أبدت مصادر مقربة من رئيس الجمهورية اللبنانية إميل لحود ورئيس الحكومة السابق رفيق الحريري ارتياحها الى أجواء لقائهما امس في قصر بعبدا، واصفة إياها بأنها "أكثر إيجابية" من اللقاء السابق بينهما، الأسبوع الماضي، وقد عرضا خلاله التطورات الإقليمية والدولية، في ضوء المواجهات الفلسطينية - الإسرائيلية. ورفضت المصادر الخوض في التفاصيل، "لأن لا مصلحة فيه"، مؤكدة أن اللقاء أرسى أسساً متينة لبناء الثقة المتبادلة بينهما وتعزيز التعاون في المستقبل خصوصاً مع انتقال السلطة فور تشكيل الحكومة الجديدة. وأضافت أن مناخ لقاء أمس كان أفضل من مناخ الاجتماع السابق، مشيرة الى أن "البحث تطرق في الدرجة الأولى الى موضوع الاستحقاق الحكومي وسط تشديد لحود والحريري على تأليف حكومة تجمع بين التوازن السياسي والمناطقي، وتكون في مستوى التحديات التي يواجهها لبنان، خصوصاً بعد تعثر العملية السلمية والمحاولات الهادفة الى إنقاذها على المسار الفلسطيني من خلال الدعوة الى عقد قمة شرم الشيخ". وأبلغت المصادر "الحياة" أن لحود والحريري "اقتربا من الدخول في صلب الاستحقاق الحكومي وتشاورا في أبرز العناوين المتعلقة به، وتبادلا الأفكار والآراء التي تسهم في تأليف حكومة تأخذ على عاتقها إيجاد الحلول المتواضعة للمشكلات الاقتصادية والاجتماعية، واعتبرا أن تعثر العملية السلمية ليس نهاية المطاف، وأكدا أن المرحلة السياسية تفترض التعاون الى أقصى الحدود وصولاً الى التفاهم على وظيفة الحكومة العتيدة ودورها". ولم تستبعد المصادر احتمال عقد لقاء جديد بين لحود والحريري قريباً. وقالت إنهما اتفقا على مبدأ التواصل لمزيد من المكاشفة والمصارحة في كل القضايا المطروحة على الساحة اللبنانية على قاعدة الانفتاح. وبالنسبة الى موعد بدء الاستشارات النيابية التي سيجريها لحود استعداداً لتسمية رئيس الحكومة المكلف علمت "الحياة" أنها ستتم بعد التئام المجلس النيابي المنتخب في أول جلسة تعقد غداً الثلثاء لانتخاب رئيس للمجلس ونائب له إضافة الى أعضاء هيئة مكتب المجلس، أي ربما بعد ظهر الثلثاء أو صباح الأربعاء، على أن تستمر الى مساء الخميس، وقالت إنه سيستدعي في ختامها رئيس الحكومة المكلف، أي الحريري الذي بات المرشح الوحيد. وأكدت أن التكليف سيتم بين مساء الخميس أو الجمعة أي قبل ان يتوجه لحود الى القاهرة على رأس الوفد اللبناني لحضور القمة العربية. أما في شأن التأليف، فقالت المصادر إن حسمه سيؤدي الى تبريد الأجواء السياسية من جهة والى الإفساح في المجال امام المزيد من المشاورات التحضيرية له، وأن الحكومة الجديدة يفترض أن تشهد ولادة طبيعية مطلع الأسبوع المقبل. وعزت أسباب التريث في التأليف الى أمرين أساسيين: الأول ضرورة مراعاة رئيس الحكومة سليم الحص الذي سيكون في عداد الوفد اللبناني الى قمة القاهرة، ما يفترض التأخر في التأليف الى ما بعد انتهاء أعمالها منعاً لأي التباس على رغم أن الحريري أكد للحود أنه يؤيد ذهاب الحص الى القاهرة وليس لديه أي اعتراض وبالتالي يدعم تأجيل البحث في التأليف الى ما بعد عودة رئيس الجمهورية من القمة. أما الأمر الثاني فيعود الى تقاطع في الرغبات بين لحود والحريري على ضرورة تمديد الفرصة للبحث وفي هدوء، في عملية التأليف خصوصاً بالنسبة الى البحث في أسماء المرشحين الى دخول الحكومة التي يبدو أنها ستتشكل من 24 وزيراً، وأن هناك اتفاقاً مبدئياً في هذا الشأن بين لحود والحريري الذي عرج وهو في طريقه من بعبدا الى قريطم على رئيس المجلس نبيه بري في مقره الخاص وأطلعه على نتائج اللقاء، خصوصاً أن الأخير سيعود الى رئاسة المجلس وسط إجماع نيابي ومن دون منافسة. وفي هذا السياق علمت "الحياة" أن اتصالاً هاتفياً أجري امس بين بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط الذي يتزعم اللقاء الديموقراطي النيابي 16 نائباً شددا خلاله على تجاوز الماضي لمصلحة تجديد التعاون. ويتوقع عقد لقاء بين بري وجنبلاط قبل انعقاد الجلسة النيابية، يؤكد فيه الأخير وقوفه الى جانب انتخاب بري رئيساً للمجلس لولاية نيابية ثالثة. وفي العودة الى لقاء لحود والحريري الذي استمر ساعة ونصف الساعة، قالت مصادر في قصر بعبدا إن رئيس الجمهورية عرض مع رئيس الحكومة السابق الأوضاع الراهنة في ضوء التطورات الأخيرة محلياً وإقليمياً وساد اللقاء جو من الارتياح والإيجابية. وسئل الحريري عن رأيه في اللقاء، قال إنه يتبنى حرفياً ما ورد في البيان الذي وزعته الدائرة الإعلامية في القصر الجمهوري، مبدياً ارتياحه الشديد الى الأجواء التي سادته، ومؤكداً دعمه التدابير التي اتخذتها القوة الأمنية المشتركة، ومنعت بموجبها التظاهر على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية، ولافتاً الى ضرورة هذه الخطوة. على صعيد آخر، تلقى عدد من المسؤولين السوريين في ارتياح، ما أحيطوا به من نتائج إيجابية للقاء لحود والحريري، ونقل نواب عن مسؤول سوري ان القيادة السورية تشجع دائماً الحوار القائم بينها وتعتبره خطوة على طريق تأكيدهما التعاون، رغبة منهما في تجنب التدخل في قضية تأليف الحكومة، تاركة للمعنيين امر التفاهم منعاً للدخول في أي مشكلة.