أجرى مسؤول بارز في وزارة الخارجية الأميركية محادثات مع قياديين في جبهة "بوليساريو" في الجزائر ركّزت على تطورات خطة الإستفتاء في الصحراء الغربية. وجاء التحرك الأميركي في وقت عُقدت في جنيف محادثات تقنية بين المغرب و"بوليساريو" وعلّقت نيكارغوا اعترافها ب"الجمهورية الصحراوية". قالت مصادر رسمية في الجزائر أن مساعد نائب وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الاوسط وشمال افريقيا رونالد نيومان التقى، مساء الخميس، السيد محمد سالم ولد سالك عضو الأمانة الوطنية لجبهة "بوليساريو" وزير الخارجية في "الجمهورية الصحراوية" بحضور سفير "بوليساريو" في الجزائر السيد الصديق ماء العينين. وجاء هذا اللقاء بعد سلسلة من المشاورات التي عقدها نيومان مع مسؤولين في دوائر صناعة القرار الجزائري للبحث في مستقبل الوضع في الصحراء الغربية في ضوء التطورات الأخيرة التي ميّزها تهديد "بوليساريو" باستئناف العمل المسلح في حال عدم فرض مجلس الأمن خطة السلام على طرفي النزاع. وأفاد بيان أصدرته أمس "وزارة الإعلام" في "الجمهورية الصحراوية" في منطقة بئر لحلو في الأراضي التي تسيطر عليها "بوليساريو" أن ولد سالك أبلغ نيومان التطورات التي شهدها الوضع في الصحراء في ضوء تعثر مسار الإستفتاء الذي ترعاه الأممالمتحدة. وذكر البيان أن مسؤول "بوليساريو" عبر عن "رفضه أي خطة أخرى خارج خطة السلام واتفاقات هيوستن التي وقعها الطرفان" سنة 1997. وأضاف ان ولد سالك شدد على "إلتزام بوليساريو التطبيق الصارم والسريع والنزيه لخطة السلام"، لافتاً إلى أن "وقف إطلاق النار في الصحراء مرتبط بتنظيم استفتاء تقرير المصير وفق تدابير خطة السلام واتفاقات هيوستن". وتتهم "بوليساريو" فرنسا بالعمل على دفن خطة السلام في الصحراء من خلال ممارسة ضغوط على عدد من الدول لحضها على تجميد الإعتراف ب "الجمهورية الصحراوية" وتشجيع "حل آخر غير خطة تقرير مصير الشعب الصحراوي". وأبلغ ولد سالك نيومان أن "الشعب الصحراوي ضحية اعتداء إستعماري منذ 1975" ودعا أعضاء مجلس الأمن "بوصفهم هيئة ضامنة لخطة السلام، إلى تحمل كامل مسؤولياتهم للسماح للشعب الصحراوي بممارسة حقه الشرعي في تقرير المصير بصفة كاملة ومن دون تعسف". وأضاف أن مثل هذا القرار - إن إتخذ - سيكون مهماً "لتحقيق سلام عادل ودائم في مصلحة كامل شعوب منطقة شمال غربي إفريقيا". وأفيد أن المبعوث الأميركي أبلغ الصحراويين أن بلاده "لم تغير موقفها في شأن الوضع في الصحراء الغربية". وأكّد نيومان التزام حكومة بلاده وتمسكها بخطة السلام وإتفاقات هيوستن التي وقعها كل من المغرب و"بوليساريو" تحت إشراف وزير الخارجية الأميركي السابق جيمس بيكر. وقالت مصادر قريبة من محادثات نيومان في الجزائر أن الحكومة الأميركية لم تبلور بعد اقتراحات بديلة لاستفتاء الصحراء، وأن الهدف الأساسي لاتصالات نيومان هو معرفة مدى تشبث كل طرف بمواقفه والعمل على الخروج في وقت قريب باقتراحات جديدة تنال رضا الطرفين. واتصلت "الحياة" هاتفياً بسفير "بوليساريو" في الجزائر السيد ماء العينين، فقال أن اللقاء دام قرابة ساعتين وأن الطرف الصحراوي شدد على أن وقف إطلاق النار في المنطقة "مرتبط بالخطة الدولية واتفاقات هيوستن المتعلقة بتنظيم حق تقرير المصير للشعب الصحراوي". وذكر أن اللقاء مكّن ولد سالك من أبراز مواقف "بوليساريو" من تطور الأوضاع في المنطقة وحذر من عواقب "المناورات المحاكة حالياً من أجل القضاء على خطة السلام أو إخراجها من إطارها الهادف إلى تنظيم الإستفتاء وإقرار سلام عادل ونهائي في المنطقة". وتابع ان وفد "بوليساريو" حض المسؤول الأميركي على "بذل جهود أكبر لدى أعضاء مجلس الأمن باعتبارهم الجهة الضامنة لخطة السلام، من أجل التدخل السريع لإغاثة خطة التسوية في الصحراء الغربية قبل فوات الأوان"، وان الوفد الصحراوي أبلغ نيومان أن إستمرار الوضع على هذا الشكل قد يدفع "بوليساريو" إلى "العودة إلى العمل المسلح باعتبار أن وقف إطلاق النار مرتبط بتنظيم إستفتاء تقرير المصير". اجتماع جنيف الى ذلك، تواصلت أمس في جنيف الإجتماعات التقنية بين المغرب و"بوليساريو" بإشراف السفير وليام إيلغتون موفد الأمين العام للأمم المتحدة. وبحثت جولة أمس الجمعة في ملف الطعون وتحديد هوية الناخبين. وأُفيد ان المغرب أعلن رفضه قبول لجنة تحديد الهوية في الصحراء 86 ألف ملف من مجموع 198 ألف ملف قيد الدرس. وأعلن مسؤول في الوفد الصحراوي، في لقاء مع الصحافة في جنيف، رفضه أي حل آخر خارج مسار التسوية الدولية. وقال ان الأممالمتحدة أنفقت حتى الآن 550 مليون دولار لتنفيذ خطة السلام في الصحراء و"يتوجب عليها مواصلة عملها من دون تردد". وفي الرباط، أعلن اينريكي بولانوس غيير، نائب رئيس جمهورية نيكاراغوا، إثر محادثات أجراها مع رئيس الوزراء المغربي السيد عبدالرحمن اليوسفي ان بلاده قررت تعليق اعترافها ب "الجمهورية الصحراوية" إنطلاقاً من احترامها حق الشعوب في تقرير مصيرها، على أساس ان الصحراويين لم يقرروا بعد هل ينضمون الى المغرب ام يُفضّلون الإستقلال. وتُضاف نيكاراغوا بذلك الى نحو عشر دول في إفريقيا وأميركا اللاتينية وآسيا علّقت اعترافها ب "الجمهورية الصحراوية" أخيراً. وفسّرت مصادر مغربية ذلك بأنه يُمثّل "صفعة قوية" لجبهة "بوليساريو".