رسمياً.. البرازيل تنضم إلى «أوبك+»    جائزة صناع المحتوى لنجلاء جان    انطلاق معسكر "مستقبل الإعلام في الذكاء الاصطناعي التوليدي"    بالإجماع.. السعودية رئيساً لمجلس عموم منظمة التجارة العالمية    محافظ الطائف يطَّلع على برامج وأنشطة يوم التأسيس بالمدارس    استدامة العطاء بصندوق إحسان    سالم الدوسري في صدارة هدافي «نخبة آسيا»    هاري كين يحصل على راحة من تدريبات بايرن ميونخ بسبب الإصابة    اكتمال وصول المنتخبات المشاركة في كأس الخليج للقدامي    هل لا يزال السفر الجوي آمنا.. الأمريكيون يفقدون بعض الثقة    فرنسا تدعو إسرائيل إلى الانسحاب الكامل من جنوب لبنان    السيسي يطالب المجتمع الدولي بتبني خطة إعادة إعمار غزة    أمير المدينة يلتقي أهالي محافظة وادي الفرع ومديري الإدارات الحكومية    فيلا الحجر تختتم أول برنامج للتبادل الجامعي في مجال الهندسة المعمارية بين المملكة وفرنسا    اللجنة الوطنية للجان العمالية تزور منطقة حائل    نائب وزير البيئة: لدينا بيئة تشريعية واستثمارية يعزز الجاذبية الاقتصادية للقطاع الزراعي بالأحساء    نيابة عن أمير منطقة الرياض.. نائب أمير المنطقة يرعى حفل الزواج الجماعي لجمعية "كفيف"    أمير المدينة يرأس الاجتماع المحلي لمحافظة وادي الفرع    16 مليار ريال مساهمة قطاع الإعلام في الناتج المحلي لعام 2024    6 روايات تتأهل للقائمة القصير لجائزة «البوكر»    بوتين: سأتحدّث إلى ولي العهد لأشكره شخصياً على إنجاح المحادثات    على نفقة الملك.. تفطير أكثر من مليون صائم في 61 دولة    عبدالعزيز بن سعود يعقد جلسة مباحثات رسمية مع وزير الداخلية الأردني    محافظ سراة عبيدة يشهد احتفال التعليم بيوم التأسيس    «اربطوا الأحزمة».. «رامز إيلون مصر» يمقلب مرموش وهنيدي وفيفي وزيزو ضيوف    أمانة الطائف تطلق مبادرة "دكاني أجمل" بسوق البلد    أمين القصيم يستقبل الجويبري    رئيس جامعة أم القرى يستقبل القنصل الأمريكي لبحث التعاون الأكاديمي والبحثي    السعودية تجدد دعوتها لإصلاح مجلس الأمن ليكون أكثر عدالةً في تمثيل الواقع الحالي    محافظ صامطة يدشن الحملة الوطنية المحدودة للتطعيم ضد شلل الأطفال    جامعة أم القرى تطلق برنامجًا تأهيليًا لتهيئة المتطوعين في شهر رمضان    مؤتمر بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية في مكة المكرمة    "فلكية جدة": بعد منتصف الليل.. قمر شعبان في تربيعه الأخير    وزير الصحة المقدوني: وثيقة مكة نموذج عالمي للتسامح والتعايش    النصر يتصدر نخبة سيدات كرة الطائرة    هطول أمطار رعدية وجريان السيول على عدة مناطق    الدرعية.. صانعة السلام العالمي    التعاون أمام عقبة «الوكرة»    مواليد 2030 يُعمرّون حتى 100 عام    أمير جازان يستقبل الفريق الاستشاري بمعهد الادارة العامة    في ختام الجولة 22 من "يلو" .. نيوم يخشى توهج النجمة.. والطائي يطمع في نقاط أحد    بتوجيه من سمو ولي العهد.. استضافة محادثات بين روسيا وأمريكا.. مملكة الأمن والسلام