غابت مشاهد الوحدة الوطنية، التي تجلت في ميدان التحرير خلال أيام الثورة وسرعان ما عاد التوتر بين عنصري الأمة يطفو على السطح لتقع حوادث طائفية عدة بدأت بحرق كنيسة أطفيح في الجيزة وتبعها وقوع صدامات في ضاحية امبابة الشعبية بسبب فتاة اعتنقت الإسلام، واخيراً الاشتباكات الدموية قبل أسبوعين أمام مبنى اتحاد الاذاعة والتلفزيون (ماسبيرو) في القاهرة ما أثار القلق على مستقبل التعايش بين مسلمي وأقباط مصر بعد الثورة. وإذ كان الأقباط آثروا التقوقع في العهد السابق وشكوا من «التهميش والاضطهاد» فإن إحجام القبطي عن الترشح لعضوية البرلمان الجديد يكرس انسحاب الأقباط عن المشهد السياسي بعد الثورة، وبدا دفع الأحزاب للأقباط في قوائمها بمثابة «ذر للرماد» في عيون المنتقدين لغياب الأقباط عن الساحة. واظهرت قوائم الترشيح التي أعلنت أن «عدد الاقباط الذين سينافسون على مقاعد برلمان بعد الثورة لن يتعدى العشرات وهو رقم هزيل جداً، علماً أن عدد المرشحين في الانتخابات البرلمانية قارب 13 الفاً ما يرجح ألا تتعدى نسبة مشاركة الأقباط في صنع القرار ال 1 في المئة. وجاء تحالف «الكتلة المصرية»، الذي يضم ثلاثة أحزاب (المصريون الأحرار والتجمع والمصري الديموقراطي)، في صدارة الترتيب حيث رشح 18 قبطياً ورشح «الوفد» 6 بينما يخوض 5 مرشحين اقباط على المقاعد المخصصة للمنافسة وفق النظام الفردي. وجاء تمثيل الأقباط في «التحالف الديموقراطي» الذي يقوده حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للإخوان المسلمين هزيلاً جداً، رشح قبطيين فقط هما القيادي في حزب «الكرامة» أمين اسكندر والقيادي في حزب «الغد» سامح سلوان، كما رشح حزب «الوسط» قبطيين. وأعاد المستشار القانوني للكنيسة نجيب جبرائيل غياب الأقباط إلى «الحوادث الطائفية واستمرار الاضطهاد الذي يتعرضون إليه منذ سقوط النظام السابق»، مشيراً إلى أن الأحداث الاخيرة «أوجدت شعوراً لدى الاقباط بالعزلة»، مرجحاً «ضعف المشاركة القبطية حتى في يوم الاقتراع». وحمّل منسق عام «التحالف الديموقراطي»، الذي يقودة «الإخوان»، الدكتور وحيد عبدالمجيد الكنيسة المصرية «مسؤولية عزل الأقباط عن المشاركة السياسية»، وقال ل»الحياة» «ان الطريقة التي تتعامل بها الكنيسة مع رعاياها تجعل الأقباط في مصر أكثر انتماء اليها (الكنيسة) من انتمائهم للدولة المصرية».