كشف وزير الاعلام في السلطة الفلسطينية ياسر عبدربه عن اقتراح اسرائيلي يهدف الى الالتفاف على مسألة السيادة الفلسطينية على الحرم القدسي في الوقت الذي يمر فيه الثالث عشر من شهر ايلول سبتمبر، الموعد المضروب لإعلان سيادة الدولة الفلسطينية، على الفلسطينيين مثله كباقي أيامهم الكثيرة، وهو يجر مشاعر الخيبة والاحباط من دون أي اشارة باتجاه تجسيد هذه السيادة ومع اتخاذ إسرائيل خطوات عدة تعزز احتلالها للأراضي الفلسطينية. وأكد عبدربه ان الفلسطينيين استمعوا الى اقتراح اسرائيلي يقضي بنقل السيادة في الحرم القدسي الشريف الى لجنة القدس الاسلامية ونقل "الولاية السيادية" إلى الدولة الفلسطينية. وأوضح خلال حديثه في برنامج "واجه الصحافة" الذي تنظمه وزارة الاعلام أن هذا الاقتراح ينص على ان تكون للدولة الفلسطينية المسؤولية الكاملة عن كل الجوانب القانونية والادارية والأمنية للحرم وبالضرورة لجميع الاماكن المقدسة الاسلامية الأخرى. وأشار إلى ان القيادة السياسية لم ترد لا بالايجاب ولا بالرفض على هذا الاقتراح. ونفى عبدربه "الأقوال غير الصحيحة" التي صدرت عن وزير الخارجية الإسرائيلي شلومو بن عامي والتي تحدث فيها عن تغيير الفلسطينيين بعض مواقفهم بخصوص القدس. وقال الوزير الفلسطيني إن الفلسطينيين يرفضون التخلي عن أي ذرة أو حجر من الحرم القدسي وان الاسرائيليين في وهم ان ظنوا اننا سنقبل بأقل من سيادة كاملة على هذا الموقع المقدس من قبل بليون مسلم. وأضاف: "ادعو الساسة العلمانيين في الحكومة الإسرائيلية إلى التوقف عن اللعب في مسألة الحرم القدسي فهذا لعب بالنار وسيقود بدلاً من عملية السلام والمصالحة إلى حرب دينية وصراع قد يدوم لأجيال". واتهم الإسرائيليين بأنهم يريدون انكار حق أكثر من بليون مسلم في مكان مقدس كان قبلتهم الأولى قبل مكةالمكرمة". وزاد: "لا صحة لما يقوله بن عامي، والموقف الفلسطيني ما زال كما كان في كامب ديفيد، وهو الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي الفلسطينية وفي الطليعة من القدس الشريف وحل قضية اللاجئين استناداً إلى قرارات الشرعية الدولية". ووصف عبدربه التصريحات التي صدرت أخيراً عن مسؤولين اسرائيليين والتي اعلنوا فيها ان "المرحلة الانتقالية انتهت وكذلك التزاماتها" بأنها "كلام خطير". وتابع قائلاً: "إذا اعلن أي طرف ان التزاماته الخاصة بالمرحلة الانتقالية انتهت فبإمكان الطرف الآخر ان يعلن ذلك... على الاسرائيليين ان يعرفوا انه توجد عليهم التزامات... ونحن لنا التزاماتنا التي تتضمن الامن... ولا يمكن لطرف ان يستمر بالتزاماته في حين لا ينفذ الطرف الآخر ما عليه". وشدد على أن تأجيل اعلان الدولة الذي اقره المجلس المركزي الفلسطيني يوم الأحد الماضي "لن يكون لوقت طويل بل لفترة قصيرة... والاطراف المعنية بعملية السلام تعرف ذلك". وأشار عبدربه الى ان اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير التي كلفها المجلس المركزي باتخاذ خطوات لتجسيد اعلان الدولة الفلسطينية وان ترفع اليه تقريراً عن ذلك في الخامس عشر من تشرين الثاني نوفمبر المقبل قد تدعو المجلس الى الانعقاد قبل هذا التاريخ. وقال: "لقد كلف المجلس المركزي اللجنة التنفيذية باتخاذ خطوات لتجسيد الدولة على الارض مثل التحضير لانتخابات محلية وعامة واعداد اعلان دستوري وعلى ان تقدم اللجنة تقريرا في منتصف شهر تشرين الثاني إلى المجلس... ولكننا قد نستدعي المجلس للانعقاد قبل هذا التاريخ اذا استدعى الوضع ذلك". وكانت مصادر صحافية إسرائيلية أشارت الى استعداد رئىس الحكومة الاسرائيلية ايهود باراك ل"البحث في السيادة الدولية على الحرم". وقالت تلك المصادر نقلاً عن مسؤولين قريبين من باراك إن الأخير لا يستبعد ايداع السيادة على الحرم بيد "هيئة مشتركة" تضم الدول الدائمة في عضوية مجلس الأمن ولجنة