العالمي    نقل تحيات القيادة الرشيدة للمشاركين في المؤتمر العالمي لسلامة الطرق.. وزير الداخلية: السعودية حريصة على تحسين السلامة المرورية بتدابير متقدمة    دخول آليات وبيوت المتنقلة عبر رفح.. جولة جديدة لتبادل الأسرى بين الاحتلال وحماس    ( 3-1) السعودية محط أنظار العالم    "فضيلة مفوض الإفتاء بمنطقة حائل": يلقي محاضرة بعنوان"أثر القرآن الكريم في تحقيق الأمن والإيمان"    46 مليار ريال حجم التبادل التجاري.. وزير الطاقة: نقل الخبرات السعودية في كفاءة الطاقة إلى مصر    في إياب ملحق دوري أبطال أوروبا.. مهمة مستحيلة ل"سيتي" أمام الريال.. ويوفنتوس يخشى مفاجآت آيندهوفن    سماعات الرأس تزيد الاضطرابات العصبية    الإمارة و«ملكية الرياض» تنظمان فعالية يوم التأسيس    "التواصل الحضاري" ينظم ملتقى "يوم بدينا"    أمير الرياض يتسلم تقرير جامعة المجمعة.. ويُعزي السليم    سعود بن خالد الفيصل كفاءة القيادة وقامة الاخلاق    «قصر الدرعية» رمز تاريخي وشاهد سلام عالمي    طبية الملك سعود تختتم «المؤتمر الدولي السابع للأورام»    محافظ محايل يتفقد مشروع مستشفى الحياة الوطني بالمحافظة    ما أشد أنواع الألم البشري قسوة ؟    توقيع اتفاقية إنشاء مشروع Nexus الغدير التجاري الفندقي المكتبي بقيمة تتجاوز المليار ريال في معرض ريستاتكس 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخدعة الكبرى بشأن الهجرة
نشر في الحياة يوم 12 - 08 - 2000

ثمة اشياء غريبة ومزعجة تجري في اوروبا: مشكلة الهجرة غير الشرعية - بما تنطوي عليه من مخاطر وازهاق ارواح مأسوي وتجارة اجرامية بالبشر عبر الحدود - تحتل العناوين الرئيسية وتستقطب اهتمام الجمهور.
لا يكاد يمر يوم من دون ان تكون هناك رواية فظيعة في الصحافة. وقضى غرقاً حتى الآن هذا العام اكثر من 200 شخص، معظمهم مغاربة، وهم يحاولون الوصول الى الشاطىء الاسباني عبر مياه مضيق جبل الطارق الضيقة ولكن الغادرة. انها رحلة خطرة، اذ يمكن لموجة ان تقلب القوارب لصغيرة التي يبحرون على متنها.
في حزيران يونيو الماضي توفي 58 من الشباب الصينيين اختناقاً داخل حاوية تقلها شاحنة في مرفأ دوفر بينما كانوا يحاولون دخول بريطانيا بشكل غير شرعي. كانت هناك حادثة اخرى في 29 تموز يوليو عندما وصلت شاحنة تحمل 28 مهاجراًَ غير شرعي، يعتقد انهم هنود، على متن عبارة الى مرفأ دوفر، ثم رفض سائقها التوقف فتعقبتها الشرطة البريطانية بسرعة كبيرة واستمرت المطاردة لمدة ساعة.
في تموز ايضاً، ضبطت السلطات في جنوب ايطاليا زورقاً يحمل 500 من المهاجرين غير الشرعيين الاتراك، معظمهم اكراد، وكانوا في وضع صحي سيىء ويعانون الجوع والعطش بعد رحلة بحرية مريعة.
اثارت هذه الحوادث المروعة مخاوف من ان اوروبا الغربية مهددة بطوفان من ألوف، إن لم يكن ملايين، البشر المعدمين، المتضورين جوعاً، من الشرق الاوسط وشمال افريقيا والهند والصين، الذين يتوقون لدخول قارة اوروبا الغنية وحسنة التنظيم، حتى بتعريض حياتهم الى الخطر. ان "اوروبا الحصن" محاصرة!
