الجزائر - أ ف ب - تتعرض سياسة الوئام المدني التي دعا اليها الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة والهادفة الى انهاء اعمال العنف في البلاد، الى نكسة بعد تجدد عمليات القتل التي طاولت 37 شخصاً في الايام الاربعة الاخيرة ونسبت الى مسلحين اسلاميين. وذكرت صحيفة "لو كوتيديان دوران" امس الخميس ان مجموعة اسلامية مسلحة اغتالت 11 شخصاً قرب رمكة في ولاية غليزان على بعد 300 كلم غرب الجزائر العاصمة. وتأتي المذبحة الجديدة بعد قتل تسعة اشخاص ذبحاً الثلثاء الماضي في تيبازة 70 كلم غرب العاصمة اضافة الى مقتل ثمانية آخرين في هجوم مزدوج شنه اسلاميون مسلحون الاحد الماضي قرب البليدة الواقعة على ابواب العاصمة. إلى ذلك، قتل ستة اشخاص من عائلة واحدة في حلواية قرب البليدة ايضا ليل - الاثنين الثلثاء. ولا تتضمن الحصيلة عدد الاسلاميين المسلحين الذين قتلتهم قوات الامن في الأيام الأخيرة. وتذكر الصحف يومياً عمليات تمشيط تقوم بها القوات الامنية توقع عشرات القتلى، الا انه لم يتم التأكد من ذلك رسمياً. وتؤكد عمليات القتل هذه بعد اسبوعين من الهدوء النسبي تصعيداً واضحاً لأعمال العنف التي ترتكبها جماعات مسلحة ترفض سياسة المصالحة الوطنية والوئام المدني التي يطبقها بوتفليقة منذ انتخابه رئيسا في نيسان ابريل 1999. وكان الرئيس الجزائري الذي جعل من اعادة السلام والامن الى البلاد "أبرز الأولويات" اصدر في 13 تموز يوليو 1999 قانون الوئام المدني ومدته ستة اشهر للعفو جزئياً او كلياً عن اسلاميين مسلحين لم يرتكبوا جرائم قتل او اغتصاب او وضع عبوات ناسفة في اماكن عامة. واعتبر الرئيس الجزائري انه بعد ثمانية اعوام من العنف الذي مارسته الجماعات الاسلامية المسلحة التي اوقعت اكثر من 100 الف قتيل وحوالى المليون ضحية ان "دولة قوية يجب ان تعفو عن ابنائها الضالين والسماح لهم بالاندماج مجدداً في المجتمع". واستجاب "الجيش الاسلامي للانقاذ" الذي يلتزم هدنة منذ عامين لدعوة بوتفليقة وسلم سلاحه وحل نفسه مستفيداً من عفو عام اعلن في 12 كانون الثاني يناير 2000. وفي المقابل، رفضت "الجماعة الاسلامية المسلحة" بزعامة عنتر الزوابري تسليم اسلحتها وكذلك الجماعة السلفية للدعوة والقتال بزعامة حسن حطاب العفو، وواصلتا الاعتداءات وارتكاب المجازر. ومنذ انتهاء مهلة تطبيق قانون الوئام المدني في 13 كانون الثاني يناير الماضي قتل اكثر من 1200 شخص في اعمال العنف في الجزائر أي بواقع 200 شخص شهرياً في المتوسط. ويبدو ان تجدد اعمال العنف يؤكد وجهة نظر معارضي الرئيس الجزائري. فمن جهة، أكد البعض، وبينهم احزاب اسلامية مرخص لها، ان العفو يجب ان يكون كلياً ليشمل كل المجموعات المسلحة دون استثناء. في حين يعارض البعض الآخر، وبينهم جمعيات اهالي الضحايا، العفو عن "قتلة النساء والاطفال" ويطالبون بمحاكمتهم. أما السلطات فتعتبر ان هذه السياسة ناجحة وان اعمال القتل الجارية حالياً هي من افعال "لصوص وقُطّاع طرق".