تعرضت مقديشو عاصمة الصومال لدمار شامل بعد انهيار الحكومة المركزية الصومالية في 26/1/1991 واستيلاء المسلحين التابعين لحزب المؤتمر الصومالي الموحد USC على كل مرافق وأجهزة الدولة الصومالية. وجرى ارتكاب مختلف أنواع الجرائم والتجاوزات ضد المواطنين الصوماليين الذين ينتمون الى العشائر الأخرى غير عشيرة الهوية الممثلة بحزب المؤتمر الصومالي الموحد الذي استولى على مقاليد الأمور في العاصمة. ولم تنج إدارة حكومية واحدة ولا بيت واحد في مقديشو من النهب والسلب. تعرضت مقديشو للدمار الشامل نتيجة للمعارك على السلطة التي احتدمت بين جناحي حزب المؤتمر الموحد بقيادة كل من الجنرال عيديد الراحل وعلي مهدي. وكان الأخير اختير رئيساً لجمهورية الصومال في مؤتمر المصالحة الذي عقد في جيبوتي في عام 1991 غير أن الجنرال عيديد رفض الاعتراف به كرئيس. واندلعت المعارك والقصف المتبادل بين الجناحين أسفر عن تدمير كامل للعاصمة وحولها الى أطلال وأنقاض وخرائب ليس إلا. إن لدى غالبية الصوماليين ذكريات مريرة في مقديشو. فهناك من فقد ممتلكاته وهناك من فقد أقاربه، وهناك من أصيب بعاهة أو إعاقة دائمة. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الحرب الأهلية تركت بصماتها على كل الصوماليين الذين كانوا مقيمين في مقديشو قبل اندلاع الاقتتال وبعده. لحقت أضرار فادحة بمقديشو، وهي مليئة حالياً بمقابر وجثث وهياكل وأشلاء بشرية وجبال من القمامة والنفايات منتشرة في كل مكان. وعلاوة على ذلك، فإن الطواغيت الذين أوقعوا العداوة والبغضاء بين الصوماليين لا يزالون قابعين فيها، كما أن جماعات العنف وسفك الدماء وقطّاع الطرق والخوارج لا يزالون موجودين فيها ويتربصون بالناس الدوائر. فإذا تم اعتماد مقديشو عاصمة للصومال، فسوف يكون من الصعب جداً تهيئة الشعب والرأي العام الصومالي للسلام ونقله من مرحلة الاقتتال الى مرحلة التعايش السلمي. وسيحتدم الصراع من جديد بين العائدين وبين أتباع حزب المؤتمر الموحد الذين يسيطرون على شطري مقديشو حالياً. إن الصوماليين لن يقبلوا أن تكون مقديشو عاصمة قومية مرة أخرى لكي لا يصيبهم ما أصابهم من قبل وحتى لا يكونوا تحت رحمة حزب المؤتمر مستقبلاً. وبالنظر الى أن الأسباب التي أخرجت المواطنين من منازلهم في مقديشو لا تزال قائمة، وحيث أن إعادة بناء وإعمار وإصلاح ما أفسدته الحرب في مقديشو قد يستغرق وقتاً طويلاً جداً، فلا مفر من اتخاذ مدينة أخرى عاصمة للصومال على أن يتم الاتفاق عليها بين سكان المحافظات الثماني عشرة التي تتكون منها جمهورية الصومال. محمد علي داد- صومالي مقيم في جدة.