ردود افعال اليمين
غذت هذه المخاوف تنامي احزاب اليمين في بلدان اوروبية عدة، واطلقت موجة من الحوادث العنصرية، خصوصاً في المانيا حيث يعتبر ما يقرب من 9 في المئة من السكان - حوالي 5،7 مليون شخص - "اجانب".
في 6 آب اغسطس، في غارا في شرق المانيا، اعتدى خمسة شبان من النازيين الجدد على باكستانيين واشبعوهما ضرباً. وفي 27 تموز، في دوسلدورف، تعرض عشرة مهاجرين من الاتحاد السوفياتي السابق لاعتداء واصيبوا بجروح على ايدي شبان يمينيين. وقبل ذلك ببضعة ايام، دهمت السلطات منزل شرطي في بوتسدام، قرب برلين، بعدما اتضح انه مصدر اتصالات هاتفية بأجانب تضمنت تهديدات عنصرية. وعثر مسؤولون على اسلحة وذخيرة ومواد اعلامية مناهضة للمهاجرين في شقته.
ولم تكن هذه الحوادث سوى الاخيرة من نوعها. فقد قتل في المانيا خلال العقد الاخير اكثر من 100 شخص في اعتداءات بدافع كره الاجانب.
ويشجب معظم الالمان ويدينون اعمال العنف التي تنفذها قوى يمينية. لكن كثيرين يقلقهم العدد الكبير من الاجانب في بلدهم، بشكل خاص الاتراك. وهم يشعرون بالخوف ازاء التعددية الثقافية، وبخوف اكبر من التعددية العرقية.
من الذي يتحمل المسؤولية؟ ما هي حقيقة الوضع؟ هل يتعرض "نمط الحياة" الاوروبي الغربي فعلاً الى تهديد من هجرة غير شرعية ضخمة من الجنوب؟ ما هي مسؤولية بلدان الشرق الاوسط وشمال افريقيا؟ وماذا ينبغي لاوروبا ان تفعل بشأنها؟
وتسعى فرنسا، التي تتولى رئاسة الاتحاد الاوروبي للشهور الستة المقبلة، لصوغ سياسة مشتركة بشأن الهجرة مع شركائها الاوروبيين. وعقد وزراء الداخلية والعدل الاوروبيون اجتماعاً في مارسيليا في الفترة 28 الى 29 تموز الماضي لمناقشة المسألة بشكل غير رسمي والسعي الى الاتفاق على مبادىء عامة لخطوات في المستقبل.
الحكومات الاوروبية يجب ان تقول الحقيقة
الشيىء الاول الذي ينبغي ان يُقال هو ان الحكومات الاوروبية لا تقول لجمهورها الحقيقة. وبسبب خوفها من الاحزاب اليمينية اعلن معظم الحكومات الاوروبية انه سيضع حداً للهجرة كلها، او على الاقل سيفرض قيوداً مشددة لقصرها على طالبي اللجوء الصادقين وحالات لم شمل العائلات.
لكن هذه سياسة مفلسة تشجع في الواقع الهجرة غير الشرعية. في السبعينات ومطلع الثمانينات، عندما كانت اوروبا تعاني الركود الاقتصادي وعندما كانت معدلات البطالة عالية، بدا ان الهجرة تشكل تهديداً حقيقياً.
وبدا لكثيرين في اوروبا كما لو ان الاتراك والمغاربة والجزائريين والتونسيين والمصريين وغيرهم ينتزعون الوظائف من العمال الاوروبيين.