القدس الإسلامية. وتشمل تفاصيل هذا الاقتراح، الذي وصف بأنه "الخيط الذي يمكن ان يقود الى التوصل الى حل مع الفلسطينيين" تودع الولاية Jurisdiction بموجبه بيد الفلسطينيين ويعين الرئيس حارساً للأماكن المقدسة custodian، وستواصل اسرائيل الاحتفاظ بالسيادة على حائط المبكى وستبحث مع الفلسطينيين ومع ممثلي لجنة القدس في الترتيبات للإدارة اليومية في الموقع مثل الامن وترتيبات الصلاة لليهود وغير ذلك. وقالت مصادر اسرائيلية إن الأميركيين اتفقوا مع الاسرائيليين على ان الجهة التي ستودع الحراسة بيد عرفات تكون هيئة خارجية وليس اسرائيل. وأشارت المصادر ذاتها إلى أن الرئيس الفلسطيني رفض بشدة كل محاولة من مستشاريه للرد على اقتراحات الولاياتالمتحدة واسرائيل. ويذكر الفلسطينيون محاولات اسرائيلية قديمة سعى فيها قادة اسرائيليون الى ادخال العاهلين الاردني والمغربي الراحلين في معادلة "حل ديني اسلامي" لمدينة القدس يبعد عنها هويتها العربية الفلسطينية ويقصر المدينة المقدسة المحتلة على كيلومتر مربع يقع داخل اسوار البلدة القديمة يأخذ صبغة دينية فقط. ونفى باراك نفسه امكانية قبوله بأي سيادة على الحرم القدسي غير السيادة الاسرائيلية، وقال إن ما ورد في هذا الخصوص "تكهنات لا تستند إلى أي أساس". واضاف ان "جبل الهيكل الحرم القدسي يعتبر من الدعائم المركزية في تاريخ الشعب اليهودي والحركة الصهيوينة وبدون وجودنا هناك ستكون هوية الشعب اليهودي خالية من أي مضمون". وأعرب باراك عن تشاؤمه ازاء امكانية التوصل الى حل مع الفلسطينيين عشية وصول المبعوث الأميركي الخاص للعملية السلمية دنيس روس. وقال إن نسبة نجاح مهمة روس لا تتعدى 50 في المئة أو أقل من ذلك. وكعادته في استخدام الجزرة والعصا في تعامله مع المفاوض الفلسطيني، المح باراك إلى ان توجهه الى زعيم حزب ليكود اليميني ارييل شارون لتشكيل حكومة وحدة وطنية منوطة بالفلسطينيين. وقال: "طالما استمرت المفاوضات مع الفلسطينيين، فلن ادعو شارون للانضمام الى حكومتي". وأضاف انه اذا فشلت المفاوضات فإن من الطبيعي ان يتوجه الى حزب ليكود لتشكيل حكومة جديدة تكون أولويات جدول اعمالها الشأن الاجتماعي - المدني. وخلافاً لما أعد الفلسطينيون انفسهم له على الاقل من الناحية النفسية، لا يتوقع أن تقوم السلطة الفلسطينية في هذا اليوم بالذات باتخاذ خطوات عملية لتجسيد السيادة الفلسطينية. إلا أن مسؤولين في السلطة الفلسطينية، من بينهم وزير الاعلام عبدربه ورئيس المجلس التشريعي الفلسطيني احمد قريع ابو علاء، قالوا إن القيادة تنظر بجدية في اتخاذ بعض الخطوات التي من شأنها كسر القيود التي فرضت على الفلسطينيين في المرحلة الانتقالية. وأوضح قريع في تصريحات صحفية أن من بين هذه الخطوات امكانية مطالبة مصر والأردن بترسيم حدودهما مع فلسطين واجراء انتخابات لرئاسة الدولة الفلسطينية وبرلمانها، وتعيين حكومة جديدة تشمل في عضويتها شخصيات من الشتات واعادة النظر في الوضع التمثيلي للديبلوماسيين الفلسطينيين كتحويلهم الى سفراء ما امكن وارتداء افراد الشرطة الفلسطينية زيهم الرسمي في المناطق التي لا زالت تخضع للسيطرة الامنية الاسرائيلية والادارية الفلسطينية منطقة ب. وقال عبدربه إن الخامس عشر من تشرين الثاني نوفمبر المقبل هو الموعد الأخير الذي حدد للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير لتقدم تقريرها حول الخطوات الادارية والسياسية والقانونية من أجل تجسيد الدولة، مشيراً إلى امكانية ان يطلب المجلس المركزي الفلسطيني من اللجنة التنفيذية هذا التقرير قبل هذا التاريخ. ووجدت خيبة الأمل الفلسطينية طريقاً لها في احد رسوم الكاريكاتير في صحيفة "الأيام" الفلسطينية، إذ ظهر "ابو العبد الفلسطيني" وهو يوبخ زوجته، مشيراً إلى مولودهما الجديد، قائلاً لها "ابقي علميه شوية تأجيل".