ردت إسرائيل بقوة على قرار المجلس المركزي الفلسطيني اعلان الدولة الفلسطينية في الثالث عشر من شهر ايلول سبتمبر المقبل سواء كان ذلك من خلال تصريحات مسؤوليها السياسيين او العسكريين. وانحصرت غالبية تعقيبات المسؤولين الفلسطينيين على قرار المجلس المركزي امس في الرد على ردود الفعل الاسرائيلية تجاه القرار. وكان المجلس المركزي الفلسطيني اعلن في وقت متقدم من مساء الاثنين مساندته لخطة الرئيس ياسر عرفات لاعلان دولة فلسطينية مستقلة بحلول الثالث عشر من أيلول سبتمبر بصرف النظر عن التوصل الى اتفاق سلام نهائي مع اسرائيل. وقال المجلس في بيان اصدره في ختام يومين من الاجتماعات في غزة ان الثالث عشر من أيلول، وهو الموعد المستهدف للتوصل الى معاهدة سلام اسرائيلية - فلسطينية سيكون موعداً لإعلان دولة مستقلة. وأضاف البيان ان المجلس المركزي الفلسطيني يعلن للشعب الفلسطيني والدول العربية ودول العالم تصميمه على اعلان دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشريف مع نهاية الفترة الانتقالية التي تنتهي في الثالث عشر من ايلول 2000. وورد التهديد الاسرائيلي الاول على لسان احد "حمائم" حزب العمل الحاكم وزير العدل الاسرائيلي يوسي بيلين الذي انذر بحصار الفلسطينيين وقطع صلتهم مع العالم الخارجي اذا نفذوا قرار المجلس المركزي. وقال بيلين في مقابلة مع الاذاعة الاسرائيلية: "اذا اعلن الفلسطينيون دولة من جانب واحد، استطيع ان اقول من الان ان الدولة ستبقى حبرا على ورق، كما كانت عليه الحال بعد اعلان مماثل في 1988 في الجزائر. لا اريد اطلاق تهديدات، لكن يكفي ان لا نكون موافقين، ولن يكون لهم منفذ على العالم الخارجي ولا وضع دولي ولا امكانية للعبور من الضفة الغربية الى غزة" عبر الاراضي الاسرائيلية. وأضاف: "صحيح ان اتفاقات اوسلو كان ينبغي ان تنجز في ايار مايو 1999 لكننا بلغنا مرحلة حرجة من المفاوضات والحل الوحيد هو في مواصلة التفاوض وصولا الى اتفاق يتيح لنا في النهاية العيش في سلام". واعتبر وزير الخارجية ديفيد ليفي قرار المجلس المركزي بمثابة "انسحاب فلسطيني من المسيرة السلمية والالتزامات النابعة منها". وأوضح انه "في حال اتخاذ الفلسطينيين خطوات من جانب واحد، فإن ذلك يعني انسحابهم من المسيرة السلمية". وقال للصحافيين بعد ان شارك في جلسة للجنة الخارجية والأمن في البرلمان الاسرائيلي إن "تفوهات المسؤوليين الفلسطينيين تدق ناقوس الخطر" وان الشروط التي تضعها السلطة الفلسطينية "لا يمكن لأي حكومة اسرائيلية ان تقبل بها". ودعا ليفي، في تعبير عن حنينه لحزبه الأم ليكود، الى اقامة حكومة "وحدة وطنية" تشمل اليمين الاسرائيلي لمواجهة المرحلة المقبلة. وسارع رئيس اركان الجيش الاسرائيلي شاؤول موفاز الى لقاء رؤساء المستوطنين اليهود في الضفة الفلسطينية ملوحاً بقدرة اسرائيل العسكرية على الرد على أي خطوة فلسطينية من شأنها ان تجسد الدولة الفلسطينية على الارض. واصطحب موفاز معه الى الاجتماع قائدي "المنطقتين الوسطى والجنوبية"، اي الضفة الغربية، كي يؤكد للمستوطنين ان "ما حدث في لبنان لن يتكرر وان الجيش لن يسمح بالاعتداء على السكان الاسرائيليين في يهودا والسامرة". وأعرب المستوطنون في ختام الاجتماع عن ارتياحهم لنتائج اللقاء مشيرين الى انهم طرحوا مخاوفهم على الجنرالات العسكريين من احتمالات تنفيذ انسحابات اضافية من مزيد من اراضي الضفة الغربية "وترك المستوطنات لتخضع لسيطرة السلطة الفلسطينية". ومع ذلك قال احد المستوطنين إن الجيش ليس الجهة التي تتخذ القرارات بل الحكومة. وقرر زعماء المستوطنين دراسة امكانية استئناف المظاهرات المعادية لحكومة باراك. ومن الجانب الفلسطيني قال رئيس طاقم المفاوضات الانتقالية صائب عريقات رداً على التصريحات الإسرائيلية، إن الفلسطينيين لم يغلقوا الباب أمام المفاوضات، وهم معنيون حقاً بالسلام، وسيعطون العملية السلمية فرصة أخرى من أجل تطبيق قراري الأممالمتحدة 242 و338. وعقب رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني رئيس الطاقم الفلسطيني في المفاوضات "السرية" للحل النهائي أحمد قريع أبو علاء على أقوال بيلين، معتبراً أنها دليل على ان الموقف الإسرائيلي لم ينضج بعد "وما زال بعيداً عن أن يفهم حقائق المنطقة". أما حنان عشراوي، عضو المجلس التشريعي الفلسطيني، فقالت رداً على تهديدات باراك بضم أراضٍ في الضفة الفلسطينية، إن هذه التهديدات "فضحت العقلية الإسرائيلية العنصرية المبنية على العنف والهيمنة"، وأوضحت ان "الجانب الإسرائيلي ما يزال يعيش بذهنية الاحتلال". وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية سليمان النجاب: "إن شعبنا أكد من خلال بيان المجلس المركزي تمسكه بقرارات الشرعية الدولية التي اعتمدت أساساً لمؤتمر مدريد وعملية السلام التي انطلقت منه. لقد عبرنا عن حسنا العالي جداً بالمسؤولية تجاه عملية السلام وتأمين شروط تقدمها، غير أننا أكدنا أننا لن نسمح باستمرار الوضع الانتقالي الراهن في أن يفرض علينا حكماً ذاتياً كما هو قائم، ولن نسمح باستمرار المرحلة الانتقالية إلى ما لا نهاية". عبدالرحيم الى ذلك، رويترز قال الأمين العام للرئاسة الفلسطينية الطيب عبدالرحيم أمس إن الشعب الفلسطيني له كامل الحق طبقاً لقرارات المجلس المركزي في اعلان قيام دولته المستقلة فور انتهاء المرحلة الانتقالية في الثالث عشر من أيلول سبتمبر. وأضاف: "بعد ذلك سيكون الموعد مفتوحاً أمام القيادة الفلسطينية لاعلان تجسيد ممارسة سيادة الدولة الفلسطينية في حدود الرابع من حزيران يونيو عام 1967 حتى ما قبل نهاية العام الحالي". وزاد: "هذا يعني أننا قد نعلنها في ايلول ومن الممكن في منتصف تشرين الثاني نوفمبر الذي يصادف اعلان الاستقلال الصادر عن المجلس الوطني في دورته بالجزائر عام 1988 ولكن تحديد الموعد متروك للاطر الفلسطينية وللقيادة الفلسطينية.