لكن الوضع في الوقت الحاضر مختلف تماماً. فالاقتصادات الاوروبية في حال ازدهار. وهناك شحة في قوة العمل. في الواقع، توجد وظائف كثيرة لا تحتاج الى مهارة او تقتضي مهارة متوسطة لم يعد الاوروبيون يريدون القيام بها. بمعنى آخر، تحتاج اوروبا الى المهاجرين بأعداد كبيرة - لكن أي حكومة لا تجرؤ على الجهر بذلك!
بدلاً من ذلك، تلجأ الحكومات الاوروبية، في مسايرة للرأي العام ومشاعر العداء للاجانب، الى تقييد الهجرة مما دفعها للانتقال الى السرية واصبحت غير شرعية. ونشأت شبكات اجرامية على نمط المافيا تقوم بابتزاز المال من اشخاص صادقين تماماً يريدون القدوم الى اوروبا للعمل، واوروبا بحاجة اليهم.
في معظم البلدان الاوروبية يتزايد عدد المهاجرين غير الشرعيين. واعتقلت السلطات في اقليم اندلوسيا خلال الاشهر الستة الماضية 7 آلاف مهاجر غير شرعي من شمال افريقيا، اجتاز معظمهم مياه مضيق جبل طارق العاصفة ليلاً.
ويقدر عدد المهاجرين غير الشرعيين في اسبانيا حالياً ب 250 الف شخص، ويبلغ عددهم حوالي 180 الفاً في ايطاليا، و120 الفاً في بريطانيا. وأثار وصول هؤلاء "غير الشرعيين" جدلاً كبيراً في كل بلد اوروبي تقريباً. هل ينبغي ان يحتجزوا في معسكرات احتجاز؟ هل يحق لهم التمتع بمساعدات اجتماعية؟ هل يشكلون خطراً؟ كيف يمكن تمييز طالبي اللجوء الصادقين، الذين فروا هرباً من الاضطهاد او من انظمة دكتاتورية، عن المهاجرين "الزائفين" لدوافع اقتصادية؟ هل تنبغي إعادتهم جميعاً الى بلدانهم؟
ما هو سبب الهجرة؟
هناك ثلاثة اسباب رئيسية وراء دفق الهجرة الى اوروبا:
الاول هو الفجوة الهائلة في المداخيل بين اوروبا والعالم الثالث. فمتوسط دخل الفرد في اوروبا يعادل حوالي عشرة اضعاف متوسط دخل الفرد في بلدان جنوب المتوسط - والفجوة تتسع. وهكذا، فإن اوروبا تمثل بالنسبة الى كثيرين في الجنوب المكان لجمع المال وارساله الى عائلاتهم.
السبب الثاني هو الضغوط الناجمة عن الديموغرافيا والبطالة في جنوب المتوسط وفي مناطق اخرى كثيرة من العالم الثالث. وعلى رغم ان معدلان النمو السكاني تتراجع في الوقت الحاضر، فإن عدد السكان في معظم البلدان جنوب المتوسط كان حتي وقت قريب يرتفع بنسبة تراوح بين 3،2 و 6،3 في المئة، ما يعني ان عدد السكان تضاعف خلال 25 سنة.
واكثر من 60 في المئة من السكان في هذه البلدان اعمارهم الآن اقل من 25 سنة، فيما يراوح معدل البطالة من 15 الى 30 في المئة من اليد العاملة. في مصر، على سبيل المثال، يقدر ان 39 في المئة من كل افراد الفئة العمرية 20 - 25 سنة يعانون البطالة.
ولا بد ان اوروبا تبدو بالنسبة لكثيرين من هؤلاء، اذا كانت لديهم القدرة على السفر، موطن ثروة اسطورية حيث الطرق مبلطة بالذهب.
السبب الثالث للهجرة ذو صلة بجذور سياسية: اناس يفرون من مذابح وحروب وانظمة قمعية وانعدام الأمان، في سييراليون، وفي افريقيا الوسطى، وفي الجزائر وبلدان اخرى كثيرة.
