سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
اوروبا تحاول تطويق الهجرة غير الشرعية ودول المتوسط تطالبها بالمساعدة في تسوية أزمة البطالة دول الاتحاد تسعى الى شراكة حقيقية وفاعلة مع بلدان المتوسط وافريقيا السوداء
تسعى دول الاتحاد الاوروبي هذه الايام الى ايجاد شراكة حقيقية وفاعلة مع دول المتوسط الجنوبية ودول افريقيا السوداء لمواجهة ظاهرة الهجرة غير الشرعية. وقد برزت في الايام الأخيرة بعض اوجه هذه الظاهرة المأساوية من خلال مقتل ما يزيد عن عشرة افارقة من اولئك الذين يرغبون في الدخول خلسة الي اوربا عبر جيبي سبتة ومليلية المغربيين الخاضعين للحكم الاسباني. وقالت السلطات المغربية ان اعوان الامن المغاربة اضطروا الى اطلاق النار على المجموعات التي تسعى الى التسلل عبر اراضيها الى اوروبا لا سيما عندما يجد هؤلاء الاعوان المغاربة انفسهم في حالة خطر. وفي سياق هذه المساعي اتفقت الحكومتان المغربية والاسبانية الاسبوع الماضي على اعادة تنشيط اتفاقية ثنائية كانت قد ابرمت بينهما عام 1992 وتهدف الى اعادة المهاجرين غير الشرعيين المقيمين في اسبانيا الى المغرب اذا ثبت انهم تسللوا الى اسبانيا عبر الأراضي المغربية بمن فيهم غير المغاربة - وكانت السلطات المغربية تأخذ منذ سنوات عديدة اسبانيا ودول الاتحاد الاوروبي الجنوبية مساعدتها على التصدي لظاهرة الهجرة غير الشرعية القادمة الى اوروبا عبر المغرب. ولكنها لم تجد اذاناً صاغية من قبل فجاءت احداث سبتة ومليلية الأخيرة لتؤكد للاسبان صواب الطرح المغربي. من جهة أخرى تأخذ السلطات المغربية على الاتحاد الاوروبي عدم ابرام اتفاقيات مماثلة في هذا الشأن مع بلدان المغرب العربي الأخرى ولا سيما مع الجزائر وتقول السلطات الفرنسية ان الزيارة التي قام بها نيكولا سركوزي وزير الداخلية الفرنسي يوم الخميس الماضي الى ليبيا هي خطوة ايجابية لتعزيز التعاون بين بلدان المتوسط الشمالية من جهة وبلدان المتوسط الجنوبية من جهة اخرى للحيلولة دون تفاقم هذه الظاهرة والحقيقة ان اتفاقاً ليبياً ايطالياً كان قد ابرم في هذا الشأن بيد أنه لم يفعل بما فيه الكفاية وظلت السواحل الليبية الممتدة على طول الف وسبع مائة كيلومتر ممراً اساسياً من ممرات الهجرة السرية او غير الشريعة من افريقيا وآسيا الى اوروبا. وقد استقبل العقيد معمر القذافي بنفسه وزير الداخلية الفرنسي وبدا متفهماً لمخاوف الاوروبيين من ان تروج سوق الهجرة غير الشرعية الى اوروبا عبر بلدان المغرب العربي. واكد الوزير الفرنسي ان فرنسا مستعدة لمساعدة ليبيا على تكوين محققين متخصصين في التصدي للهجرة غير الشرعية ولشبكاتها. والواقع ان جانب التكوين اصبح ضرورياً وعاملاً اساسياً من عوامل استراتيجية ناجحة لمقاومة الهجرة غير الشرعية لأسباب كثيرة منها ان شبكات المافيا العالمية والاقليمية والمحلية اصبحت اليوم تكسب من وراء قنوات الهجرة غير الشرعية الى بلدان الشمال مئات الملايين من الدولارات. وصحيح ان الراغبين في الهجرة من بلدان افريقيا السوداء ومن آسيا الى الغرب وبخاصة الى القارة الاوروبية اصبحوا يدفعون الى شبكات الهجرة غير الشرعية اموالاً هي احيانا كل ما ادخروه طوال حياتهم حتى تساعدهم على الهجرة من الجنوب الى الشمال. وكان هذا الموضوع احد المواضيع الاساسية التي طرحت في اعمال المنتدى المتوسطي خلال اجتماعه الأخير في بلدة الحمامات التونسية. ويضم المنتدى احد عشر بلداً من بلدان المتوسط الشمالية والجنوبية. وقد شارك في اعمال المنتدى الأخير الذي انعقد من الثلاثين سبتمبر الماضي الى الثاني من اكتوبر الجاري وزراء خارجية البلدان الاعضاء في هذا التجمع. وقد طالب عبدالوهاب عبدالله وزير الخارجية التونسي نظراءه الاوروبيين بضرورة مساعدة بلدان الجنوب بشكل فاعل وناجح على تطويق ازمة البطالة للحد من الهجرة غير الشرعية واتفق الوزراء على ان يكون الموضوع احد المواضيع الهامة التي ستطرح على رؤساء الدول والحكومات الاوروبية والمتوسطية الجنوبية خلال قمة ستعقد بين السابع والعشرين والتاسع والعشرين من شهر نوفمبر القادم في مدينة «برشلونة» الاسبانية بمناسبة مرور عشر سنوات على اطلاق الشراكة الاوروبية المتوسطية. 450 مليار دولار وتجدر الاشارة الى ان المساعي الاوروبية الحالية لمحاولة تطويق ظاهرة الهجرة غير الشرعية تأتي في الوقت الذي كشفت فيه منظمة الاممالمتحدة عن تقرير حول دينامية الهجرة الشرعية وغير الشرعية في العالم ومن نتائج هذا التقرير ان عدد الاشخاص الذين يهاجرون من بلدانهم الاصلية في العالم الى بلدان اخرى بحثاً عن العمل يقارب مليونين ونصف ميلون شخص كل عام وان خمسمائة الف منهم يهاجرون الى اوروبا. واما الهجرة الشرعية فإن منظمة الاممالمتحدة تعتبرها ظاهرة ايجابية جداً لانها تساعد على تقريب الحضارات والثقافات بعضها بالبعض الآخر. كما يؤكد التقرير في هذا الشأن ان الاموال التي ارسلها المهاجرون الى بلدانهم الاصلية العام الماضي بلغت اربع مائة وخمسين مليار دولار اي ثلاثة اضعاف المبلغ الذي تخصصه البلدان الصناعية لمساعدة البلدان النامية كل عام. وتأتي الاموال التي يرسلها المهاجرون الشرعيون الى بلدانهم الاصلية اساساً من الولاياتالمتحدة والمملكة العربية السعودية وبلجيكا وألمانيا وسويسرا.