي الخامس عشر من تشرين الاول اكتوبر المقبل. وفي هذا السياق، اكدت مصادر نيابية ل"الحياة" ان بري "يراهن على قدرته، بالتعاون مع جميع الاطراف، على اخراج البلد من دوامة التجاذب السياسي او المماحكة، قبل ان يقترب من الدخول في آلية الاستحقاق الحكومي، استشارات وتكليفاً وتشكيلاً، ظناً منه ان البلد يحتاج الى رؤية انقاذية تفسح في المجال امام البحث عن حلول للمشكلات الاقتصادية والاجتماعية". وقالت المصادر "ان بري الذي يأخذ على عاتقه تفكيك الافخاخ السياسية وتعطيل دورها مع الاستعداد للتفرغ كلياً لاطلاق العجلة الدستورية المترتبة على تأليف حكومة جديدة، اخذ يبدي ارتياحه الى تجاوب الجميع مع التحرك الذي باشره فور انتهاء الانتخابات النيابية، خصوصاً ان تغليب المصلحة الوطنية على ما عداها من مناكفات، يفترض الابتعاد عن نبش الماضي واستحضار الملفات التي لا تشجع على المضي قدماً الى الامام في تبريد الساحة السياسية". ورأت "ان بري يسعى جاهداً الى السير بخطوات وئيدة انطلاقاً من حرصه الشديد على ان يضع العربة امام الحصان منعاً لاغراق البلد في متاهات، هو في غنى عنها الآن، وهذا ما يبرر تكريس جهده في الوقت الحاضر لتنفيس اجواء الاحتقان شرطاً للولوج الى الاستشارات النيابية التي سيتولاها رئىس الجمهورية اميل لحود لتسمية رئىس الحكومة المقبل، وتعقبها مشاورات يقوم بها الاخير استعداداً للبحث في تشكيل الحكومة العتيدة بالتفاهم مع الاطراف المعنيين بدءاً برئىس البلاد". واملت المصادر "بأن ينجح بري في توفير الاجواء امام استئناف التواصل بين جميع الاطراف، خصوصاً بين لحود والقيادات السياسية التي تبدي استعدادها للتعاون معه، خصوصاً ان لا مفر من معاودة الحوار اساساً لصوغ خطاب سياسي شامل يجمع بين اللبنانيين ولا يفرقهم، ليحتل مع تشكيل الحكومة حيزاً اساسياً من العناوين السياسية التي ستندرج في مقدمة بيانها الوزاري". ولفتت المصادر الى اهمية الكلام الذي قاله لحود امام رئىس المجلس "انه لا يضع فيتو على احد"، وان "لا متاريس سياسية بين الافرقاء سوى ما يتناوله الاعلام وهو لا يعكس التوجه الصادق لدى الجميع ان دقة المرحلة، سياسياً واقتصادياً، تستدعي المجيء بحكومة تضامن وطني، تؤمن اوسع مشاركة سياسية". ولم تستبعد المصادر "ان تسهم الاجواء الانفراجية في ان يشهد قصر بعبدا في القريب العاجل لقاءات تتسم بطابع التشديد على اقرار الجميع بدقة المرحلة التي تحتاج الى تضافر الجهود"، مؤكدة "ان طريق التواصل السياسي ستكون سالكة في كل الاتجاهات"، ومشيرة الى "ان ما يقصده رئىس الحكومة السابق رفيق الحريري بمطالبته بالمجيء بفريق عمل منسجم، هو التوصل الى تأليف حكومة سياسية متضامنة تتصرف قولاً وعملاً على انها فريق واحد، يتعاون مع رئىسي الجمهورية ويدرك حجم الأزمة ويستنير الطريق للخروج منها". وتابعت "ان المطالبة بايجاد فريق العمل لا تعني ابداً ان يكون من لون واحد، بمقدار ما ان المرحلة الراهنة تحث الجميع على الترفع عن المهاترات السياسية، واعطاء الفرصة للحكومة العتيدة لصوغ برنامج عمل واضح يكون كناية عن افكار توفيقية سيطرحها الوزراء الذين ينتمون الى قوى سياسية عدة، خصوصاً ان لكل منهم وجهة نظره التي تلتقي مع الآخر على جوامع مشتركة". واكدت المصادر "ارتياح دمشق الى المهمة التي اخذها بري على عاتقه تقديراً لدوره ليس في تلطيف الاجواء فحسب، وانما ايضاً في تجاوز المرحلة الراهنة على نحو يشجع الاستعداد لاستقبال المرحلة المقبلة من دون حسابات مسبقة موروثة عن العلاقات التي سادت في ما مضى". ولفتت الى "ان لا مكان لصيغة غالب ومغلوب في انقاذ البلد" والى "عدم وجود مشكلة امام التأسيس لعلاقات سياسية جديدة تأخذ في الاعتبار مدى حاجة البلد الى اجواء سياسية من نوع آخر تجدد الثقة به، وتعيد الصدقية اليه، شرط ان يكون الجميع على استعداد لتعزيز الايجابيات في ضوء مراجعته للمرحلة السابقة، والتخلي عن سلبيات كانت وراء الركود الذي اصاب الوضع".