ماذا ينبغي للحكومات الاوروبية ان تفعل اذاً؟
الشيىء الاول الذي يتعيّن عليها ان تفعله هو ان تبلغ مواطنيها بصدق ان الهجرة ليست تهديداً بل نعمة. وتنبأ تقرير للامم المتحدة نشر في آذار مارس 2000 انه اخذاً بالاعتبار ارتفاع اعمار سكان اوروبا وانخفاض معدلات النمو السكاني، فإن اوروبا ستحتاج عشرات ملايين المهاجرين بحلول 2050: 5،47 مليون حسب ادنى التقديرات و 159 مليون حسب اعلى التقديرات.
ولا يمكن الاّ لهجرة ضخمة على هذا المستوى على مدى نصف قرن مقبل ان تؤمّن الموازنة المطلوبة بان يكون هناك خمسة عمال ناشطين مقابل كل متقاعد مسن.
الهجرة يجب ان تُجاز
بمعنى آخر، ان السبيل لحل مشاكل الهجرة غير الشرعية وفظاعاتها هو جعل الهجرة شرعية، بانشاء نظام حصص اذا اقتضى الامر.
ينبغي ان تتخذ خطوات لجعل وضع المهاجرين الشرعيين الذين يأتون للعمل متمشياً مع القانون. ويجب ان يُدمجوا بشكل كامل في المجتمع الاوروبي. وبين الاقتراحات التي تدرس حالياً ان يزوّد مثل هؤلاء المهاجرين بتصاريح اقامة بعيدة المدى تكون سارية المفعول في ارجاء الاتحاد الاوروبي.
لكن الحكومات ستسعى في الوقت نفسه الى فرض عقوبات اشد على المتورطين بتجارة التهريب غير المشروع للبشر - على اولئك الذين ينقلون ويشجعون ادخال المهاجرين غير الشرعيين الى اوروبا. والارجح ان الحكومات الاوروبية ستصبح اكثر قسوة في إعادة المهاجرين غير الشرعيين الى بلدانهم الاصلية.
وبهدف تحقيق انطلاقة جديدة بهذا الاتجاه. عرضت الحكومة الاسبانية هذا العام منح تصاريح اقامة لكل المهاجرين الذين يمكن ان يثبتوا انهم كانوا يعيشون في اسبانيا لمدة لا تقل عن سنتين قبل 31 تموز يوليو 2000. ودهشت السلطات عندما قدم 224 الف و 959 شخصاً طلبات للحصول على اوراق اقامة، وكان المغاربة يؤلفون 3،32 في المئة منهم.
لكن حالما يتم بت هذه الطلبات - وقد يتطلب هذا بضعة اشهر - ستصبح الهجرة غير الشرعية الى اسبانيا اكثر صعوبة بكثير وستواجه قيوداً وغرامات اكثر.
وفي 1995، عندما كانت اسبانيا تتولى رئاسة الاتحاد الاوروبي، اُطلقت مبادرة مشتركة كبيرة من قبل الدول الاعضاء ال 15 في الاتحاد وعشرة شركاء محتملين في جنوب المتوسط. وعرفت هذه المبادرة ب "الشراكة الاوروبية المتوسطية"، او بتسمية اكثر بساطة "عملية برشلونة". وانضم الى "الشراكة" حتى الآن المغرب وتونس والاردن والسلطة الفلسطينية، وتجري مفاوضات حالياً مع سورية ولبنان ومصر الجزائر. وتتهيأ ليبيا للانضمام اليها، فيما ترتبط اسرائيل وتركيا بالفعل باتفاقات تتعلق بالتجارة الحرة والوحدة الجمركية مع الاتحاد الاوروبي.
وكانت الاهداف المعلنة ل "عملية برشلونة" هي:
انشاء منطقة سلام واستقرار.
انشاء منطقة رخاء مشترك عبر العمل بشكل تدريجي لاقامة منطقة للتجارة الحرة بحلول 2010.
التقريب بين شعوب حوض المتوسط عبر شراكة اجتماعية وثقافية وانسانية.
