سيقف ممثلون عن أسر وأقارب ضحايا طائرة شركة "مصر للطيران"، التي سقطت قبل سنة في مياه المحيط الاطلسي قبالة السواحل الشرقية الاميركية، غداً بالقرب من مكان وقوع الحادث في "نيوبورت" في ولاية رود ايلاند أمام نصب تذكاري من الغرانيت اقيم لاحياء ذكرى الضحايا ال 217. ولا تزال أسر الضحايا تأمل في إعلان نهائي للأسباب الحقيقية للكارثة بعدما تحولت الحادثة كرة تتقاذفها الأطراف المعنية بها كل حسب مصالحه. ولم تعرف مصر قبل حادثة البوينغ 767 مثل هذا النوع من كوارث الطائرات على رغم أن المصريين يتوقعون كوارث خلال شهري تشرين الاول اكتوبر وتشرين الثاني نوفمبر من كل عام. ولكن كوارث الطائرات لم تكن بين ما يتوقعونه فخبراتهم مع كوارث الشهرين جعلتهم يترقبون زلزالاً يهز منازلهم ويسقط بعض جدرانها، أو قطاراً يخرج عن قضبانه ليسحق أجساد مواطنين كانوا يسيرون في طريق موازٍ له، أو بناية تنهار فجأة بفعل الإهمال والفساد لتطحن اسراً لم تكن تدري ما يخبئه القدر لها، أو هجوماً ضد سفارة للبلاد في الخارج يدك جوانبها كما حدث عام 1995 عندما فجرت السفارة المصرية في باكستان، أو صاعقة كهربية تصيب أطفالاً يمرحون في حوض السباحة في ناد أو فندق تغاضى مسؤولوه عن اتباع اجراءات الامن والسلامة. بدت كارثة الطائرة غريبة على المصريين وزاد من تأثيرها عليهم ذلك الجدل الذي ثار في الأيام والشهور التالية حول أسبابها، ثم رصدهم محاولات اميركية لإلصاق تهمة التسبب بسقوط الطائرة لأي جهة أو أي شخص مصري، حتى كادت القضية تتحول معركة سياسية بين مصر واميركا. إذ سارعت وسائل الاعلام الاميركية الى نشر معلومات سربت لها عن تورط أحد أفراد الطاقم في اسقاط الطائرة إهمالاً في البداية، ثم عمداً في مرحلة لاحقة. وقبل أن تركز النظرية الاميركية على مساعد قائد الطائرة جميل البطوطي، كانت وسائل الاعلام تداولت اسماء بقية أفراد الطاقم باعتبارهم المتسببين حتى أستقرت عند البطوطي ونسجت خيوطاً حوله تضمنت تاريخه وعلاقاته ونشاطاته السابقة وكل الملابسات التي يمكن ان تفسر بأنها أسباب لاقدامه على اسقاط الطائرة عمداً. وفي المقابل التزمت الدوائر الرسمية المصرية الصمت حول ما يجري في الغرف المغلقة ولم تلجأ الى تسريب أي معلومات حول مجريات التحقيق. لكن وسائل الاعلام المصرية اجتهدت في الدفاع عن البطوطي وشنت حملات ضد كل الاطراف الاميركية ذات الصلة بالقضية أو المشاركة في التحقيقات، وترسخت لدى المصريين نظرية تقوم على أن الإدارة الاميركية لن تسمح بنتائج تتسبب بضرر لأي جهة اميركية، وان اتهام البطوطي جاء لتبرئة "بوينغ" او المطارات الاميركية او لنفي شبهة اصابة الطائرة بصاروخ أطلق عليها بطريق الخطأ من قاعدة عسكرية اميركية قريبة من المسار الذي مرت عليه الطائرة. وانتظر المصريون كثيراً إعلاناً أميركياً رسمياً يبرّئ البطوطي و"مصر للطيران" لكنه لم يأتَ. وحين نظم الاميركيون مؤتمراً لإعلان "تقرير حقائق" حول المعلومات عن الطائرة بما فيها نص الحديث الذي دار داخل قمرة القيادة قبل سقوط الطائرة، فوجئ المصريون بتقرير آخر تضمن ادعاءات عن سلوك البطوطي في أحد الفنادق الاميركية ما جعلهم يستنكرون العبث بتاريخ الرجل ويطلبون تفسيراً اميركياً لأسباب وجود التقرير على رغم ان لا علاقة له بالحادثة، ووفقاً لما تم الاتفاق عليه بين الطرفين فإن الشهر المقبل هو الموعد النهائي الذي سيتم خلاله الاعلان رسمياً عن الأسباب الحقيقية للكارثة. لكن الهواجس والشكوك تسيطر على الأوساط المصرية الرسمية والشعبية في أن مواقف "الصديق" الاميركي تأتي دائماً تأتي غير صالح اصدقائه اذا كانوا من العرب.