جاء إعلان تأسيس حزب جديد باسم "الاتحاد الجمهوري" في مقديشو اخيراً ليعزز تحالف مجموعة "المحاكم الاسلامية الموحدة" التي نشأت حديثاً، كما زاد من عزلة الزعامات التقليدية المتمثلة برئيس "المؤتمر الصومالي الموحد - التحالف الوطني" حسين عيديد، ورئيس "التحالف لانقاذ الصومال" علي مهدي محمد. وتترافق هذه التطورات مع مؤتمر عام تعقده قبيلة هبرجدر الاحد المقبل للبحث في مستقبل زعامة هذه القبيلة التي يمثلها حالياً عيديد. اعلن في مقديشو الاسبوع الماضي تأسيس حزب جديد باسم "الاتحاد الجمهوري" برئاسة رجل الاعمال عبدالنور احمد درمان. وجاء ذلك مع تراجع نفوذ الفصيلين الرئيسيين التقليديين "المؤتمر الصومالي الموحد - التحالف الوطني" بزعامة حسين محمد فارح عيديد و"التحالف لانقاذ الصومال" بزعامة علي مهدي محمد. كما يأتي الاعلان قبل ايام من عقد مؤتمر شامل لقبيلة هبرجدر التي ينتمي اليها عيديد، وذلك للبحث في مستقبل الزعامة التقليدية للقبيلة وامكان اختيار زعيم جديد غير رئيس "المؤتمر الموحد". ويحمل درمان الجنسية الاميركية، وهو نجل السفير الصومالي السابق في نيويورك احمد درمان الذي كان يُمثل الجنرال الراحل محمد فارح عيديد في واشنطن خلال المعارك الذي خاضها الاخير ضد القوات الاميركية في مقديشو العام 1993. ويقول درمان ان حزبه يهدف الى ايجاد حل سلمي لازمة الصومال، وتأليف حكومة وحدة وطنية ذات قاعدة عريضة، وإخراج كل القوات الاجنبية من البلاد، خصوصاً الاثيوبية الحكومية ومعارضيها من "جبهة تحرير اورومو". وغادر درمان مقديشو اول من امس الى اديس ابابا حيث يحظى بعلاقات جيدة مع المسؤولين الاثيوبيين، وسيجري خلال وجوده في العاصمة الاثيوبية محادثات تركز على مسألة القوات الاثيوبية في الصومال. وسبق له ان زار اثيوبيامرات عدة قبل تأسيس حزبه وبحث في المسألة نفسها خلال تلك الزيارات. ويعتقد مراقبون في مقديشو ان إعلان تأسيس "الاتحاد الجمهوري" في هذه الفترة يُعتبر نكسة سياسية لحسين عيديد، خصوصاً ان درمان كان يعمل الى جانب والده الجنرال الراحل محمد فارح عيديد، وتولى مهمة الاشراف على إصدار العملة الصومالية والتنسيق مع الشركة الماليزية التي كانت تنفذ طباعتها. لكنه اختلف مع عيديد الابن في هذا الشأن، مما شجعه على تأسيس حزب جديد لمنافسته. وينتمي درمان الى قبيلة هبرجدر التي يتزعمها عيديد، ويُعتبر "الاتحاد الجمهوري" اول حزب في قبيلة هبرجدر ينافس عيديد على زعامة القبيلة منذ اختياره على رأسها خلفاً لوالده قبل نحو اربع سنوات. وبدأ درمان تحركه السياسي بقوة الاسبوع الماضي، إذ اعلن ان القوات التي تسيطر على مطار بالي دوغلي الاستراتيجي في الجنوب باتت تحت امرته. وزاد من قوة تحركه إعلان تجار العاصمة الذين تولوا أخيراً طباعة الاوراق المالية الصومالية في ماليزيا تأييدهم لحزب "الاتحاد الجمهوري". وفي المقابل، بدا المركز السياسي لعيديد ضعيفاً، خصوصاً عندما تمردت العناصر التابعة له في منطقة شبيللي السفلى مدينتي مركا الساحلية وقريولي، وذلك بعد هزيمة رفاقهم على ايدي قوات "جيش الرحنوين للمقاومة" في بيداوه قبل حوالي شهرين. الى ذلك، قال محافظ منطقة اقليم شبيللي السفلى مهدي محمد جمعالي انه لا توجد قوات تابعة لعيديد في المنطقة، واكد في الوقت نفسه خلو مدينة قريولي مئة كلم جنوب مقديشو من قوات "جبهة تحرير اورومو" الاثيوبية المعارضة. ويعتقد مراقبون بأن من المبالغة القول ان الحزب الجديد سيحل الازمة الصومالية كما أعلن مؤسسه درمان، لكنه سيُضعف نفوذ عيديد على الاقل داخل قبيلته. وفي هذا الاطار، من المتوقع ان يعقد اعيان قبيلة هبرجدر مؤتمراً شاملاً يبدأ اعماله الاحد المقبل في مقديشو، وذلك لاختيار زعيم جديد بدل عيديد. ومن الصعب ملاحظة اي مؤشرات لما سيسفر عنه هذا المؤتمر الذي سيشارك فيه مثقفون وسياسيون الى جانب الاعيان. ويعمل محمد فارح جمعالي المستشار السياسي السابق لعيديد في التحضير للمؤتمر. وكان جمعالي انشق عن عيديد اخيراً بعدما تردد عن إيواء الاخير قوات من "جبهة تحرير اورومو" الاثيوبية المعارضة من دون ان يستشيره في هذا الامر. وفي إطار الاجتماعات القبلية ايضاً، يُجري أعيان من قبيلة هوية في مقديشو اتصالات من اجل التحضير لمؤتمر عام يتم خلاله اختيار زعيم واحد يمثل القبيلة التي يتفرع منها فرعا هبرجدر بزعامة عيديد حالياً وابغال بزعامة علي مهدي محمد. ويُتوقع ان يعقد هذا المؤتمر في مدينة هرغيسا عاصمة شمال الصومال.