لكن من الواضح اليوم، بعد خمس سنوات على اطلاق "عملية برشلونة"، ان هذه الاهداف الطموحة التي اُعلن عنها بقوة لم تتحقق. وقد يرجع السبب الى انها لم تكن الاهداف الحقيقية للاوروبيين.
في 1995، رعى الاوروبيون "الشراكة الاوروبية المتوسطية" لسببين لم يُفصح عنهما:
الحؤول دون ان تمتد الى اوروبا اعمال العنف وعدم الاستقرار من الحرب الاهلية في الجزائر ومن النزاع العربي الاسرائيلي.
وقف تدفق المهاجرين الى اوروبا بتحفيز التنمية الاقتصادية في الشرق الاوسط وشمال افريقيا.
ولم يعد هذان الهدفان واقعيين او يكتسبان اهمية.
ما يتعين القيام به
يكمن لب المشكلة في ان احتياجات المنطقة الى الرساميل ضخمة. ففي قطاع الطاقة، يقدر الاتحاد الاوروبي ان الشرق الاوسط وشمال افريقيا - وخصوصاً الجزائر وتركيا ومصر - سيحتاجان الى استثمارات قيمتها 200 بليون يورو على امتداد السنوات العشر المقبلة.
وفي قطاع المياه، ستكون هناك حاجة ل 40 بليون يورو. كما توجد حاجة لاستثمارات هائلة في النقل العام والسياحة.
وفي البنية التحتية لقطاع الاتصالات الهاتفية - الضروري لتطوير مجتمع "معرفة" حديث - توجداحتياجات ضخمة للرساميل. لدى المغرب، على سبيل المثال، اجهزة هاتف اقل 14 مرة بالمقارنة مع السويد، واجهزة كومبيوتر شخصية اقل 125 مرة، واجهزة استقبال للانترنت اقل 1755 مرة. والاوضاع اكثر سوءً في بلدان اخرى في الشرق الاوسط وشمال افريقيا.
توجد ثلاث مجموعات من السياسات التي ينبغي ان تنفذ على كلا جانبي حوض المتوسط:
1- تحتاج الحكومات الاوروبية الى تبني سياسة مشتركة ومتماسكة على صعيد الهجرة، تتعامل مع الاحتياجات الفعلية لاقتصاداتها ومن شأنها ان تضع حداً للهجرة غي الشرعية والانتهاكات الناجمة عنها.
2- تحتاج الحكومات في كل بلد في الشرق الاوسط وشمال افريقيا الى انشاء بيئة اقتصادية وسياسية مؤاتية للمستثمرين. ويعني هذا التزاماً باقتصاد السوق، وبرفع القيود، والخصخصة، والشفافية، وحقوق الانسان، وحكم القانون وحرية الصحافة. ان عالم الاعمال الاوروبي يملك الخبرة والنفوذ المالي لتوفير الاستثمارات المطلوبة. لكنه لن يتحرك الاّ اذا كان الاطار السياسي والقانوني مؤاتياً للمستثمرين ويوفر اجواء استقرار تعزز الثقة بالمستقبل.
3- يتعيّن على الشرق الاوسط وشمال افريقيا ان يمضيان قدماً في التكامل الاقتصادي الاقليمي من اجل تشكيل سوق كبيرة بما فيه الكفاية لاجتذاب الاستثمار الاجنبي.
لقد وضعت "عملية برشلونة" كهدف لها انشاء "منطقة للتجارة الحرة" بحلول العام 2010، لكنها افردت 12 سنة اخرى، الى العام 2022، لانجاز المهمة. وهذا بطىء اكثر مما يجب. فالعالم لن ينتظر 20 سنة اخرى كي يشارك الشرق الاوسط وشمال افريقيا في الاقتصاد العالمي. هذا هو التحدي الحقيقي الذي يواجهه الشرق الاوسط وشمال افريقيا في الوقت الحاضر.
* كاتب بريطاني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.