يسعى أقباط مصر إلى نفض غبار "السلبية" السياسية، وتوسيع مشاركتهم في الانتخابات البرلمانية المقررة في تشرين الثاني نوفمبر المقبل، في إطار مناخ سياسي موات في البلاد، يستهدف أيضاً توكيد دورهم في القرار السياسي والتشريعي. وفي هذا السياق أطلقت الأحزاب إشارات الى ترشيحات منتظرة مهمة على قوائمها، ربما هي الأولى من نوعها التى تتم منذ سنوات طويلة في إطار نظام الانتخابات الفردية، حيث ندر طرح اسم مرشح قبطي، وغالباً ما اتجه هؤلاء الى الترشيح المستقل. وينوي الحزب الوطني الحاكم تقديم مرشحين أقباط رسميين عن الحزب، في مقدمهم وزيرا الاقتصاد الدكتور يوسف بطرس غالي والبيئة الدكتورة نادية مكرم عبيد، إضافة الى آخرين قد يصل عددهم إلى عشرة، وهو الحزب الذي اكتفى دوماً بالاعتماد على حق رئيس الجمهورية في تعيين عشرة أعضاء في البرلمان، يكون ضمنهم أقباط لتعويض نقص عددهم في المؤسسة التشريعية. وتتجه المعارضة من جانبها إلى الاتجاه ذاته. ويقول الامين العام لحزب التجمع اليساري الدكتور رفعت السعيد ان "الاقباط غابوا طويلاً عن الممارسة السياسية وتجب استعادتهم، لتأكيد دورهم التاريخي في النسيج الوطني، وحذف ما تردد لفترة من أفكار غير صحيحة اقتحمت الحياة السياسية المصرية عن وجود تفرقة واضطهاد للأقباط، واستبعاد متعمد لهم". وتتفاوت الأرقام في تحديد عدد الأقباط المصريين، إذ يقدر رسمياً بنحو 4 ملايين مواطن من اصل 62 مليوناً، فيما تشير تقديرات الى ان العدد قد يصل الى 7 ملايين، لكن المؤكد أن مشاركتهم في الترشح والتصويت ستأتي بنتائجها، خصوصا ان انتقادات وجهت الى سلبيتهم، وتقاعسهم عن التعاطي مع الانتخابات. ويحتل الأقباط ستة مقاعد في مجلس الشعب الحالي، جميعهم معينون بقرار رئاسي، ونجح اثنان في دخول مرحلة الإعادة في انتخابات العام 1995، غير أنهما لم يحصلا على الغالبية المطلوبة من أصوات الناخبين، وسط أجواء اتسمت بتوزيع منشورات مضادة مجهولة، تحرض دينياً عليهما، إلا أنهما خاضا معركة عنيفة، كانت مثار جدل واسع امتد لفترة طويلة، فيما نجح مرشح قبطي واحد على قوائم الحزب الحاكم في محافظة الاسكندرية في آخر انتخابات جرت لمجلس الشورى العام 1998. ولا يعكس الضعف النسبي الواضح لمشاركة الأقباط السياسية في دوائر القرار، حقيقة تأثيرهم المجتمعي، إذ أنهم يمثلون في الوقت ذاته ثقلاً اقتصادياً مؤثراً في البلاد، وثمة من يتحدث عن سيطرتهم على نحو خمسة وعشرين في المئة من رأس المال العامل في السوق المحلية، فضلاً عن سيطرة شركة للهاتف المحمول يملكها أقباط على حركة الأسهم في البورصة المصرية. ويشار إلى دعوات أطلقتها تنظيمات في المهجر، بعد الأحداث الاولى في قرية الكشح جنوب مصر، وثار في شأنها جدل عن اضطهاد ديني للمسيحيين، طالبت تخصيص نسبة من مقاعد البرلمان للأقباط، غير أنها لم تلق استجابة داخل مصر، بل جاءت بنتائج عكسية تحذر من زرع بذرة فتنة طائفية حقيقية. وأكدت المرجعيات القبطية استنكارها تلك المطالبات، لكنها في الوقت ذاته أكدت ضرورة التعاطي الإيجابي من الحزب الحاكم وبقية الفعاليات السياسية مع ملف ترشيح الاقباط في الانتخابات العامة.